يدخل نفتالي بينيت المعركة المعتادة قبيل كل انتخابات، بعد أن استجمع كل كوامن الدهاء والخديعة، ليحقق صورة انتصار، ويحل مأزق الحكم داخل الكيان، حيث أصبح الناخب الإسرائيلي عندهم في أقصى درجات التطرف، وأصبحت العملة المقابلة لأوراق الانتخاب هي دماء الفلسطينيين وأشلائهم.
لكنه، وبهلع المنهزم، يعلن بأنه لا يستهدف حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ويستجدي قادتها بعدم التدخل. وهو اعتراف واضح بأن الكيان وترسانته وحكوماته المتتالية، لم يعد باستطاعتها مواجهة الحركة، فهو يبحث عن صورة انتصار فقط.
وأرادها عملية جراحية محدودة، لكنه مثل الطبيب الذي يقوم بتخدير موضع في مكان ويجري العملية في مكان آخر.. فجرح فلسطين واحد، ودم أبنائها واحد، وإذا عجزت حركة الجهاد على إلحاق الهزيمة بالعدو، فلا أعتقد أن بينيت سيرى صورة انتصار، وستبقى ضبابية عند الناخب عندهم، لتتحول إلى هزيمة مضاعفة.
لقد أدرك العدو وهو يعلن رفع الراية البيضاء أمام حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بتحييدها عن المعركة، أن الانتصار لا يحققه تفوق القوة وأن الهزيمة يحددها توازن الرعب. فهو ليس بحاجة لأن يضاعف الأزمة داخل مجتمعه. ويسمح للحركة أن تكشف عن ترسانتها الجديدة المتطورة.
هاته الأخيرة التي أعلنتها صراحة بأن المعركة القريبة القادمة هي معركة التحرير، التي تحول صناديق الانتخاب إلى صناديق حفظ الجثث. وتحول تل أبيب إلى مدينة أشباح، لتصبح أكبر نقطة ترحيل في العالم للاجئين الفارين.
إن صورة قيادة الحركة على منصة الاستعراض في الجزائر، وتحركات قياداتها الدبلوماسية في عدد من الدول، والتشبيك الذي تقوم به في العلاقات في خضم الاستقطاب السياسي بعد أزمة أوكرانيا، لتصبح حجراً أساساً في تشكل الخريطة السياسية الجديدة.
إن هذا التأني وضبط النفس لدى قيادتها، وقد عودتنا بالمبادرة في كل الحرب، وهي تستأنس بحلفائها، وتستجيب أحياناً للوساطات، سيدخل الاشتباك القادم في معادلة جديدة وبفواعل جديدة.
فحماس ليست بحاجة إلى ربح المعركة، وإنما هي تستعد للانتصار في الحرب التي تعد لها عبر محور القدس. أما الأرواح والخسائر والدماء فهي ضريبة النصر، وتبقى الأمة كلها مدينة لأهلنا في غزة بكل ما تستطيعه من دعم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.