بايدن يغرس وبوتين يقطف.. هل تسقط أوروبا بحلول الشتاء القادم؟

تم النشر: 2022/08/08 الساعة 12:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/08 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش
وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف، ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن/رويترز

كان الرئيس بايدن حريصاً على أخذ جميع الألوان القاتمة في جولته إلى الشرق الأوسط بهدف "تسويد" صورة إيران ونظامها عن قرب، فعاد في نهاية الرحلة يحمل ملفاً طبياً حول إصابته بفيروس كورونا!

بايدن تعدى تقديم السواد الذي تُلصقه أمريكا عادة بالنظام الإيراني، إلى تقديم صورة أشد قتامة عن نظام موسكو عبر استرساله في ملف الطاقة تحديداً، فبدا الرجل منتشياً بالانتصار، وهو يبعث برسائل مشفرة في قمة جدة باتجاه الكرملين على أن الغرب يكسب معركة التحالفات، وأن ثروات الشرق الأوسط وأموال الخليج باتت في "جيب" الولايات المتحدة الأمريكية!

إلا أن مكالمة محمد بن سلمان ولي عهد السعودية مع الرئيس بوتين مباشرة بعد القمة بعثرت الكثير من أوراق الضيف الأمريكي بخصوص تراص المجموعة الدولية ضد ما تفعله روسيا داخل أوكرانيا!

وكذلك فعل معظم الحاضرين العرب عبر تبادل رسائل مع الرئيس الروسي، حتى إن بعض العبارات أظهرت أن منسوب الشهد بين روسيا ودول الخليج يفوق كميات العسل "المغشوش" الذي يطبع علاقة أمريكا بدول الخليج والتي غالباً ما تقوم على الابتزاز والانحياز المفضوح لصف إسرائيل، أكثر منها على التشاركية في التعاون والاحترام المتبادل.

مع ذلك يبقى أجمل ما في جولة الرئيس بايدن إلى المنطقة أنه غادرها دون إحداث شوشرة جديدة خلفه تعيد ترتيب بيت الخليج الخارج لتُوّه من قطيعة أحدثتها زيارة سلفه ترامب سنة 2017 وانتهت بتحريك إعصار سياسي كاد يقود إلى محو إمارة قطر العربية على يد جيرانها العرب.

يقول عارفون بخبايا الحروب والاقتصاد إن إصرار الغرب على معاقبة روسيا هو عملية عبثية مجنونة، من شأنها أن تُنزل العقاب بالعالم جميعه، وإن أكثر من يتأذى من تبعاتها هو الغرب نفسه.

فمن الحماقة معاقبة بلد يمسك بيده مفاتيح الطاقة وسلّة غذاء العالم. الاحتكام إلى هذا المنطق في معركة كسر العظام بين أمريكا والدب الروسي سينتهي لا محالة بتهشيم ضلوع أوروبا وهي "العجوز" التي لا مفر لها من مصير "القربان" المحتوم. وآجلاً أو عاجلاً ستأخذ موضع حبّة الكرز على كعكة التفاوض بين الروس والأمريكان مثلما حدث في آخر حرب عالمية قبل 70 سنة.

وقد بدأت التحضيرات لذلك فعلياً، وأصبحت معه مسألة انشطار "الاتحاد" الذي يجمع دول القارة الأوروبية على رأس المعروضات في المزاد الذي تديره واشنطن بدهاء وحسابات نفعية دقيقة.

خسارة الأوروبيين اتضحت أكثر من يوم ظهور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يستمتع بتسكعه في شوارع العاصمة، كييف إلى جانب الرئيس زيلينسكي، في تحدٍّ للقوة العسكرية الروسية حول إبداء تضامن الاتحاد الأوروبي ومن ورائه الناتو مع أوكرانيا، وأول ما عاد "المصرفي" إلى الشانزيليزيه فوجئ بقرار موسكو وقد أدارت توربين الغاز في الاتجاه الآخر وقد تمنعه نهائياً عن باريس!

وتلك صفعة ثانية لفرنسا بعد استقبال الطاولة "الكيلومترية" التي قدّمت ماكرون للرأي العالمي في صورة غير المجرب، الغر.

الرئيس ماكرون الفاقد للخبرة يكون قد تم تغليظه بتقمص دور البطل في سفريته أول مرة إلى موسكو، عاد ليقع في الخطأ ثانية بالظهور في شوارع العاصمة كييف على طريقة ظهوره بالعاصمة بيروت في تفجير المرفأ، وكأنه الحاكم الفعلي للبنان، خاصة أن الروس ليسوا ممن تدفعهم الكوميديا الغربية على إظهار أسنانهم بالابتسام، بخلاف فلوديمير زيلينسكي الذي أحرق المسرح تحت قدميه في تنفيذ الرقصات الأمريكية المطلوبة، حتى امتد المشهد إلى إشعال أوكرانيا برمتها!

قد يكون مستشار ألمانيا الجديد شولتز قد أدرك مدى خطورة اللعبة، خصوصاً وهو يرى بأم عينيه ذوبان زميله بوريس جونسون واختفائه كلياً من المشهد السياسي، لذلك أصبحت ألمانيا تفضل الذهاب إلى التفاوض على خيارات المقاطعة والعقوبات، وكذلك اقتنعت المجر بمسارعتها في كسب وُد الروس عبر طلب المزيد من الغاز، وقبلها رضخت بلغاريا ورومانيا في الدفع تحت الإكراه "كاش وبالروبل"، إيماناً منهم أن معاداة روسيا هي بمثابة وضع حرفي لحبل المشنقة في رقبة اقتصاد بلدانهم!

يحدث هذا مع تسارع رهيب للأحداث، في انتظار السيناريو المرعب بقدوم فصل الشتاء في الطريق، وتلك معركة حاسمة يقول متابعون إنها قد تنتهي بتجميد شعوب الاتحاد الأوروبي، وليس اقتصاد القارة العجوز فحسب؛ ما يدفع بالمتضررين إلى التفكير مليّاً لإيجاد بدائل "التسخين" من الآن!

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالرحمن شايبي
كاتب وإعلامي
تحميل المزيد