عاثت الولايات المتحدة الأمريكية فساداً في الشرق والغرب، والشمال والجنوب، ولم تتبقَّ بقعة في المعمورة إلا وصلها الخراب بسبب أمريكا، وكأنها تملك الحق في ذلك، وسط عالم من التبعية لا يفعل شيئاً لإيقاف هذه العنجهية. وأحدث هذه الفتن هي تحركات بيلوسي نحو تايوان بترتيب الاستخبارات الأمريكية، لأنها تريد إضعاف قوة الصين المتنامية، وذلك من خلال استنزاف قوتها في حرب مع تايوان، يكون المستفيد منها فقط الولايات المتحدة.
صنعت الصين نهضتها، وأصبحت قوة اقتصادية عظمى، إن لم تكن الأقوى فعلاً، من خلال غزو منتجاتها لمختلف الأسواق، ولهذا السبب أصبحت العدو الثاني بعد روسيا للولايات المتحدة، ولأن الولايات المتحده فشلت في المنافسة في الأسواق، بدأت تبحث عن توريط الصين في حرب بدون أن تدخلها مباشرة، ويبدو أنها وجدت ضالتها في تايوان، التي ستكون أكبر الخاسرين إذا دخلت في حرب نيابة عن غيرها.
قبل تايوان بذلت الاستخبارات الأمريكية جهوداً ضخمة من أجل توريط روسيا في حرب تستنزف قدراتها، وذلك من خلال بثّ الفتنة بين الجيران الروس والأوكران، وفعلاً وقعت الحرب التي أصبحت تؤثر يومياً على مختلف دول العالم، التي تعتمد على صادرات هذه الدول، ليس ذلك فحسب، بل إن استمرار هذه الحرب هو مؤشر خطير على إمكانية استخدام الأسلحة النووية المُدمِّرة، وبالتالي قيام حرب عالمية ثالثة.
ويدفع المدنيون الأوكران ثمن الحرب، حيث يسقط يومياً العديد من الضحايا، كما يخسر البلد أيضاً يومياً جزءاً من بنيته التحتية، التي كلفتهم كثيراً عندما إقامتها، وعندما تنتهي الحرب ستكون أوكرانيا منهكةً اقتصادياً، وتحتاج إلى زمن طويل من أجل استعادة عافيتها، فهل كان عليها أن تخوض الحرب نيابة عن الولايات المتحدة؟
كما كشفت الحرب الأوكرانية عن تبعية دول أوروبا الغربية للقرار والهيمنة الأمريكية وكأنها ولي الأمر، رغم أن دول أوروبا قوية عسكرياً واقتصادياً، ولكن الهيمنة الأمريكية تفوق القوة الأوروبية، حتى لو كانت عكس مصالح أوروبا، التي قد تدفع الثمن في الشتاء القادم.
وفي أفغانستان تنفذ أمريكا هجمات صاروخية داخل أراضي دولة مستقلة، وهذا هو النموذج الأمريكي الطبيعي، حيث تنتهك الدول الضعيفة، وتقتل فيها دون حسيب ولا رقيب، في وقت غابت فيه القوانين الدولية، والمنظمات التي يفترض أنها مرجعية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
في المنطقة العربية عاثت الولايات المتحدة فساداً في العراق، ومكّنت فيه قوى القتل، من عصابات لا تمتلك أي أفق للنهوض بالعراق، ولذلك، وبينما يعتبر العراق أحد أغنى الدول العربية من حيث الثروات، إلا أنه وبفضل جهود الولايات المتحدة أصبح الأكثر فقراً، ويعاني المواطن فيه الأمرّين يومياً من أجل تدبير القليل من قوت الحياة.
بينما تعمل الولايات المتحدة يومياً على دعم كيانها الصهيوني بكل ما يمكن من وسائل الدعم والتمكين السياسي والاقتصادي والعسكري، وقد لجأت لتنفيذ برنامج التطبيع لزرع الفتن وبث الفرقة بين أبناء القومية العربية الواحدة. ومن المؤسف أننا في المنطقة العربية لا نجيد أكثر من دور المتابع المنفذ بصمت لكل التعليمات التي تزيد من عوامل الفرقة والتخلف.
يمارس الاحتلال الإسرائيلي قتل الفلسطينيين الأبرياء يومياً، وأحدث جرائمه قتل تيسير الجعبري وبمعيّته عشرة فلسطينيين، من بينهم طفلة عمرها خمس سنوات، ومباشرة تُقدم الولايات المتحدة لها الحماية والغطاء بالتصريحات، حيث خرجت علينا بتصريح بأنه من حق الاحتلال الدفاع عن نفسه، بينما هو في الواقع يمارس الإجرام والقتل وليس الدفاع عن النفس.
الحروب التي تقوم بها الولايات المتحدة ليست فقط عسكرية، فهي تحارب الثقافات المختلفة بدعمها لكل شيء مخالف لثقافات الآخرين، فمثلاً أمريكا هي الداعم الأبرز لحقوق المثليين، وهي الثقافة التي تتناقض مع الفطرة البشرية والأديان، وقد تسببت إلى الآن في انتشار مرض جدري القرود في العالم، حسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
الديمقراطية الأمريكية مجرد كذبة تُخفي خلفَها وجهاً قبيحاً يُصدِّر الإجرام والقتل إلى مختلف دول وقارات العالم، خاصةً مناطق الثروات، ويدعم قوى الشر، وأصبح كثير من البشر ينتظرون بلهفة حدوث حرب عالمية ثالثة، قد تنتهي معها نظرية القطب الأول الذي تفرّد بممارسة البلطجة والتشبيح ونشر الظلم والعنف في العالم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.