أعلنت رئاسة الجمهورية استحداث مرسوم تنفيذي يخص 298 شخصاً مسجونين في أحداث التسعينيات التي شهدتها الجزائر، وهو قرار تبنّاه الرئيس تبون منذ توليه سدّة الحكم، بهدف إنهاء كل ما يعكر صفو بناء جزائر جديدة قوية بعيدة كل البعد عن الصراعات والفتن.
وبخصوص هذا المرسوم التنفيذي الذي سيكون مكملاً لإجراءات التهدئة وقانون الوئام المدني والمصالحة الوطنية، فقد صدر ضمن إجراءات التهدئة التي تبنّتها السلطات العليا في الجزائر في إطار مشروع لمّ الشمل الذي أعلنت عنه الرئاسة، شهر مايو/أيار المنصرم، ومن المنتظر أن يمر هذا المرسوم على كل من يعنيه الأمر، إضافة إلى استشارة الهيئة التشريعية.
ولاقى هذا القرار استحسان الطبقة السياسية، وخاصة الأحزاب الإسلامية، التي رحّب بعضها بالقرار، في انتظار تعقيب باقي الأحزاب والتشكيلات والشخصيات السياسية على هذا القرار، الذي يعتبر تاريخيّاً، خاصةً أنه يخص أكبر ملف شائك عرفته الجزائر، وهو ملف السجناء السياسيين زمن التسعينيات، وزمن الفتنة والعشرية السوداء التي أريقت فيها دماء كثيرة.
وخاصة أن الملف كان في بعض الأحيان محل متاجرة من الذين تربطهم بالجزائر خصومات سياسية، لتشويه البلاد وتلويث سمعتها على الصعيد الخارجي، بحجة ملف التسعينيات وسجناء التسعينيات، فتسوية هذا الملف تغلق الباب أمام المزايدات وأمام كل الطرق التي ينتهجها البعض في تعكير صفو الجزائر والجزائريين.
ويعتبر هذا القرار جرأة كبيرة وقوة في الحسم من طرف السلطات العليا في البلاد، ويحسب هذا للرئيس تبون، الذي بفضل مشاوراته ستنتهي آخر آثار العقد الأسود الذي مرّ بالبلاد وكاد يعصف بها نهائياً، لولا القدرة الإلهية ووقوف الشعب والجيش الجزائري في وجه العواصف التي كانت تهدد وجود الدولة، وخاصة أن الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أعلن عن تصفية "آخر مجموعة إرهابية" تنشط بجبال سكيكدة، شهر مارس/آذار الماضي.
ويؤكد هذا القرار النية السليمة للسلطات العليا في الجزائر، على إرادتها الحقيقية في طيّ الملف والذهاب نحو البناء الحقيقي للدولة الجزائرية، التي تجمع جميع أبنائها دون تفريق أو تمييز أو تباين، إلا من أبى إلا أن يكون من المتورطين في قضايا ضد الوطن والجيش والدولة، أو المدفوعين من دول أخرى للإضرار بمصلحة البلاد.
وتعيش الجزائر هذا العام تحديداً أجواء استثنائية، بنشاط خارجي ملحوظ، وفاعلية سياسية في الملفات الإقليمية والدولية، بما ينعكس على المواطنين بالفرح والسرور والفخر بالدولة، التي شهدنا إحياءها الذكرى الستين لاستقلالها النهائي عن فرنسا، باستعراض عسكري، وهذا لم يعش الجزائريون مثله من قبل، وبحضور شخصيات وسياسيين وقادة، وبجمع الأضداد المتخاصمين، الشيء الذي عبّر عن قوة وعظمة الجزائر والجزائريين والجيش الوطني الشعبي، وعبر كذلك عن مدى ارتباط الشعب الجزائري بوطنه، وكذلك النجاح الباهر الذي عرفته ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وهران 2022، والتي لاقت احتفاءً مميزاً، بقوة الإنجاز وحسن التنظيم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.