“هل سيعذبني الله بسبب أفلامي؟”.. تجربتي مع الإصابة بورم في المخ

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/12 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/12 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش

مرت سنوات العمر سريعاً، ووجدت نفسي أقترب من الأربعين، فقررت الاهتمام بصحتي أكثر حتى لا أذبل سريعاً، وقبل أن أصل إلى الأربعين بأيام قليلة فوجئت بوجود خدر (تنميل) في النصف الأيسر من وجهي استمر معي لمدة شهر، قبل أن أتوجه لطبيب مخ وأعصاب شَخَّص حالتي على أنها التهاب بسيط في العصب السابع، قبل أن يكتب "روشتة" العلاج التي تضمنت 7 أنواع من الأدوية. 

أصابني عدد الأدوية الكبير بقلق زادت حدته عندما انتهيت منها ولم تتحسن حالتي، فذهبت لطبيبٍ آخر شخص الحالة على أنها التهاب في العصب السابع والخامس، وتكرر الأمر مرتين مع الأدوية، فقررت تغيير المشفى والتوجه لآخر، ونجحت في إقناع الطبيب بعمل أشعة على المخ كما نصحني طبيب علاج طبيعي.. وكانت الصدمة!

ما أن انتهيت من عمل أشعة الرنين المغناطيسي على المخ حتى جاءني فني الأشعة وقال لي إن الأطباء ينصحون بعمل ما يسمى بـ"أشعة رنين مغناطيسي بالصبغة" لكي تظهر تفاصيل أكثر للمخ.

ارتبكت وحاولت أن أفهم ولكن دون جدوى، وحتى عندما ذهبت لأتسلم نتيجة الأشعة في اليوم التالي رفض فني الأشعة أن يطلعني على النتيجة وقال لي: "هتسلم الأشعة والتقرير للدكتور بتاعك وهو هيفَهّمك". 

استسلمت لرفضه الإفصاح عن النتيجة وتركته وأنا أشعر بالخوف، وتوجهت لصيدلية قريبة من منزلي، وطلبت من الطبيب الصيدلي أن يترجم لي التقرير فحاول ولكنه فشل، أو هكذا قال لي. 

تركته وتضاعفت مخاوفي، فراسلت صديقاً لي مصرياً يعمل طبيباً في إنجلترا، لأستفسر منه عن الأمر، فقرأ التقرير وقال لي إنني مصاب بورم في المخ. ولولا أنني أثق في أخلاق هذا الطبيب وكفاءته وأعرف أن تلك الأمور لا تحتمل المزاح لما صدقته.

هل أصبحت أيامي في هذا العالم معدودة؟

ألح عليَّ السؤال وظل يطاردني وأنا عاجز عن تصديق أن تكون نهايتي بتلك الطريقة الدراماتيكية الأقرب لفيلم سينمائي منها للواقع.

نحن جميعاً نعلم أن العمر قد ينتهي في أي وقت ودون مقدمات، نعلم ذلك جيداً، ولكن عندما أخبرني الطبيب أنني مصاب بهذا الورم، صُدِمت وارتبكت واختل توازني، ووجدت نفسي محاصراً بعددٍ هائلٍ من الأسئلة:

هل سأموت قريباً؟

هل سأموت بتلك الطريقة؟

ماذا سيحدث لي بعد الموت؟ 

وماذا سيحدث للآخرين الذين هم جزء من حياتي وأنا جزء من حياتهم؟

هل سيعذبني الله؟

هل أستحق العذاب أم أنني كنت إنساناً طيباً؟

هل أحذف أفلامي وفيديوهاتي من موقع يوتيوب؟ أم أن الله لن يعذبني بسببها؟ 

وماذا عن الكلمات الـ100 ألف التي كنت أفتخر بكتابتها بين المواقع الإلكترونية والكتب؟

هل سيتذكرني أحد بعد وفاتي؟ وما فائدة أن يتذكرني أحد وأنا في عالم آخر؟ 

هل سيحزن الآخرون عندما يعلمون بمرضي؟ وما فائدة ذلك أيضاً؟

ما الذي يجب عليَّ فعله وأنا أشعر أن النهاية قد اقتربت؟

أسئلة لا متناهية تدغدغ رأسي المريض فيصيبني الصداع وأعجز عن النوم، ولا أجد أمامي سوى الأفكار السوداء تحاصرني، وأكاد أستسلم ويقتلني الخوف قبل أن يقتلني الورم.

أسئلة صعبة ومُربكة كان يجب عليَّ أنا أسألها وأفكر في إجاباتها قبل أن أعرف أنني مصاب بورم في المخ.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد شريف
صانع محتوى متخصص في السينما والفن
صانع محتوى متخصص في السينما والفن
تحميل المزيد