"الكثير" و"القليل" ليستا كلمتين إيجابيتين ولا سلبيتين إلا بربطهما بنوع ما يشيران إليه؛ فاحذر من التعميم بأن كل "كثير" خير أو شر. وإليك مجموعة من المقارنات خَبَرْتُها مباشرة أو بطريق غير مباشر، وأظن أنها صحيحة:
- تقرأ قليلاً، تظن أنك عالم محيط بكل تفاصيل ما تقرأ عنه؛ تقرأ كثيراً توقن بأنك جاهل وأنك كلما قرأت زدت جهلاً لا علماً.
- تفكر قليلاً في علاقتك المضطربة بزوجتك، تقرر تطليقها؛ تفكر كثيراً، تُرْزَق الصبر عليها وربما تحبها وتلتمس لها العذر. وكل ما سبق ينطبق على الزوجة كذلك.
- تفكر قليلاً في مشاكل الدراسة، تكرهها ولا تجد لها نفعاً في أوساط تكسب الراقصة فيها في "هزة وسط" ما يكسبه طبيب أو مهندس أو مدرس في شهر كامل؛ تفكر كثيراً، تميز بين الغث والسمين وتركز في دراستك.
- تذهب للمتاجر قليلاً، تشترِ (أو تتمنَّ أن تشتري) كل ما تشتهيه (وليس بالضرورة ما تحتاجه)؛ تذهب كثيراً، تقل رغبتك في شراء الأشياء التي لا تحتاجها وتدرك أنك كنت على خطأ.
- تتعبد لله قليلاً، يهمس لك الشيطان بأنك فعلت فعلاً عظيماً يخولك حق النظر بدونية لمن لا يتعبدون تماماً أو لا يواظبون على العبادة؛ تتعبد كثيراً، تدرك أن ما فعلته لا يكفي لإظهار شكر الله على نعمه وتخجل من نفسك وتدعُ لمن لا يتعبدون بالهداية بدلاً من تأنيبهم واحتقارهم.
- تفكر قليلاً في عملية الخلق، تصل لنقطة "من خلقَ من خلقنا؟"، ثم تقف بين الإلحاد والإيمان؛ تفكر كثيراً، تصل لليقين بأن الطريقة التي نُعْمِل بها عقولنا لا تصلح لكل شيء، وأننا جاهلون حتى بما يحرك أجسامنا وما يقبع داخلها من آلاف الأعضاء وتنويعاتها ومليارات الخلايا بها، وأن كل هذا لابد أن يكون له خالق حتى وإن لم نعلم شيئاً عنه. فكر كثيراً، تؤمن وتتيقن.
- تنخرط قليلاً في السياسة، تصِر عصبياً ذا صوت عالٍ ونبرة متسلطة مع عدم احترام الرأي الآخر؛ تمارس السياسة كثيراً، ينخفض صوتك وتصبح حكيماً وتقترب من الدبلوماسية وتحترم (أو تحاول إظهار الاحترام) للرأي الآخر.
- إن تعِش خارج بلدك قليلاً في دولة أرقى، تكره بلدك؛ وإن تعِش في الدول المتقدمة كثيراً، تحب بلدك وتتمنَّ العودة لها على ما هي عليه وقلبك يدعو لها بصلاح الحال.
- تختلط بجنسيات مختلفة قليلاً، ربما تكرهها أو تنبهر بها؛ تختلط كثيراً، تظهر لك العورات ويزول الانبهار أو تزول أسباب الكراهية وتدرك أن الكل بشر جدير بالاحترام مهما اختلفتَ معهم أو عنهم.
- إن تقُدْ السيارة أو تستخدمها كثيراً، تصعب عليك كل المسافات بدونها، حتى وإن قَرُبَت؛ وإن تقُدْ أو تستخدم السيارة قليلاً (فيما يستحق فقط)، تهُن عليك المسافات حتى وإن بَعُدَت.
- تصرخ كثيراً في وجه من تتعامل معهم، يقل احترامه لك، ويفقد صوتك قيمته، وتقل هيبتك؛ تصرخ قليلاً فيما يستحق فقط، يهابك الناس حيث تجب الهيبة، ولا يستهين بك من يظن بك ضعفاً.
- تأكل كثيراً، تنم كثيراً، وتُصَب بالخمول والبِطَنة وقبح المظهر؛ تأكل قليلاً، تعِش سليم البدن والعقل.
- تمارس الرياضة كثيراً (وكثيراً هنا تعني الاستدامة)، وخاصة الرياضة التي تركز على تحسين أداء عضلة القلب (مثل المشي والركض)، تتحسن صحتك بشكل عام، وتنَم نوماً أعمق حتى وإن قصرت مدة النوم؛ تمارس الرياضة قليلاً أو لا تمارسها على الإطلاق، تصِر بديناً كسولاً حتى وإن لم تأكل كثيراً، خاصة مع دخول مرحلة الأربعينيات من العمر التي تنخفض فيها قدرة الجسم على حرق الدهون.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.