أنقذ اليابان من أزمة اقتصادية وأعاد بناء جيشها.. إرث شينزو آبي الذي اغتيل بالرصاص علناً

عدد القراءات
1,093
عربي بوست
تم النشر: 2022/07/12 الساعة 11:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/12 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي/ رويترز

في انتخابات أُجريت بعد يومين فقط من اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي، حصل تحالف الحزب "الديمقراطي الليبرالي" و"كوميتو" على 76 مقعداً واحتفظ بالأغلبية في انتخابات مجلس الشيوخ. وفي إعلان فوزهم، ظهر رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا وغيره من المديرين التنفيذيين في الحزب الليبرالي الديمقراطي أمام وسائل الإعلام مرتدين ربطات عنق وفساتين سوداء إلى جانب شرائط الحداد، ووقفوا دقيقة صمت على آبي.

قُتل شينزو آبي بالرصاص في مدينة نارا بغرب اليابان، بينما كان يلقي خطاباً في إطار حملته الانتخابية. كان آبي قد خدم فترتين منفصلتين كزعيم للحزب الديمقراطي الليبرالي؛ الأولى من عام 2006 إلى عام 2007 قبل أن يستقيل لأسباب صحية، ثم مرة أخرى من عام 2012 حتى عام 2020. وكانت الفترة الثانية التي قضاها هي أطول فترة متتالية لرئيس حكومة ياباني.


في كُتب التاريخ وأروقة السياسة، لن ينسى ما أقدم عليه آبي من تعزيز للإنفاق الدفاعي الياباني، ودفعه التحول الأكثر دراماتيكية في السياسة العسكرية اليابانية منذ 70 عاماً.

في عام 2015، أقرت حكومته "إعادة تفسير" لدستور اليابان السلمي لما بعد الحرب، مما سمح للقوات اليابانية بالاشتراك في قتال في الخارج -بشروط- لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.

جادل آبي بأن التغيير ضروري للتكيف مع التحديات الأمنية المتصاعدة، في إشارة إلى تصاعد الخطر الصيني، وتصاعد وتيرة الاختبارات الصاروخية من كوريا الشمالية.

رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي/رويترز
رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي/رويترز

خلال فترة ولايته، سعى آبي إلى تحسين العلاقات مع بكين وأجرى مكالمة هاتفية تاريخية مع الزعيم الصيني شي جين بينغ في عام 2018. وفي الوقت نفسه، حاول مواجهة التوسع الصيني في المنطقة من خلال توحيد حلفاء المحيط الهادئ.

بعد تركه منصبه، ظل آبي رئيساً لأكبر فصيل في الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم وظل مؤثراً داخل الحزب. وقد واصل حملته من أجل سياسة أمنية أقوى وأغضب الصين العام الماضي بدعوته إلى التزام أكبر من الحلفاء بالدفاع عن الديمقراطية في تايوان. ورداً على ذلك، استدعت بكين سفيرَ اليابان واتهمت آبي بالتحدي العلني لسيادة الصين.

شينزو آبي على المسرح العالمي


كان آبي شخصية بارزة على المسرح العالمي، وأقام علاقات قوية مع واشنطن -الحليف التقليدي لطوكيو منذ نهاية الحرب العالمية الثانية- وحاول بناء علاقة شخصية مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وسافر إلى نيويورك للقاء الرئيس الجمهوري المنتخب حديثاً بينما كان الرئيس السابق باراك أوباما لا يزال في منصبه.
وخلال ذلك الاجتماع "غير الرسمي" في عام 2016، وهو الأول لترامب مع أي زعيم عالمي، أشاد آبي بالتحالف الأمريكي- الياباني وقال إنه يريد "بناء الثقة" مع الرئيس الجديد. ولقد أيَّد بشدة موقف ترامب المتشدد الأولي بشأن كوريا الشمالية، والذي يطابق ميول آبي المتشددة تجاه الخطر الكوري.

 
ولكن مع تحول علاقة واشنطن مع بيونغ يانغ نحو الدبلوماسية، حيث عقد كل من ترامب والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، قمماً تاريخية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، بدا أن آبي مهمَّش.


ولم يتم تحديد موعد لقاء بين آبي وكيم، وفي سبتمبر/أيلول 2019، قال الزعيم الياباني إنه لا يزال "مصمماً" على مقابلته. وأراد آبي تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية وتخفيف التوترات في شبه الجزيرة الكورية، لكن أولويته الأولى كانت تحقيق بعض التفاهم بشأن عائلات المواطنين اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية في السبعينيات والثمانينيات.
وخلال فترة ولايته، توترت علاقات اليابان مع كوريا الجنوبية. وكان البلدان منخرطين في نزاع كبير تم فيه إلغاء صفقات التجارة والاستخبارات العسكرية، ويرجع ذلك جزئياً إلى إرث الحرب العالمية الثانية والاستعمار الياباني الوحشي لشبه الجزيرة الكورية.

أبينوميكس


تولى آبي منصبه خلال فترة الاضطراب الاقتصادي وسرعان ما شرع في إعادة تنشيط الاقتصاد الياباني بعد عقود من الركود. وبعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه رئيساً للوزراء في عام 2012، أطلق تجربة كبرى تُعرف شعبياً باسم "أبينوميكس". وتضمنت ثلاثة أسهم مزعومة: التحفيز النقدي الهائل، وزيادة الإنفاق الحكومي، والاصلاحات الهيكلية.
وأشاد حلفاء آبي بخطة إنعاش اقتصاد البلاد وتعزيز ثقة المستهلكين والمستثمرين. ولكن بعد بداية قوية، تعثرت، وفي عام 2015 أطلق آبي "ثلاثة أسهم جديدة" مصممة لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي.

تبددت أي آمال في أن تصل خطط آبي إلى أهدافها وتضع بصمتها على اقتصاد البلاد عندما اجتاح كوفيد-19 البلاد في عام 2020، مما دفع اليابان إلى حافة الركود الاقتصادي.

كان أحد الإنجازات المحلية الرئيسية لآبي هو تأمين أولمبياد طوكيو 2020، ولكن نجاح أولمبياد طوكيو الذي طال انتظاره تأثر أيضاً بسبب جائحة كوفيد-19، التي أجبرته على تأجيل الألعاب إلى عام 2021.

وكانت النقطة الأكثر إشراقاً في مسيرة آبي هي تعامله الذكي والسليم مع تنازل الإمبراطور أكيهيتو عن العرش، وهو أول ملك ياباني يتنحى منذ قرنين. وخلفه ابنه الإمبراطور ناروهيتو في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد