حوكمة رشيقة وشراكة بين القطاعين العام والخاص.. كيف أنعشت الرقمنة الاقتصاد الياباني؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/05 الساعة 13:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/05 الساعة 14:43 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء فوميو كيشيدا - getty images

نتابع حالياً أحدث خطة إصلاح تنظيمي في اليابان، وهي الرقمنة، وهي جزء أساسي من أجندة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا "الرأسمالية الجديدة"، التي تسعى إلى منع الأنشطة المفرطة في السعي لتحقيق الربح.

ويعد الاستخدام الأفضل للاقتصاد الرقمي ضرورياً للتغلب على نقص القوى العاملة، الناجم عن الانخفاض السريع في عدد السكان في سن العمل.

خطوات الرقمنة

تم إنشاء الوكالة الرقمية الحكومية بمبادرة من رئيس الوزراء السابق يوشيهيدي سوجا، في سبتمبر/أيلول 2021. وتتمثل مهمتها الأساسية في مراجعة أكثر من 40 ألف بند من القوانين والإجراءات القانونية القائمة المتعلقة بالخدمات عبر الإنترنت، وهو تعهد سيستغرق إكماله ثلاث سنوات على الأقل من أجل التغلب على الاختصاصات المجزأة لمختلف وزارات الدولة.

هناك ثلاث خطوات أساسية لإطلاق الإدارة الرقمية في اليابان:

الخطوة الأولى هي إنشاء حوكمة رشيقة. على عكس اللوائح الصارمة الحالية، تتطلب الحوكمة الرشيقة قواعد مرنة يمكنها التكيف بسرعة مع التقنيات والظروف الاقتصادية سريعة التغير. فعلى سبيل المثال يجب أن تحل أنظمة المراقبة الآلية محل المخططات الحالية القائمة على الإشراف البشري. ويمكن للطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار أن تحل بسرعة محل المراقبة البشرية لإجراء فحوصات السلامة المنتظمة على الجسور والأنفاق. والتنظيم الأفضل باستخدام التكنولوجيا الحديثة من شأنه أن يقلل إلى حد كبير من تكاليف الحفاظ على الأمن لكل من الحكومة والقطاع الخاص.

الخطوة الثانية هي إنشاء خدمات رقمية شاملة لتحل محل الأعمال الورقية الإلزامية أو التقارير الشخصية. وعلى الرغم من أن معظم المقيمين في اليابان يتم تحديدهم من خلال معرف "رقمي" ، إلا أن العديد من الإجراءات الإدارية- مثل تغيير العنوان- تتطلب مواعيد شخصية وأوراقاً مادية.

ويمكن تنفيذ معظم الإجراءات الإدارية عبر الإنترنت، كما هو الحال في العديد من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى. وعندما يقدم الفرد بياناته إلى وكالة حكومية باستخدام خدمة ما يجب مشاركة البيانات تلقائياً مع المؤسسات الأخرى، وهو ما يقلل التكاليف الإدارية، بنسبة 20% من إجمالي 1.3 تريليون ين، الذي يتم إنفاقه حالياً على إمساك الدفاتر.

والخطوة الثالثة هي إقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل الرقمنة. ويجب أن تستفيد طوكيو من ابتكارات وتقنيات القطاع الخاص، خاصة أن صناعة المعلومات والاتصالات شكّلت 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019. وستسمح الرقمنة للحكومات الوطنية والمحلية بمشاركة معرفات رقمية متطابقة ومعلومات فردية مع القطاع الخاص في الوقت الفعلي، بينما يمكن إدارة ضرائب الدخل ومساهمات الضمان الاجتماعي ومدفوعات التحويل بشكل أكثر كفاءة عند الاستجابة للكوارث الطبيعية أو الأوبئة.

ولن تكون الإصلاحات الرقمية المكلفة والمستهلكة للوقت فعالة دون مرافقة المبادرات في القطاع الخاص لها. وسيكون مقياس النجاح هو المدى الذي تتكيف فيه الشركات أو الأفراد مع الرقمنة التي أطلقتها الحكومة، لكن الجمهور الياباني لم يقتنع بعد بالحاجة إلى مجتمع رقمي. ورغم أن الرقمنة تزيد من المسؤولية الرسمية للدولة عن تأمين الخصوصية والمعلومات الفردية، فإن القواعد التي تحكم كيفية استخدام الحكومة لبيانات المواطنين دون موافقة ليست واضحة. ولا تستخدم السلطات سوى الأرقام الرقمية الشخصية كمعلومات تكميلية، لأن مخطط مساعدة المواطنين اليابانيين الذين يواجهون تحديات رقمية أو كبار السن بدائي بالمثل.

وتعتمد الرقمنة الناجحة في اليابان على ريادة كيشيدا القوية في إقناع اليابانيين ببناء مجتمع رقمي. ومع ذلك بالمقارنة مع سلفه سوغا، أو منافسه ووزير الدفاع السابق تارو كونو، فهو بعيد كل البعد عن النوع الحازم من رؤساء الوزراء.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد