“اتطلقنا عشان مبقتش سعيدة زي الأول”.. ما لم تفهمه صاحبة “ماذا لو؟” عن الحياة

عدد القراءات
1,335
عربي بوست
تم النشر: 2022/06/30 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/30 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية / shutter stock

أثارت إحدى صانعات المحتوى جدلاً على مواقع التواصل الإجتماعي بعد فيديو نشرته عن تجربة طلاقها من خلال فيديو قالت فيه (ماذا لو أطلقت، حياتي مكانتش مستحيلة مع جوزي بس مبقتش سعيدة زي الأول)

هذا هو سبب الطلاق التي أطلقت عليه صاحبة الفيديو "نضج"!

لم يكن السبب الذي تطلقت بسببه أن (العشرة استحالت ولا أن زوجها شخص بخيل ولا أنه خائن ولا أنه لا يتحمل المسؤولية، ولا أنه لا يستطيع تلبية احتياجاتها الجسدية والعاطفية قدر استطاعته).

إنما سبب الطلاق كما قالت: "مبقتش سعيدة زي الأول" هذا هو معنى النضج الذي حاولت تصديره في الفيديو الذي نشرته عبر صفحتها على فيسبوك! 

هل الزواج للمتعة فقط؟

قبل زواجي استمعت لفيديو للدكتور مصطفى محمود يقول فيه: "اللي هدفه من الجواز السعادة والمتعة والنشوة بس هيكره حياته على الأكثر بعد شهور قليلة مهما كانت جودة زواجه".

شكل الزواج الذي بات يتم تصديره لنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن مؤثرين كثر، الذي يشبه الملاهي وأنه علاقة جُعلت للاستمتاع والتسلية فقط، ليس متاحاً في دنيانا هذه، والحقيقة أن هذا لا ينطبق على منظومة الزواج فقط، وإنما هذا هو حال الدنيا بأكملها. 

في إحدى المرات كنت أقوم بتجهيز محتوى عن "معنى السعادة في الدنيا"، وكانت المفاجأة التي كانت تبدو غريبة بالنسبة لي وقتها ولكنها جميلة أن كلمة السعادة في القرآن لم تذكر إلا مرة واحدة في هذه الآية "وأما الذين سُعدوا ففي الجنة خالدين فيها" (سورة هود).

فالسعادة المطلقة والمثالية المزيفة التي يتوهم البعض أنه قادر على تحقيقها والتي بات الكثيرون يلهثون وراءها، بسبب السوشيال ميديا، لا توجد إلا في الجنة فقط.

وبالمقابل، وجدت أن الكلمات التي كانت أكثر ذكراً في القرآن هي "الرضا- السكينة- الصبر".

كلامي هذا لا أقصد منه أننا يجب أن نستسلم لعيش حياة مليئة بالحزن والكرب بشكل دائم، بل ما أقصده أنه لا ينبغي علينا أن نرفع توقعاتنا من الدنيا إلى درجة عليا لا يمكن أن يكون متاحاً فيها.

هناك أوقات سعيدة نمرّ بها وهناك أحداث سعيدة تحدث لنا، لكن لا توجد سعادة دائمة، هذا ليس اختياراً متاحاً، ولا موجوداً في الزواج ولا في العمل ولا في أي شيء آخر في الدنيا.

فمن يبحث في الدنيا عن السعادة الدائمة ولديه الاستعداد لأن يضحي بأي شيء لتحقيقها هذا شخص واهم ولاهث ولا يمكن اعتباره شخصاً حراً ولا ناضجاً مثلما يقومون بتصديره وترويجه على السوشيال ميديا.

والفيديو الذي رأيته من صانعة المحتوى هذه ذكرني بما يحدث في المجتمعات الغربية. شخصان يقومان بالارتباط لتحقيق المتعة والسعادة فقط ثم ينفصلان لأنهما شعرا بالملل ويبحثان عن علاقات جديدة وهكذا، حتى كانت النتيجة التي رأيناها وهي ظهور مجتمعات تبحث فقط عن المتعة والسعادة؛ لدرجة أوصلتها لمرحلة من الانحطاط الأخلاقي لتحقيق معنى السعادة بأي شيء ممكن. وأستطيع أن أقول إن ظهور المثلية الجنسية هو نتيجة طبيعية لحالة اللهث وراء المتع بأي شكل ممكن.

ليس هذا فقط، فلو تتبعت ما يحدث في هذه المجتمعات ستجد كيف أن نسب الانتحار عالية وتتزايد كل عام بعد كل هذا اللهاث نحو السعادة؛ لأن السعادة بهذا المعنى المطلق ليست موجودة في دنيانا. 

إن الغاية الكبرى من الدنيا ليست تحقيق السعادة الدائمة والفردوس الأرضي، 

ولكن الغاية من الدنيا هي "أننا نصل للجنة" ونقطة.

والله إن أتت بعض السعادات لتيسر علينا الدنيا وتهوّن علينا أمرنا فيا مرحباً، ولكننا لا نستبدل الغاية الحقيقية بغاية مزيفة تبدو أنها لامعة وهي في الحقيقة واهمة.

ولو طبقنا الكلام الذي يتم الترويج له في السوشيال ميديا على بيوت المتزوجين في أي مكان في الدنيا لن يتبقى بيت قائم، ولو بادر كل الأزواج إلى الطلاق بسبب "مش حاسة بسعادة زي الأول" فلن يتبقى بيت قائم.

ليس هذا لأن الزواج سيئ، لكن لأن الزواج ليس "ملاهي" نذهب لنشعر بالسعادة فيها بعض الوقت وعندما نقضي حاجتنا نهرب! 

البيوت تقوم علي تحمل المشاق. الرجل يتحمل مشاق شديدة لسعيه لكفاية بيته وعياله، والمرأة تتحمل مشاق شديدة من الحمل والرضاعة وبكاء الأطفال بسبب وبلا سبب، وتربّي أشخاصاً أسوياء بالإضافة لمسؤوليات الأعمال المنزلية، فضلاً عن مسؤوليات العمل، لو هي أم عاملة. 

البيوت تقوم على الأوقات السعيدة التي نشكر الله عليها، وتقوم على الأوقات الصعبة التي نصبر عليها.. البيوت تقوم على تحمل أوقات الملل والفتور والمحاولات والسعي لتجاوزها لكنها لا تقوم على أن أفلت أيدي عندما أشعر بالملل أو أنني لست سعيداً "زي الأول".

وإن أفلتنا أيدينا لأننا لا نشعر بالسعادة كما كانت في البداية، فهذا ليس لأننا أشخاص أحرار أو ناضجون، بل سيتسبب لنا في شقاء أكثر لأننا قمنا بوضع غاية متوّهمة نقوم باللهاث وراءها! 

في رأيي، هذه سموم تنتشر في المجتمع وأفكار يراد لها أن تزرع ما أنزل الله به من سلطان وجميعها تحت دعاوى "الحرية والدفاع عن حقوق المرأة". 

وهي في الحقيقة استغلال للمعاناة التي تعانيها بعض السيدات لتحويل حياة باقي السيدات لشقاء كن يعتقدن أنه حرية!

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سارة عبدالفتاح
متخصصة في التربية
متخصصة في التربية
تحميل المزيد