من خلال النظر إلى الأحداث الدائرة هذه الفترة في العالم العربي تحديداً، نجد أن الكيان الإسرائيلي يعتقد أن نفوذه يكبر شيئاً فشيئاً، لكنه وبعد أن فطن أن ما يمارسه على الشعب الفلسطيني الأعزل من وحشية غير مسبوقة لم يحقق أي هدف، قام بالانتقال إلى الاستراتيجية التالية، استغلال موارد الطبيعة الفلسطينية، فانتقل حقل كاريش من أجل سحب الغاز وبيعه لحسابه الخاص، وهذا ما قوبل برفض لبناني موحَّد من جميع الأطياف هناك.
كثيراً ما نسمع من خلال وسائل الإعلام بأن هذه الجريمة ستضاف إلى سجل هذا الكيان، بعد أي عملية قتل للفلسطيني الأعزل أو عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى والقدس عاصمة فلسطين الأبدية، أو بعد عمليات اغتيال قادة المقاومة وكوادرها خارج حدود الإقليم، أو استعراض قوته من خلال المناورات، فكل هذا والرعب الذي يعيشه هذا الكيان لم يحقق أي هدف، ويرى المراقبون أن كل هذه الأعمال ما هي إلا زوبعة في فنجان.
ولو دققنا في التصريحات الصادرة من إسرائيل لوجدناها تحذر من زوالهم ولم يستمروا كثيراً بسبب العشرية الأخيرة التي يعيشونها في هذه الفترة.
لقد عبّر وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عن مخاوفه "الوجودية" على مستقبل "دولة إسرائيل"، لينضم بذلك إلى مجموعة من القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي تحدثت عن مخاوفها من "زوال إسرائيل" خلال المستقبل القريب.
إذ قال غانتس، في تصريحات خلال جلسة "مغلقة"، حسب وصف وسائل إعلام إسرائيلية: إن المخاوف من سيطرة الفلسطينيين على "إسرائيل" في المستقبل ليست "بعيدة عن الواقع". وأضاف غانتس أن "الدولة اليهودية ستتقلص خلال السنوات المقبلة لتصبح ما بين مستوطنة غديرا والخضيرة"، حسب وصفه.
صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أوضحت أنه، في الجزء المغلق من اجتماع لحزب أزرق أبيض الأسبوع الماضي، قرأ وزير الدفاع بني غانتس رسالة اجتاحت البلاد على تطبيق "واتساب"، وتحدثت عن "زوال إسرائيل".
كما قالت الصحيفة: إن الرسالة تضمنت تهديدات من قبل عناصر عربية مجهولة بالسيطرة على دولة إسرائيل، وقال غانتس: إن "من كتب الرسالة على حق، وإن مستقبل الدولة اليهودية قد ينتهي بين غديرا وخضيرة"، على حد قوله.
"زوال إسرائيل" يقلق السياسيين
تأتي تصريحات غانتس، بعد أيام فقط من مقال لرئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، الذي شغل أيضاً مناصب عليا بينها رئاسة الأركان، يثير فيه قلقاً كبيراً مما سماها "لعنة العقد الثامن" التي عاشتها "الممالك اليهودية" السابقة، وقد تطيح بدولة الاحتلال خلال السنوات القريبة.
إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك محذرا من "زوال إسرائيل": إن إسرائيل تقع في محيط صعب لا رحمة فيه للضعفاء، محذراً من العواقب الوخيمة للاستخفاف بأي تهديد.
كما أوضح باراك، في مقال نشر بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنه بعد مرور 74 عاماً على قيام إسرائيل، أصبح من "الواجب حساب النفس"، منوهاً إلى أن "إسرائيل أبدت قدرة ناقصة في الوجود السيادي السياسي".
فيما نبّه إلى أن العقد الثامن لإسرائيل بشّر بحالتين: "بداية تفكك السيادة ووجود مملكة بيت داود، التي انقسمت إلى يهودا وإسرائيل".
حرب في جميع الاتجاهات
الأعمال الإجرامية والخطط الدبلوماسية التي يقوم بها الاحتلال هي لجرّ دول المنطقة إلى حرب في جميع الاتجاهات، وهم بانتظار حرب متوقعة عليهم، حالة التخبط التي يعيشها أصبحت لا تخفى على أحد، فهناك عجز واضح في رسم استراتيجية طويلة المدى لمعرفة إلى أي مدى ستصل هذه الأمور بعد كل تصعيد.
هذا السجل يسجل فيه جميع الأعمال الإرهابية الإسرائيلية التي يقوم بها هذا الكيان، من قِبل كل دولة على حدة، ربما التهديد بإغلاق هذا السجل بات أقرب مما هو متوقع، حسب رؤية الخبراء من داخل هذا الكيان، فمحاولة وضع استراتيجية جديدة للتطبيع الوهمي لم تحقق الهدف المنشود والمتوقع، تحديداً بعد إظهاره العداء لروسيا، ووقوفه مع أوكرانيا ضدها في العملية الخاصة التي أعلن عنها فلاديمير بوتين.
هناك صمت استراتيجي من قِبَل المقاومة، كما يقول المحللون الإسرائيليون، بعد العمليات الأخيرة في فلسطين، وهذا الصمت هو ما يقلق هذا الكيان، فعدم الرد ربما يكون أقوى من الرد نفسه، الحالة الهستيرية التي يعيشها هذا الكيان في هذه الفترة ربما تجعله يقوم بأي شيء لجرّ المنطقة إلى حرب ربما لا يمكن أن يتنبأ بنهايتها ومن المنتصر بها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.