أصبح نايف أكرد، ثالث أغلى لاعب في تاريخ انتقالات اللاعبين المغاربة لكرة القدم، بعد أشرف حكيمي وحكيم زياش، وذلك عقب تعاقده رسمياً، الإثنين 20 يونيو/حزيران 2022، مع نادي وست هام الإنجليزي، لمدة 5 مواسم، قادماً من نادي رين الفرنسي، في صفقة بلغت قيمتها 30 مليون جنيه إسترليني، أي ما يقارب 35 مليون يورو.
ولم يكن من الممكن أن يسمع أي أحد من الجماهير الرياضية المغربية والعربية، باسم "نايف أكرد" لو رضخ النجم الجديد لنادي وست هام لطلبات والدته الملحة، عندما كان طفلاً صغيراً بالتخلي عن فكرة لعب كرة القدم والتركيز على دراسته من أجل النجاح مستقبلاً في حياته.
والده وعمه كانا لاعبي كرة قدم
ولد نايف أكرد يوم 30 مارس/آذار 1996 بمدينة القنيطرة المغربية، على ساحل المحيط الأطلنطي، من عائلة رياضية؛ حيث كان والده وأحد أعمامه لاعبين في صفوف النادي الرياضي القنيطري.
بدأ نايف ممارسة رياضة كرة القدم في شوارع وأزقة الحي الذي نشأ فيه، قبل أن ينضم للنادي الرياضي القنيطري، ثم انتقل إلى أكاديمية "محمد السادس" في سنة 2009، بعدما أعجب بقدراته الفنية، مدير الأكاديمية، ناصر لرقط، خلال دورة كروية جرت، في نفس العام، بضواحي العاصمة الرباط.
وبقي الطفل نايف بأكاديمية "محمد السادس" موسماً واحداً فقط، قبل أن يغادرها نحو نادي الفتح الرباطي، ثم يعود إليها في سنة 2011، ويواصل تكوينه الرياضي والدراسي فيها لمدة 3 سنوات، أي إلى غاية العام 2014، تاريخ توقيعه على عقده الأول مع نادي الفتح الرباطي.
ولعب نايف أكرد مع الفريق الأول لنادي الفتح الرباطي، 4 مواسم، نال خلالها كأس العرش في سنة 2014، والدوري المغربي لموسم (2015-2016)، ليرحل بعدها نحو أوروبا للعب في صفوف نادي ديجون الفرنسي الذي تعاقد معه يوم 12 يونيو/حزيران 2012، لمدة 3 سنوات، مقابل 1.6 مليون يورو.
والدته كانت تريد تركيزه على الدراسة
وقبل أن أواصل استعراض المشوار الرياضي للنجم المغربي، أريد العودة إلى البدايات الأولى للطفل نايف مع كرة القدم؛ إذ على الرغم من ميلاده ونشأته وسط عائلة رياضية، فإنه وجد معارضة شديدة من والدته لممارسة هوايته أو بالأصح "مهنته" المفضلة.
وقد أكد نايف أكرد بنفسه تلك المعارضة من الوالدة الكريمة، من خلال حوار أدلى به لمجلة "sofoot" الفرنسية في عددها ليوم 20 يناير/كانون الثاني 2021.
وقال نايف للمجلة الرياضية الفرنسية:" لقد كان والدي وعمي مجيد لاعبين في صفوف النادي القنيطري، وقد كان مشوار عمي الأطول والأفضل بحيث لعب في المنتخب الوطني، ولذلك فقد كان الحديث عن كرة القدم دائماً حاضراً في الوسط العائلي، وقد رفعت تحدياً لنفسي وهو أن يكون لي مشواري الخاص في عالم الكرة".
وتابع أكرد، مشيراً لموقف والدته من تعلقه بممارسة رياضة كرة القدم، فقال: "لقد كانت والدتي ضد رغبتي، لقد كانت تريد أن أدرس جيداً وألّا أركز كثيراً على كرة القدم، لقد كانت تقول لي إنّ التركيز عليها يعتبر مغامرة كبيرة محفوفة بالمخاطر وأنّ ذلك لن يضمن لي مستقبلاً مريحاً".
واستطرد قائلاً: "ولكنها الآن غيرت رأيها وفهمت أن رياضة كرة القدم يمكنها أن تكون هي أيضاً مهنة".
وتابع نايف أكرد متحدثاً عن قصته مع والدته: "لقد كانت ضد كرة القدم، لكني أدرك جيداً أنها أرادت حمايتي. وهذا هو سبب رغبتي في مواصلة دراستي بعد البكالوريا. أردت أن أكون لاعباً محترفاً، لكني في نفس الوقت أردت أن أظهر لوالدتي أنني فهمت ما علمته لي".
وأضاف: "لقد نشأت مع والدتي منذ أن كنت في التاسعة من عمري، وكانت هي التي تتخذ القرارات في المنزل.. على أي حال لقد عملنا لفترة طويلة مع والدتي في الجانب النفسي لنجعلها تقبل أنني أريد أن أصبح لاعب كرة قدم".
وكما لاحظت عزيزي القارئ فإنّ نايف أكرد قد عمل على إرضاء والدته بعدم التخلي الدراسة، وقد ساعده في تحقيق ذلك الأمر التحاقه بأكاديمية "محمد السادس"؛ حيث كان يتابع دراسته بشكل عادي بالموازاة مع تكوينه الرياضي، ما سمح له النجاح في نيل شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) شعبة علوم في سنة 2013.
صعوبات كبيرة في بداية احترافه بأوروبا
نعود، إذاً، للمشوار الرياضي لنايف أكرد؛ إذ بعدما انضم لنادي ديجون الفرنسي، وجد صعوبة كبيرة، في البداية، للتأقلم مع أجواء الاحتراف الأوروبي، خاصة في الحصص التدريبية اليومية الشاقة، ما جعله يتعرض لإصابات عديدة ومتعددة في موسمه الأول (2018-2019) الذي لعب خلاله 13 مباراة فقط في الدوري الفرنسي، كما أنّ وباء كورونا الذي ضرب العالم في سنة 2020، أدى إلى إنهاء الموسم الرياضي بفرنسا قبل الأوان، وبالتالي اكتفاء النجم المغربي بخوض 11 مباراة رسمية فقط.
انفجاره مع نادي رين فتح له أبواب البريميرليغ
وفي موسمه الثالث في فرنسا، انفجر نايف أكرد، مع نادي رين، الذي انضم إليه في صيف 2020، مقابل 5 ملايين يورو؛ إذ شارك في 35 مباراة في الدوري الفرنسي، مُسجلاً 3 أهداف، كما تذوق طعم المشاركة في مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بخوضه 4 مباريات في دور المجموعات، وتم اختياره في نهاية الموسم ضمن المرشحين لجائزة "مارك فيفيان فوي" لأفضل لاعب إفريقي في الدوري الفرنسي.
وقد تم ترشيحه لنفس الجائزة في الموسم الماضي أيضاً (2021- 2022)، بعدما واصل تألقه مع نادي رين، بالمشاركة في 31 مباراة في الدوري الفرنسي، وتسجيله لهدفين اثنين، وخوضه 9 مباريات في مسابقة دوري المؤتمر الأوروبي لكرة القدم، وتسجيله هدفين اثنين أيضاً.
ولم يمر هذا التألق، إذاً، دون أن يجلب اهتمام الأندية الأوروبية الكبيرة، فكان أن ظفر به وست هام الإنجليزي؛ ليحقق بذلك المدافع الدولي المغربي حلمه باللعب في دوري كبير، في انتظار التألق بشكل أفضل رفقة منتخب بلاده، في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، المقررة في الخريف القادم، بدولة قطر.. وتلك قصة أخرى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.