الفترة الأصعب في حياة كل الأمهات.. 3 عادات ساعدتني على إعادة التوازن لحياتي بعد الإنجاب

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/16 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/16 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش

سأحكي لك، عزيزي القارئ، عن لمحة شخصية؛ الآن أنا زوجة وأم وامرأة تعمل من المنزل، أصبحت زوجة منذ 4 سنوات، فتبدلت حياتي تماماً، خاصة بعد الحمل، وما أن بدأت في صنع روتين يومي إلى أن وضعت ابنتي، حتى صارت الفوضى هي الكلمة الوحيدة لتوصيف حياتي، كل شيء يمكن أن يحدث في أي وقت، لا مواعيد للنوم، الحياة تدور حول الصغيرة فقط، حتى إن هناك أياماً تمر دون أن أقوم بتصفيف شعري، لا وقت لإنجاز أي شيء، حتى المهام التي أقوم بها في 20 دقيقة أصبحت تستغرق ساعة كاملة.

بالطبع الأمر مفهوم في وجود طفلة صغيرة، لكن لا يمكن استمرار الحياة على هذا المنوال بصفة مستمرة.

أستطرد لأقول إنني تخلصت بنسبة كبيرة من كل تلك الفوضى منذ مدة عندما تعلمت 3 مهارات، وهي: خلق روتين يومي، والقدرة على إنجاز العديد من المهام في وقت واحد، أو ما يمكن أن نسميه "multitasking"، ووضع نفسي أولوية.

أعلم أن كل تلك الأمور لها سمعة سيئة في مجتمعاتنا العربية، لكنني هنا لأوضح لك الجانب الإيجابي في الروتين، وفي القدرة على إدارة الوقت لتقوم بعدة أشياء في وقت واحد، وفي حب الذات، خاصة لمثيلاتي من الأمهات العاملات، اللاتي من المؤكد أنهن وصلن في لحظة ما للشعور بالضياع والسؤال الأبدي: "هو أنا هكمل حياتي كده؟".

أولاً: الروتين سمعة سيئة ونجاح عملي


أستيقظ ما بين السادسة والسابعة، أهرع إلى الحمام، ثم أتناول مشروبي المفضل، تستيقظ ابنتي، نبدأ بتحضير الفطار، تذهب إلى الحضانة، أبدأ في العمل حتى تمام الواحدة ظهراً، أبدأ بطهي الطعام إلى أن تعود طفلتي، نتناول طعام الغداء، الوقت من بعدها وحتى موعد نوم الصغيرة يمر بصحبتها بعدة طرق: إما بالذهاب للتمارين أو الزيارات العائلية، أو الجلوس بالمنزل معاً، تنام الصغيرة فيبدأ الوقت الخاص بي.

هذا هو الروتين اليومي الخاص بي منذ ما يزيد عن 6 أشهر الآن، تحديداً عندما اتخذت قراراً بأن أعود لامتلاك زمام حياتي بعدما فلتت جميعها عندما دخلت عالم الأمومة.

سترى الناس ليل نهار، بالمواصلات العامة وفي التجمعات العائلية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يلعنون الروتين الذي يصيبهم بالملل من الحياة، ولكن في الحقيقة الروتين يحافظ لك على شكل الحياة، وفي النقاط التالية أوضح لك بعضاً مما أقصده، ومن الفوائد التي جنيتها من اتباعي روتيناً منظماً:

  1.  لا تضييع للوقت

يحافظ الروتين على خلق نظام ثابت لكل أمر في حياتك، فالنوم له موعد، والعمل لها مواعيد ثابتة، عندما تزوجت لم يكن لديّ روتين ثابت، وزاد الأمر عندما وضعت ابنتي، فكانت هي المتحكمة الأولى في كل أمور الحياة، فما كان مني إلا الشعور بضياع الوقت بصورة مستمرة، تحسن الأمر قليلاً بعد أن أتمت عامها الأول، فأصبح لها مواعيد محددة للنوم، فصار ذلك الوقت هو الوقت الخاص بي، وتحسن الأمر أكثر بعد أن اتخذت قراراً بضرورة نزولها إلى الروضة، فأصبحت تلك الساعات هي الأوقات الوحيدة للعمل. خلق ذلك الروتين لي أوقاتاً محددة لكل فعل أقوم به، فلا تضييع للوقت في البحث عن العمل المناسب لذلك الوقت.

  1.  يجعلك أكثر إنتاجية

بالطبع لدى كل منا أمور يحب أن ينتجها ويتمها على وجه كامل، يمنحك الروتين الفرصة لذلك؛ حيث إن كل شيء محدد بوقت معين يمكنك أن تتمكن من الإنجاز أثناءه، فأنا مثلاً أحب القراءة، وكلما ازداد معدل القراءة الخاص بي شعرت بالرضا والسعادة، الآن يمكنني أن أقرأ يومياً بعدما تنام ابنتي، فهذا هو الوقت الخاص بي، والذي أفعل به ما أحب. 

  1.  يجعلك تشعر بالإنجاز

الشعور بالإنجاز يتلخص في قدرة الشخص على تحديد ما يتم إنجازه بشكل سليم، مثلاً في الكتابة لا يمكنني أن أشعر بالإنجاز دون أن أعرف تحديداً كم كلمة تمكنت من كتابتها كل يوم، مع عدم وجود روتين يومي للكتابة لا يمكنني أن أكتب، ولن أتمكن من تحديد إنجازاتي اليومية.

  1.  يجعلك تحدد أولوياتك بشكل صحيح

لكي تخلق لنفسك روتيناً يومياً لا بد أن ترتب أهدافك وأولوياتك، وأن تعرف ما عليك تنفيذه أولاً ويومياً، وأن تضع جدولاً زمنياً لكل أمر، أن تحدد ما هو الأهم وما هو غير المهم، دعني أوضح لك من خلال تجربتي الشخصية، الأولوية في حياتي هي الأمومة ثم العمل ثم ترتيب المنزل، لذا فإن روتيني اليومي لا بد أن يحتوي على ساعات خاصة لابنتي، وساعات أخرى محددة للعمل، كما أنني حددت أياماً بعينها أقوم بتنظيف المنزل بالكامل بها، هذا  الروتين الذي وضعته وضح أولوياتي بشكل كبير.

  1.  يساعد على تحسين حالتك المزاجية

على الرغم من القول الشائع بأن الروتين يفقد الحياة بهجتها ويجعلك تتحرك ضمن نمط محدد، إلا أننا لو تأملناه بصورة أكثر شمولية سنرى أنه يضمن لك بعض الشعور بالسعادة إن قمت بوضع روتين مناسب لحياتك ولأولوياتك؛ حيث إنك ستتمكن من تحقيق كل الأهداف والمهام الموكلة إليك.

تعدد المهام

نحن أبناء الثقافة التي تقول بأن "صاحب بالين كذاب وصاحب ثلاثة منافق"، إلا أنني من تجربتي الخاصة أقول لك إن اضطرارك لأن تكون صاحب بالين هو أمر يلجأ إليه كل شخص متعدد المهام وناجح وإيجابي، وهو حال معظم سيدات العرب، خاصة إن كانت زوجة وأم، وسواء أكانت تعمل أم لا.

إن عدد الساعات المحددة لليوم في مقابل العديد من المهام التي لا تنتهي ألزمتني بأن أقوم بعدة مهام في وقت واحد، مع الالتزام بالحصول على نتائج مرضية لكل الجوانب.

تجربتي الخاصة في اختيار المهام التي أقوم بها معاً

إن تعدد المهام لا يعني أن تتكلم وتسمع في الوقت نفسه؛ فهذا أمر غير منطقي، ولا يمكن لبشر أن يقدر عليه، ولكن المقصود أن تقوم بعدة مهام لا يتعارض أي منها مع الآخر، كما يمكنك الاستعانة ببعض الأجهزة أو أشخاص آخرين لتقدر بالنهاية على إنجاز الكثير من الأمور في أوقات محددة.

عن نفسي لا أمكث في المطبخ يومياً أكثر من 40-50 دقيقة، وسأصور لك المطبخ لحظة دخولي: أطباق وأكواب في الحوض عليّ جليها وتنظيفها، عليّ أن أقوم بتحضير وجبة الغداء مثلاً، يحتاج البوتاجاز إلى التنظيف، وكذلك الأرضية والرخام.

ما أقوم به هو التالي: أبدأ بتحضير كل ما يلزم للغداء من تقطيع الخضار وتحضير كمية الأرز المناسبة وكل اللوازم، أبدأ بوضعها على النار، وفي الوقت نفسه أقوم بتنظيف الأطباق، أنتهي، أبدأ في تنظيف الأرضية والرخام، هنا يكون الطعام قد تم تسويته، فأقوم بغسل البوتاجاز، النتيجة النهائية أنني قمت بكل تلك الأمور في وقت واحد".

 يمكِّنني القيام بعدة مهام في وقت واحد من توفير الكثير من الوقت؛ فبدلاً من تحديد وقت لكل مهمة، أقوم بعدة مهام يمكن أن تجمعها معاً لتنتهي كلها في وقت محدد، وهذا يعني توفير الكثير من الوقت الذي هو بالأساس عملة نادرة للغاية في مجتمع الأمومة.

حب الذات ووضع نفسك أولوية

عندما وضعت ابنتي كانت هي الأولوية، وما زالت بالطبع، فكل أم تعرف أن أطفالها أولوية في حياتها، ولكنها ليست الأولوية المطلقة التي يجب أن نتناسى أمامها أننا بشر يجب علينا أن نهتم بأنفسنا، وأن نحقق بعضاً من أهدافنا، وأن نمارس بعض المهارات التي تشعرنا بالإنجاز والسعادة.

عندما جاءت ابنتي اخترت أن أترك عملي كاختصاصية تحاليل طبية في حينها، وقررت المكث بالمنزل للاهتمام بشؤون الصغيرة، استمر الوضع ما يقارب العامين، إلى أن وصلت لدرجة من الشعور بانعدام القيمة؛ لأنني بالأساس امرأة تعشق العمل وترى فيه متعة حقيقية.

اتخذت قراراً حينها أن تذهب ابنتي إلى الروضة لأتمكن من تحقيق بعض إنجازاتي الخاصة في العمل في وقت وجودها خارج المنزل، بالطبع تم رفض القرار من قبل الجميع؛ الأهل والأصدقاء، وبالطبع شعرت ببعض من تأنيب الضمير الذي انتهى تماماً الآن.

لم ينته ذلك التأنيب؛ لأنني أصبحت "نحس"، لكن لأنني عددت الكثير من المزايا في عمل شيء خاص بي يسعدني، ومن أهم تلك المزايا:

  1. تحسين علاقتي بابنتي

أنا أحب الكتابة، لا أحب أن أفعل أي شيء آخر الآن غيرها، انعكس قيامي بما أحب على علاقتي بابنتي؛ لأنني أصبحت أكثر سعادة من ذي قبل، فهاهنا أتحقق وأشعر بإنجاز شخصي بعيداً عن كوني زوجة وأماً.

  1. تخلصت من بعض الأنانية

ربما تظن أن العنوان به خطأ ما، فكيف لي أن أقول إنني حددت نفسي كأولوية وبالوقت ذاته أقول إنني تخلصت من بعض الأنانية؟ لكن دعني أقول لك إنني تخلصت من بعض الأنانية في حبي لطفلتي.

وجود طفلتي معي يضمن لها سبل راحة وأمان أكثر من ذهابها للروضة وتقضيتها لساعات بعيدة عني، لكن تلك هي الأنانية أن نحافظ على أبنائنا فنمنعهم من الحياة بحجة الخوف.

بالنهاية أود أن أنوه أنني لا أشجع الأمهات بوضع أطفالهن في الروضة، ولا أمنعهن، لكنني أنقل لك خلاصة تجربتي في 3 سنوات من الأمومة، وبعض الصفات التي اكتسبتها وما كنت أعلم عنها شيئاً من قبل لتمكنني من الحصول على بعض التوازن في حياة تملؤها الفوضى والحب وشقاوة الأطفال.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

دينا خالد
أم وكاتبة
أم، تخرجت من كلية العلوم وعملت بالتحاليل الطبية لسنوات قبل أنا أعيد أكتشاف نفسي من خلال الكتابة وأقرر أن أعمل بها.
تحميل المزيد