كانت مصر والسعودية قد وقَّعتا، في 8 إبريل/نيسان 2016، على اتفاقية يتم بموجبها نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة السعودية.
وفي 14 يونيو/حزيران 2017، أقر البرلمان المصري الاتفاقية، وبالتالي باتت دار آل سعود قريبة من دار بني إسرائيل، وبما أن الإدارة الأمريكية تدرك جيداً أنه "لا ينفع قرب الدار إذا كان ما بين القلوب بعيد"، يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن من خلال زيارته القادمة للشرق الأوسط إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ولم لا يعقد لقاء بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.
حفلة التطبيع الجديدة المتوقعة ستساعد الحزب الديمقراطي الأمريكي على تجاوز انتخابات الكونغرس القادمة بنجاح، أو هكذا يفترض لها.
الحقيقة العارية
وهذه هي الحقيقة العارية التي تموّه وسائل الإعلام الغربية حولها، فتحدثنا عن أهداف أخرى لزيارة الرئيس بايدن إلى المنطقة؛ حيث يقولون إن هدفها هو إقناع السعودية بزيادة ضخ البترول من أجل تعويض النقص ومحاربة ارتفاع أسعار المحروقات الذي نتج عن رفض دول غربية شراء النفط الروسي بعد الحرب الروسية على أوكرانيا. على الرغم من اعتراف بايدن بأن زيارته فيها حماية لأمن إسرائيل القومي.
بات من المعروف في عالم السياسة أن هنالك علاقات قديمة وسرية بين بعض من قادة المملكة السعودية وإسرائيل، لكنها لم تخرج للعلن، ولم تكن تطبيعية على الطريقة الإماراتية، لكن يبدو أن هذا الأمر في طريقه للتغيير الآن. فهل أصبح لدى ولي عهد المملكة، وحاكمها الفعلي، الآن الجرأة الكافية لتطوير تلك العلاقة والجهر بها؟
إن تأخير موعد زيارة الرئيس بايدن للمنطقة يتمحور حول هذه النقطة بالذات، والدليل على ذلك أن مراكز القوى التي تؤثر على قرارات وسياسات الإدارة الأمريكية تتمركز عادة في إما المجمع الصناعي الحربي أو "الكارتل النفطي" وفي حالات نادرة يكون هناك توافق مصالح بين هذين المركزين، لكن فيما يدور حول حرب أوكرانيا فإن هذين الطرفين مستفيدين؛ لذلك من المستبعد ألا يستثمر الرئيس بايدن في هذه الفرصة النادرة لتعزيز موقعه السياسي، وبالتالي لن تكون زيارة بايدن بهدف زيادة ضخ النفط بأية حال، بل من أجل تحقيق خرق سياسي كبير في الخارج؛ لأن التضخم في الداخل لا يبشر بالخير بالنسبة لحزبه في الانتخابات القادمة.
لماذا لن يطبع محمد بن سلمان مع إسرائيل؟
لكن، هل يتخلى ولي عهد المملكة عن المبادرة العربية العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت بمبادرة من بلاده؟
صحيح أن ولي العهد كان قد أجرى "إصلاحات" وله توجهات لجعل بلاده تواكب العصر، وصحيح أيضاً أن له تأييداً واسعاً في أوساط الشباب السعودي بعد أن خفف من عدد وحدّة المحظورات، لكن لن يستطيع أبداً الاستفادة من هذا التأييد، طالما أنه لا الآليات السياسية الديمقراطية تستوعب ذلك وتسمح له بالارتكان لفعاليتها، بل هو أسير نفوذ مراكز قوى تقليدية متضررة من سطوته القاسية سواءً انتمت هذه المراكز إلى التيار الديني أو القبلي، وحتى مراكز القوى في العائلة المالكة؛ لذلك من المستبعد أن يقدم على مخاطرة من هذا النوع، وإذا ما رضخ لابتزاز الإدارة الأمريكية حول قضية خاشقجي أو حتى تم تحريك ملف ضحايا 11 سبتمبر كوسيلة ضغط أخرى يكون قد أدخل بلاده في دائرة عدم الاستقرار في وقت غير ملائم.
من هنا أرى أن زيارة الرئيس بايدن إلى المنطقة ستبقى موضوع تساؤل لأنها مرتبطة بالدرجة الأولى بمدى جرأة الأمير محمد بن سلمان على ملاقاة الرئيس الأمريكي في منتصف الطريق، لأن أمور ومصالح أمريكا في المنطقة متعثرة.
مع تركيا، ملف شمال سوريا ما زال مفتوحاً، ومسألة دخول فنلندا والسويد إلى حلف الأطلسي لم تحسم. ومع الجانب الإيراني، فالاتفاق النووي لم يغلق بعد، ولا يبدو أنه سيتوصل لاتفاق نهائي قريباً.
يبقى أن نقول إن ما نأمله هو ألا يقع ولي العهد السعودي في الفخ الأمريكي، وأن يكون على بيّنة من أنه لا أحد يستطيع أن يمنع الشيطان من الحلفان على الكتاب المقدس.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.