أنبوب الغاز “نيجيريا-أوروبا” هو السبب.. لماذا تصعّد الجزائر ضد المغرب وإسبانيا؟

عدد القراءات
1,169
عربي بوست
تم النشر: 2022/06/13 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/13 الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش
ملك المغرب محمد السادس، مع ملك إسبانيا فيليب السادس - Getty Images

إن الغضبة التي يعبر عنها النظام الجزائري حالياً، في علاقته بالمغرب، مردّها إلى ملف الغاز الطبيعي بشكل أساسي.
المغرب يهدد مصالح الجزائر الحيوية الآن في حال نجاح وإتمام مشروع أنبوب الغاز الطبيعي بين نيجيريا-أوروبا، الذي سيمر عبر المغرب، والذي تم تدشينه، رسمياً، عبر مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية (NNPC) التي تديرها الدولة.

جاء الإعلان عن تدشين المشروع ضمن سياق جيو-استراتيجي جديد يخدم مصالح المغرب، الشريك الاستراتيجي الموثوق لأوروبا وأمريكا، وفي نفس الوقت يهدد مكانة الجزائر في السوق الدولي للغاز سواء باعتبارها منتجاً ومصدراً، أو باعتبارها أرض عبور محتمل لأنبوب الغاز نيجيريا-أوروبا. 

فبعد الموقف الجزائري من الحرب الروسية على أوكرانيا والدعم نظام تبون للموقف الروسي، لم يعد باعتبار القوى الرئيسية بأوروبا إلا أن تعتبر الجزائر حليفاً غير موثوق على أقل تقدير، خاصة باستخدامها الغاز ورقة ضغط سياسية في علاقتها بأوروبا.

وهذه القناعة الأوروبية، والغربية عموماً، ترسخت بعد الكثير من الأحداث التي أثبتت فقدان العقل السياسي الجزائري للنضج والتوازن في علاقاته الدولية، سواء من خلال تجميد أنبوب الغاز الذي يربط الجزائر بأوروبا ويمر عبر المغرب، أو من خلال فسخ معاهدة حُسن الجوار التي كانت تجمع الجزائر بإسبانيا، وكذا التهديد بتجميد اتفاقية تصدير الغاز الجزائري لإسبانيا.

ويضاف إلى ذلك ما يتميز به العقل السياسي الجزائري من مزاجية في علاقته بالمغرب، حيث تم قطع العلاقات الدبلوماسية وتدشين مرحلة جديدة من العداء وصلت، مراراً، نحو حافة الهاوية، الأمر الذي يهدد بتفجير الوضع المتوسطي.

هذه كلها مؤشرات، أكدت للأوروبيين أن الجزائر شريك غير موثوق به سواء لطبيعته كنظام سياسي عسكري بالأساس، أو لطبيعة تموقعه الاستراتيجي في الاتجاه الروسي الموروث عن الحقبة السوفييتية.

غاز الجزائر إلى المغرب
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

ونتيجة لهذه القناعة الأوروبية، قد يتم الاستغناء عن الجزائر في مجال الطاقة، على شاكلة الاستغناء عن روسيا، وفي المقابل سيتم بناء بدائل جديدة تربط بين الغاز القطري المنقول بحرياً، وبين الغاز النيجيري الذي سيمر أنبوبه عبر المغرب وصولاً إلى إسبانيا وأوروبا. 

وقد جهز المغرب لهذا المشروع عتاداً يبدأ بالتمويل ولا ينتهي عند توفير الغطاء السياسي الداعم، إفريقياً ودولياً. 

إفريقيا، تم تفعيل دور الأمانة العامة الدائمة لمؤتمر الدول الإفريقية الأطلسية، من خلال اجتماع الرباط، الخميس 9 يونيو 2022، الذي تم خلاله التأكيد على دورها بصفتها منصة للتبادل بشأن التحديات والفرص في الفضاء الإفريقي الأطلسي. 

دولياً، رسخ المغرب مكانته الدولية كشريك جاد وموثوق به، وذلك ما برهن عليه في صراعه ضد قوى أوروبية فاعلة (ألمانيا، إسبانيا، فرنسا) من نضج سياسي لا يتوفر سوى لدى الدول الديمقراطية العريقة مؤسساتياً. وهذا ما كان له الصدى الإيجابي لدى صانع القرار الأوروبي ورد عليه بفتح قنوات التفاوض، من منظور "رابح-رابح"، مع التعبير عن الاحترام الكبير لمكانة المغرب كبوابة رئيسية نحو إفريقيا وقوة متوسطية صاعدة. 

وهكذا تمكّن المغرب من جني الثمار الناضجة لمشروع القرن، حيث نجح في قنص عصفورين بتسديدة واحدة. من جهة، حسم الصراع الجيو-استراتيجي في المغرب العربي وشمال إفريقيا لصالحه وألحق هزيمة سياسية بالنظام الجزائري، سيكون لها ما بعدها، من خلال تراجع الدور الجزائري كمتحكم في شريان الطاقة نحو أوروبا.

وفي نفس الآن، تم ترسيخ مكانة المغرب كشريك استراتيجي للغرب، ببوابتيه المتوسطية والأطلسية، وكبوابة رئيسية نحو إفريقيا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إدريس جنداري
كاتب وأكاديمي مغربي
تحميل المزيد