تثبتُ الأمم المُتحدة يوماً بعد يوم فشلها الذريع في حل الأزمة الليبية، أسوة بباقي الدول في المنطقة التي سبق أن حاولت الأمم المتحدة حل النزاعات فيها لكنّها زادت الطين بلّة، فسوريا والعراق وأفغانستان وجنوب السودان والعديد من الدول الإفريقية الأخرى وحتى دول أوروبا كذلك هي أمثلة تثبت مدى عبث الأمم المتحدة بأمن البلدان بدلاً من دعم استقرارها!
6 مبعوثين دوليين لحل الأزمة الليبية في 10 سنوات!
انطلقت الشرارة الفعلية للحروب الأهلية غير المتوقفة في ليبيا منتصف العام 2014، بعد أن شهدت البلاد قبلها موجة من الاغتيالات والتفجيرات في مختلف المدن أبرزها مدينتا بنغازي وطرابلس، لكن البعثة الأممية فشلت في تحقيق الاستقرار، فلا الإسباني برناردينو ليون ولا الألماني مارتن كوبلر ولا اللبناني غسان سلامة استطاعوا وضع حد للنزاعات السياسية التي أسفرت عن حروب طيلة 8 سنوات حول السلطتين التنفيذية والتشريعية في البلد، وباءت جلُّ محاولاتهم بالفشل، وجعلت البلد يدخل في حرب أخرى مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة المختلفة بالتزامن مع الأزمة السياسية الخانقة.
ستيفاني ويليامز عرابة اللقاءات والحوارات وتصعيد الأزمات
عينت ستيفاني ويليامز مبعوثة بالإنابة عن غسان سلامة في مارس/آذار عام 2020 حين كانت تدور معارك مُسلحةٌ في جنوب العاصمة الليبية طرابلس بين قوات حفتر القادمة من الشرق وقوات حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة ذاتها والتي انبثقت عن اتفاق الصخيرات عام 2015.
وفي الجانب العسكري نجحت ستيفاني ويليامز ممثلة البعثة الأممية في جمع الأطراف المتنازعة مجدداً وفض الاشتباكات والتوقيع على وقف إطلاق النار وعودة المتقاتلين من الطرفين إلى خطوط التماس عبر اتفاق جنيف.
لكنّ الجانب السياسي المتمثل في ملتقى الحوار السياسي الليبي والذي كان هدفه إنهاء وجود السلطات التنفيذية فقط، وهو الخطأ الكبير الذي وقعت فيه البعثة الأممية للمرة الثانية، جعل البلد يعود من جديد إلى دوامة تعدد السلطات التنفيذية والتشريعية.
مبعوثٌ أممي جديد وحكومة جديدة.. والعبث بمستقبل ليبيا!
قبل شهرٍ واحد من الآن، أعلن مجلس الأمن والأمم المتحدة خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بخصوص التطورات الأخيرة في ليبيا، عن مبادرة جديدة قديمة وهي تعيين حكومة ثالثة عن طريق البعثة الأممية في ليبيا وهدفها الوحيد- حسب مزاعمهم- هو إجراء الانتخابات.
كأنهم لم ينتبهوا إلى أن تعيين حكومة جديدة ثالثة قد يدخل البلد في صراعٍ آخر وفترة انتقالية طويلة الأمد، والحل بحسب النُقّاد والمتابعين للشأن العام في ليبيا هو انتخابات برلمانية عاجلة تسقط الأجسام التشريعية والتنفيذية الحالية، فحل الأزمة السياسية الليبية يكمن في فرض انتخابات مباشرة بدون الدخول في دوامة تجديد الحكومات والشرعية التي تجعل المشكلة أكثر تشابكاً وتعقيداً مما هي عليه الآن.
ماذا يريد الشارع في ليبيا؟
واهمٌ من يقول إنّ هُناك جسماً فعلياً الآن يمثل الشعب، سواء كان من السلطتين التشريعيتين أو من الحكومتين المتنازعتين على السُّلطة التنفيذية.
فالحقيقة هي أن الشعب يطالب مراراً بحل الكل سواء مجلس النواب المنعقد في طبرق أو مجلس الدولة المنعقد في طرابلس، كما يطالبون بإسقاط الحكومتين وإجراء انتخابات ودستور للبلد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.