يستكمل الرئيس تبون مشاوراته السياسية مع العديد من الشخصيات الحزبية والوطنية في إطار مبادرة "لمّ الشمل"، التي تم إطلاقها بداية شهر مايو/أيار المنصرم، ويرافق هذه اللقاءات والمشاورات العديد من الإجراءات والقرارات التصحيحية للمسار السياسي والديمقراطي والإعلامي في الجزائر، من خلال طرح مجموعة من القوانين التي تؤطر وتنظم الإعلام في الجزائر بمختلف تفرعاته "إلكتروني، سمعي، بصري، ومكتوب".
واستقبل بتاريخ 6 يونيو/حزيران 2022 الرئيس تبون، رئيسَ حزب فجر جديد الطاهر بن بعيبش، الذي قال: "إن مبادرة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، للمّ الشمل "طموحة" وتحتاج إلى "الدعم والمساندة"، وفعلاً -حسب نظري- فإن الجزائر بحاجة إلى الالتفاف حول مشروع سياسي حقيقي، من شأنه أن يحول هذه الساحة إلى ساحة فعلية لإنتاج المشاريع والترسيخ للكفاءة، بدل كونها "أحزاباً" مجهرية وتشبه الدكاكين في كثير من صفاتها، وتظهر في المناسبات الانتخابية فقط، فقد لخّصوا حقيقة العمل السياسي في الجزائر في الانتفاعية ومنطق "حقي في الكعكة" الذي لا يُسمن ولا يغني من جوع.
بالتالي فإن مبادرة لمّ الشمل هي فعلاً مبادرة طموحة تسعى لاستقطاب كل الفاعلين "الفعّالين" من أجل تكوين جبهة حقيقية قادرة على صد الاعتداءات المتكررة من طرف الأعداء، فمشروع لمّ الشمل أكبر من كونه استقبالات بروتوكولية في رئاسة الجمهورية أو التموقع في الحكومات القادمة، لمّ الشمل عليه أن يكون دفعاً حقيقياً سياسياً يرافق المساعي التي تبذلها الدبلوماسية الجزائرية منذ مجيء الرئيس تبون في تجديد عهد الجزائر خارجياً، بعد أن كاد يقبر في العصر البائد الذي أسميه أنا "عصر الظُّلمات"، وفعلاً سادت العتمة كل شيء، فلم يعد يرى الخارج في الجزائر إلى الفساد وقضايا الفساد وخطاب الكراهية الذي سعى رئيس الجمهورية منذ انتخابه إلى كبحه وإنهائه من خلال إعداد مجموعة من القوانين، من بينها قانون مكافحة الكراهية، فمستوى خطاب الكراهية كان في السابق قد عرف مستويات خطيرة جداً، تهدد الوحدة الوطنية في كثير من المرات وتزرع الفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وهذا ما وفّر لأعداء الجزائر المناخ الملائم لزرع الفتنة.
ولكن من وجهة نظري فإن هذه القوانين وحدها لن تكون كافية للجم الفتنة وتحطيمها نهائياً، فالمبادرات السياسية، ومن بينها مبادرة "لمّ الشمل"، كفيلة بتوحيد جميع الفئات إلا التي أبت واستكبرت تحت لواء الوطنية، وهذا لا يعني أن تتبنى رؤية السلطة في التعبير عن رأيك أو تغير قناعاتك، لكن علينا جميعاً أن نعالج الشرخ، ونبحث فعلاً عن "التراصّ" الذي ليس مطلوباً فقط في الصلاة، فالتراضي مطلوب حتى في درء الفتنة، فالجزائر إن ساعدها جميع أبنائها المخلصين في أن "تلمّ الشمل"، فالحقيقة أنها ستدخل عهداً جديداً فعلاً لا قولاً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.