آن الأوان أن يتنحى سيد العهد

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/31 الساعة 10:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/31 الساعة 11:04 بتوقيت غرينتش
الرئيس اللبناني ميشال عون/ Getty Images

أهدر نواب لبنان الجدد وقتاً كبيراً في إطلاق المواقف عشية انتخابات رئاسة المجلس النيابي، علماً أنه من المفترض أن يتم إعلان فوز الرئيس نبيه بري بالتزكية في بداية الجلسة، الثلاثاء 31 مايو/أيار 2022، لأنه المرشح الوحيد لهذا المنصب، أي لا معنى للتصويت.
لكن السادة النواب الذين يعيشون في بحبوحة من انعدام المسؤولية يصرون على ممارسة حقهم في الاقتراع، ظناً منهم أنهم بذلك يؤكدون على عراقة الديمقراطية اللبنانية، حيث لا فرق بين المبايعة والانتخاب.

هذا السلوك الغريب والاستهتار المريب بحياة وهموم اللبنانيين من قِبل هؤلاء النواب، يؤكد أن الانهيار الحاصل سيبقى دون علاج، وستكون له ارتدادات كارثية على الحياة اليومية لكافة اللبنانيين حتى بلوغهم قعر جهنم.

 وبعد مداولات وصفقات تحت الطاولة سيتم انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي من التيار الذي ينتمي إلى تيار العهد، الفريق الذي تسلم وزارة الطاقة، وكانت ساعات تقنين الكهرباء لا تتجاوز الساعتين يومياً، لكنه أوصلنا إلى العتمة الشاملة مرفقة بالديون الهائلة.

هذا الفريق الذي وصل إلى الحكم وكانت قيمة الدولار تعادل  1500 ليرة، واليوم باتت الليرة تحلق مع العملة الفنزويلية في الفضاء الخارجي، دون أن يصاب هذا الفريق بداية بوخزة ضمير، والأنكى من كل ذلك ومباشرة بعد انتهاء الانتخابات النيابية اللبنانية، ولدى خروجه من زيارة الرئيس عون، أفتى أحد نوابه بأنه في حال عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة القانونية، لا يجوز أن يسلم رئيس الجمهورية الحالي عند انتهاء ولايته مهام الرئاسة لحكومة تصريف أعمال، بل عليه البقاء في قصر بعبدا.
 

كان بالإمكان أن نمر مرور الكرام على هذا التصريح، لكن بما أنه صدر على لسان مقرب من النظام السوري فهذا يعني أن هناك رغبة حقيقية لدى القصر الجمهوري في تكرار تجربة عام 1989 بحلة جديدة، لذلك أطلق سعادة النائب باكراً بالون الاختبار هذا. وما يؤكد أن "العهد" سيسير في هذا السيناريو هو أنه لن يستطيع أي رئيس مكلف بتشكيل الحكومة الجديدة إنجاز مهمة التأليف، نتيجة ما سيتعرض له من ابتزاز، خصوصاً بعد أن فرض الرئيس الحالي أعرافاً لا تمت للدستور بأي صلة خلال تشكيل الحكومة الأخيرة، إلى أن نصل إلى نهاية العهد دون حكومة، وبعد ذلك سيقوم الخبير الدستوري الفذ، المستشار الرئاسي، باجتراح مَخرج دستوري يؤكد على عدم شرعية حكومة تصريف الأعمال في تسلم مهام الرئاسة بعد شغورها.

ولتفادي هذا السيناريو المتوقع، ودفن نوايا التمرد في المهد، على مجلس النواب الحالي أن يُبادر في أسرع وقت لإصدار التشريعات اللازمة، التي توضح المواد الدستورية المتعلقة بالفراغ الرئاسي، خصوصاً أننا أمام حالة نادرة من الأنانية المفرطة في عشق السلطة.
قد نجد عذراً لمن يسعى لإثبات الذات في شبابه، أما أن يبقى الشخص مصراً على إثبات الذات حتى في خريف العمر، ففي هذا دون أدنى شك خراب الأوطان والدول. 

وهل من المعقول أن يسعى المؤتمن على صون حدود وطنه إلى إبرام صفقات مجحفة حول الحدود البحرية لبلاده، من أجل رفع العقوبات عن وريثه؟

 آن الأوان أن يتنحى سيد العهد عن كرسي الرئاسة، مفسحاً المجال لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب وقت ممكن، ثم تشكيل حكومة تتولى بَلسَمة جراح اللبنانيين أولاً، مع إعداد خطة تعافٍ للاقتصاد ثانياً، وآخرها تطبيق الدستور بحذافيره، بالدعوة إلى انتخابات مبكرة خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس شيوخ ليس من أجل إعادة تشكيل السلطة، بل من أجل إحياء الدولة، بعد أن ترهلت بالكامل وأصبحت قاب قوسين أو أدنى على طريق الانحلال، ومن ثم الاندثار، لكن لمن تقرع الأجراس؟

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ناصر الحسيني
كاتب صحفي لبناني مقيم في إفريقيا
مواليد 1958 بلبنان، حائز على ماجستير في الهندسة المدنية من جامعة الصداقة في موسكو سنة 1983 ودبلوم دراسات عليا سنة 1990. مهندس استشاري لدى منظمة الأمم المتحدة للتنمية UNDP، عملت في جريدة الديار قبل عام 2000، وكذلك لي كتابات ومساهمات في جريدة النهار وجريدة البلد، مقيم في إفريقيا منذ 2010 بشكل شبه دائم في غينيا الاستوائية وغينيا بيساو.
تحميل المزيد