لا تمنع أطفالك من الشجار دائماً.. هكذا ينمّي شخصياتهم ويطوّرها بشكل لا تتخيله

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/24 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/25 الساعة 10:31 بتوقيت غرينتش

خروجاً عن المألوف وتغريداً خارج السرب، أردت أن أزف إليكم البشرى أولاً قبل النعاء، فعندما نتكلم عن الشجار بين الأبناء يتوقع الجميع سرد سلسلة لا تنتهي من الشكاوى، وتعديد المشاحنات التي يقوم بها الأبناء وكيف أنهم عجزوا عن الحل، وأن الأمر صار متروكاً لرب السماء. 

وفى الغالب حينما يود الأبوان تناول هذه المشكلة وعلاجها بين الأبناء، يكون التركيز على الأسباب المؤدية للمشكلة، ومن المشاغب الذي افتعل الشجار وكيف نعاقبه أو نعاقب جميع الأطفال الذين يسببون الإزعاج للأبوين ويجعلونهما يفقدان السيطرة على أعصابهما ويثيرون جنونهما. 

ولكن اليوم سنلفت انتباه الجميع إلى فوائد الشجار العظيمة، وأثرها في تربية الأبناء، قبل أن نستطرد في الأسباب المؤدية للشجار بين الأبناء، وكيف نتعامل معه بطريقة تربوية حكيمة. 

للشجار بين الأبناء فوائد عظيمة أهمها: 

الشجار

أنه يعد ظاهرة طبيعية وصحية؛ نتيجة لتقارب الأعمار والاهتمام بين الأبناء بشكل كبير في الأسرة الواحدة، إضافة إلى ارتفاع حدة التنافس بين الأبناء من منهم الأهم والأقوى والأكثر حضوراً، كما أنه يسهم في نمو الشخصية وتطورها، وذلك من خلال تعزيز قدرة التفاوض لدى الطفل، وقبوله لمبدأ الربح والخسارة، وأيضا تمكينه من الدفاع عن حقوقه بدون أن يتسبب في إلغاء حقوق الآخر وإيذائه، بالإضافة إلى أنه يجعلهم أقدر على إبراز شخصياتهم، وخاصة أن بعض ردود الأفعال الصادرة منهم تنم عن ذكاء وسرعة بديهة وحسن تصرف.

ويعد تقدير الأهل لاندفاع أبنائهم أثناء اللعب وتفاعلهم مع بعضهم بعضاً له دور كبير في توجيههم إيجابياً من خلال إعطائهم الحرية الكافية؛ ليطوروا مهاراتهم ويبدوا آراءهم بصراحة، وبعيداً عن الخوف والتدخل المقيد لمشاعرهم، فهو فرصة للكشف عن شخصية الطفل وطريقته في الدفاع عن نفسه في حال أحس بالظلم من قبل إخوته، لذا فإن التدخل السريع للآباء للحد من الخلافات يقيد مهارات الأبناء، ويقتل روح المنافسة فيهم، ويمنعهم من التعبير عن مشاعرهم بحرية وضمن حدود الأدب، إضافة لكون الشجارات بين الأبناء تعزز ثقتهم بأنفسهم، وتسهم في تنمية عقولهم وتطوير مهاراتهم الفردية، بالإضافة إلى تعلمهم مبادئ اللعب بشكل جماعي.

إن شجار الأطفال إحدى الوسائل لإثبات الذات والسيطرة، وكلتاهما من الصفات اللازمة لنجاح الإنسان في الحياة، بل الشجار فرصة يتعلم فيها الطفل كثيراً من الخبرات، منها وجوب احترام حقوق الآخرين، والعدل والحق والواجب، ومعنى الصدق والكذب، وأهمية الأخذ والعطاء بأسلوب يحقق له المحافظة على حقوقه وحقوق الآخرين، ولكن حتى يبقى الشجار إيجابياً وشكلاً من أشكال المنافسة، فلا بد أن تكون بيئة الطفل آمنة، تخلو تماماً من الأدوات الحادة، وهذا بجانب الدور الرقابي للأهل.

ومن أهم ما يتعلمه الطفل من الشجار هو رسم الحدود، فالأطفال من خلال خلافاتهم مع أقرانهم وشجارهم الناتج عن هذه الخلافات ومن ثم تسويتها ومعالجتها؛ يتعلمون حدود رغباتهم، وأين تقف حقوقهم وحقوق الآخرين. ويتعلمون أيضاً الابتعاد عن الأنانية، فعندما يرى الطفل أن ليس كل من حوله سوف يتنازل له عن حقوقه ويساير رغباته ويفهم أن الآخرين لديهم حقوق ورغبات تخف لديه مستويات الأنانية والفردية التي اعتادها.

تعلم الطفل استراتيجيات حل المشكلات وإدارة الأزمات فتحتاج كمربٍّ لاحقاً أن تخلق موقفاً لتعلم طفلك كيف يستطيع الحل، ولكن الشجار يعطيك فرصة وخبرة تربوية فعلية لتعليم الطفل تلك الاستراتيجيات، ويخرج منها بخبرات حياتية علمية وعملية، بدلاً من مجرد الشجار لتفريغ الغضب والقوة.

إضافة إلى التعرف على القوانين في المجتمع والحياة ورغبات وحقوق الآخرين وواجباته تجاههم، وما هو مقبول من تصرفاته وما هو مرفوض من أنانيته، فالشجار يعلمه كيفية التعايش، ويحدث عندما يشتد الخلاف بينهم، إذ لا يزال الأطفال يتعلمون التحكم في عواطفهم؛ لذا ليس هذا أمراً غريباً.

الضرر الناتج عن منع الطفل من التشاجر أكبر من الشجار نفسه.. كيف ؟! 

يعتقد معظم الأهل أن الحل دائماً يكمن في المنع، ولكن على العكس تماماً فقد يكون للمنع آثار ونتائج عكسية أكبر بكثير من ترك الطفل يتشاجر، ومن هذه الأضرار هو قمع الطفل وإلغاء شخصيته، بالإضافة إلى أنها تمنعه من الدفاع عن نفسه حتى لو بالنقاش، وتفقده القدرة على التفاعل مع الغرباء بثقة، فالخلافات والمناوشات والرغبة الكبيرة في فرض السيطرة  تزعج الآباء من أبنائهم وتضايقهم وتدفعهم للتدخل وقمع انفعالات الأطفال الطبيعية الناتجة عن الحماس وإثبات الذات، وهي في الحقيقة حالة إيجابية يجهل أهميتها الكثيرون، ويعتبرونها مصدر قلق يزيد من ضغوطاتهم اليومية، لذا فإن التدخل السريع للآباء للحد من الخلافات يقيد مهارات الأبناء، ويقتل روح المنافسة فيهم، ويمنعهم من التعبير عن مشاعرهم بحرية وضمن حدود الأدب، حيث إن تدخل الأهل في كل كبيرة وصغيرة يجعل الابن اتكالياً مهزوزاً لا يقوى على حل مشاكله، الأمر الذي يتسبب في خوفه من المواجهة والدفاع عن نفسه. 

إذن.. لماذا يتشاجر الأبناء؟ 

الشجار

يخيل للكثيرين أن شجار الأبناء يكون لأسباب تافهة وصبيانية للغاية، وأنها طبيعة المرحلة وتنقضي بانقضائها، ولكن الشجار بين الأبناء قد يكون له أسباب صحية تعود إلى خلل في إفرازات الغدة الدرقية، أو الشعور بالإجهاد، أو الإمساك المزمن نتيجة سوء التغذية وسوء حالة الطفل الصحية.

وقد يكون سبب الشجار يعود لطبيعة المرحلة العمرية بالفعل، فالأبناء أقل من 12 عاماً يتعاركون لجذب انتباه الأبوين، حتى لو كان جذب الانتباه يتم بشكل سلبي من خلال العراك، وأما الأبناء فوق الـ12 عاماً فله عدة أسباب، أبرزها عدم احترام حدود الآخرين، سواء بالتعدي على خصوصياتهم أو بأخذ أشيائهم دون استئذان. 

وهناك أسباب تتعلق بالبيئة والأسرة والتربية، منها: 

– الغيرة، وذلك عند تفضيل أحد الأبناء على الآخر وإعطائه اهتماماً يفوق الباقين؛ مما يولد البغضاء بينهم، خصوصاً عند وجود مولود جديد بالأسرة.

– الرغبة في القيادة والتزعم: بعض الأطفال يولدون ولديهم الميل نحو القيادة والسيطرة على المحيط وخاصة الأقران، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية القيادية يلجأ هؤلاء الأطفال إلى الشجار كوسيلة لجعل الآخرين يخافونهم وينضوون تحت قيادتهم.

– مشاهدة العنف، سواء الأسري أو في مشاهد افلام الكارتون وغيرها، فالصراع بين الأبناء في أحيان كثيرة يحاكي الصراع الناشب بين الأبوين أو محاكاة لمشاهد السينما.

– ممارسة القيادة من الطفل الأكبر، وذلك عندما يُطلب منه أن يعتني بأخيه الأصغر دون تَعليمه طُرقاً محددةً للقيام بذلك.

– عدم إشباع حَاجة الطفل إلى الاهتمام، فيلجأ إلى الحصول عليه بأي شكل حتى لو عن طريق الإتيان بسلوكيات خاطئة، خاصة إذا كان الوالدان لا ينتبهان إلى الطفل إلا عندما يرتكب الخطأ.

– شعور الطفل بأنه غير مرغوب فيه، بسبب رفض الوالدين سلوك أحد الأبناء، فيلجأ إلى الشجار بين إخوته أو ضربهم حتى يلفت انتباه الأبوين إليه بصورة غير مباشرة.

– تقليد الطفل الأصغر للأكبر والرغبة في مُلازمته.

– استعراض القوة: في بعض الأحيان يلجأ الطفل إلى الشجار مع أقرانه، وخاصة في المدرسة كوسيلة لاستعراض قوته وإظهار قدراته أمام الآخرين طمعاً بنيل الإطراء والإعجاب.

-‏ الترفيه الزائد للطفل، وتلبية كل رغباته، ووجود كثير من الألعاب لديه وربما بغرض التقليد فقط، إضافة إلى عدم تَعلم المُشاركة بعد، لأنها أمر مُكتسب بالتعلم.

– فرض الرأي: الكثير من الأشياء تقف عائقاً أمام الطفل وهو يحاول إبداء رأيه في العديد من الأمور، وبين أقرانه تجده متعنتاً أكثر لرأيه ومتعصباً لقناعاته، وعندما يجادله أحد أو يقف على الطرف النقيض قد نجده يستخدم الشجار لفرض رأيه بالقوة.

– إثبات الذات: يرى بعض الأطفال في افتعال الشجار مع أقرانهم إثباتاً لوجودهم وقوتهم وقدرتهم على فرض رغباتهم بالقوة.

-البيئة السامة تربوياً: وهي أن ينشأ الطفل في بيئة مليئة بالعنف والعصبية والصوت العالي والمشاحنات اليومية.

– انشغال الوالدين في العمل وترك الأطفال بمفردهم دون اهتمام أو توجيه.

– خلافات على أشياء محددة: مثل اللعب أو الحصول على بعض الأشياء أو الغيرة من بعضهم، وهذا غالباً ما يحدث بين الأشقاء في نفس المرحلة العمرية.

– الخلاف بين المصالح والرغبات: فلكل طفل رغباته الخاصة وحاجاته ومصالحه التي لا يستغني عنها لصالح أحد، كما يحدث مع الأقران في المدرسة.

– الأنانية: الأطفال لا يتنازلون عن أي من الأشياء التي يرونها حقاً أو ملكاً لهم، ويريدون كل الأشياء لأنفسهم، فهم لم يتعلموا بعد قيم المشاركة وحقوق الآخرين، ولهذا نجدهم يتورطون في الشجارات عندما يأتي أحد ويهدد ما يرونه حقاً لهم.

– الطبيعة النفسية لكل طفل: فبعض الأطفال بسبب طبيعتهم النفسية والبيولوجية أو حتى الوراثية وتربيتهم المنزلية لديهم ميل أكثر نحو استخدام القوة والعدوانية وافتعال العراك مع الأقران أكثر من غيرهم.

وكما أن للشجار فوائد، فله آثار سلبية تؤثر على الأبناء نفسياً وتربوياً منها:-  

– تعلم حل الأمور بالطريقة الخاطئة: فالشجار هو طريقة خاطئة في تسوية الخلافات والتعبير عن الرأي والرغبات، والنجاح في الحصول على ما يريد من خلال العدوانية والشجار سوف يعلم الطفل أن هذا أسلوب مجدٍ وسوف يستخدمه باستمرار.

– تشكيل العداوات: فخلال الشجار مع الأقران والاختلاف معهم يصنع الطفل العدوات ومشاعر الكراهية تجاه بعض الأشخاص.

– ضعف الشخصية والثقة بالنفس: إذا كان الطفل أقل قدرة أو أصغر سناً من الشخص الذي يتشاجر معه ولا يتمكن من مواجهته، فهذا سوف يؤدي إلى الخوف والتنازل عن الحقوق.

– الغيرة: وهذا الشعور تجاه بعض الأقران يحدث عندما يفشل الطفل في كسب المنافسة مع بعض الأطفال وبالتالي يتشكل لديه شعور الغيرة.

– كبت مشاعر الحقد والكره: من الآثار الأكثر سلبية لشجار الأطفال كبت مشاعر الحقد والكراهية، وهذا يخلق شخصية حقودة وسلبية في المجتمع.

– الغضب والعدوانية: فاتباع سلوك الشجار في تسوية الخلافات دائماً يؤدي لصنع شخصية عدوانية سريعة الغضب.

لا تمنعه ولكن علمه كيف يتشاجر: 

الشجار

التشاجر أمر فطري طبيعي غريزي لدى البشر، وهو صحي للغاية، فلا داعي أن تنكره أو تصف طفلك بأوصاف غير لائقة كونه يفعل أمراً فطرياً، ولكن الأفضل أن تعلمه كيف يتشاجر بطريقة صحية مع من حوله، فالشجار سيبقى أمراً لا مفر منه طوال الحياة، والمهم هو كيف نقوم به، وذلك من خلال أن تعلم طفلك كيف يتحكم بنفسه ويضبط أعصابه وقت الغضب، فلا يصرخ أو يشتم أو يعتدي على الآخرين لمجرد أنهم يختلفون معه في الرأي، ولكن دربه على طرق واستراتيجيات ينفذها وقت الغضب ليهدأ ويستخدم عقله بدلاً من عضلاته لحل تلك المشكلة بنفسه أو بالتعاون مع الآخرين دون إيذاء أحدهما للآخر. 

علم طفلك قوانين الشجار، فهناك ممنوعات أثناء الشجار منها الضرب والعض والرفس والشتم وهكذا، وأما المسموح فالحوار والنقاش والمصارعة الجسدية من غير التعرض للوجه والأماكن الحساسة في الجسم.

علم طفلك التفكير الإبداعي، فاستثمر هذا الشجار ليكون فرصة للتربية، واطلب أن يقدموا لك الحلول المستقبلية للمشكلة حتى لا تتكرر، وربّهم على محاولة الوصول لحل المشكلة وليس التفكير فيمن سبب المشكلة.

متى نتدخل لفض التشاجر بين الأبناء؟

يحدث أن ترى طفلاً ينادي أمه كلما خدشته ورقة أو نظر له أحدهما، فتأتي الأم بسرعة أكبر من سيارة الإسعاف والنجدة لتلبي نداء طفلها وتعاقب من رمقه بنظرة أو كلمة بشدة، أو تذهب مع صغيرها لتشكو الآخر لأمه، وهكذا الحال كل يوم، فتخيل كيف ستكون شخصية ذلك الطفل مستقبلاً ؟! 

والأصل أن لا يتدخل الوالدان، ولكن في حالة لو تحول الشجار إلى اعتداء جسدي أو ضرب يدوي أو شتم وصراخ بصوت عال، ففي هذه الحالات لا بد من التدخل لإيقاف الشجار، أما لو كان الشجار ليس فيه هذه الممنوعات فنتركهم يتشاجرون ويتصارعون ونراقبهم من بعيد، حتى نعودهم على مواجهة مشاكلهم لوحدهم، وفي حالة التدخل من الوالدين فينبغي أن يحافظوا على هدوئهم قدر الإمكان، فضبط النفس أحياناً يكون صعباً، ولكن هذا هو الصواب حتى نكون ناجحين تربوياً.

لبيوت أهدأ.. نصائح لتقليل الشجار بين الأبناء:

من أهم الحلول أن يعطي الوالدان من وقتهما للأطفال ويشبعاهم عاطفياً؛ لأن الإشباع العاطفي يجعل النفس مستقرة ومطمئنة، وإذا أردت أن تنتقد فانتقد السلوك لا الطفل، وإذا رأيت منهم تعاوناً فامدح هذا التعاون حتى تعزز روح التعاون والمحبة عندهم.

راقب الشجار من بعيد حتى تعرف من المعتدي والمخطئ، وعندما يأتون للشكوى  يكون لديك المعلومة وتتصرف وقتها، وعاملهم بإنصاف فلا تقف بصف الصغير؛ لأنه صغير فقد يكون هو المعتدي، ولكن قف بصف المظلوم ضد الظالم، وناقشهم بأفكارهم التي دفعتهم للشجار، فلو تمسك أحدهم باللعبة وكانت هي سبب الشجار، فقل له هل من العدل أنك تأخذ اللعبة طول اليوم، وبين له كيف يكون عادلاً في تعامله مع أخيه، وشجع التعاون والمحبة بين الإخوة.

مكافأة الأبناء؛ وذلك عندما يتسامحون فيما بينهم ويظهرون روح التعاون فيما بينهم، يجب مكافأتهم، لتحفيزهم وتنمية روح التسامح فيهم، ولا تنتظر شجارهم لتنتبه وتهتم بهم.

علمهم بالقصة؛ احكِ لهم الكثير من المواقف التربوية من السيرة النبوية لتعليمهم بالقصة كيف عاش النبي والصحابة وكيف كانوا يحلون النزاعات عند وقوعها، ويعطون الأولوية للتسامح ونبذ الشحناء.

تجنب المقارنة، لأنه يخلق حالة من الغضب لدى الطفل تجاه إخوانه، وتواصل معه بشكل يومي لتعديل بعض السلوكيات السلبية بدون انتقاد لشخصه وإنما للسلوك السلبي الذي قام به.

احترس من المبالغة والمعايرة وتضخيم الأمور؛ وتذكر أن الشجار بين الإخوة أمر طبيعي، لا يحتاج لتضخيم المشكلة، أو معايرة الطفل بسلوكياته أو التسبب في الكراهية بين الإخوة والبغضاء .

اجلس مع كل طفل على حدة وبشكل منفصل، وحاول إفهام كل منهم الخطأ الذي قام به وساهم في استمرار العراك، وأن الحل ليس في إلقاء اللوم على الآخر، جميعنا وقت العراك نركز على تصرفات الآخرين ولا ننتبه لردود أفعالنا.

علم أبناءك قاعدة حياتية، وهي لا يوجد شخص بريء تماماً وآخر مذنب كلياً، لا يوجد شخص مسؤول مسؤولية كاملة عن أي مشكلة، إفهام الأطفال هذه القاعدة يسهل عليهم الحياة نفسها في المستقبل.

ساوِ بين أبنائك مع مراعاة معاملة كل طفل بالطريقة التي تناسب شخصيته، وسنه، ومستوى نموه.

ازرع الحب بينهم ليشعروا أنهم فريق متعاون لا أطرافاً متنازعة، وذلك بلفتات بسيطة جداً، مثل أعط أخاك اللعبة، بدلاً من أعط أحمد مثلاً. 

علمهم التعبير عن مشاعرهم لكن بأدب، عندما يأتي إليك طفلك غاضباً من أخيه دعه يعبر عن مشاعره، ولا تشعره بالذنب لمشاعره التي هي طبيعية تماماً، فقط أرشده لكيفية التعبير عنها دون أن يخطئ في حق غيره.

علمهم بالقدوة، فلا يتشاجر الوالدان أمام الأبناء، وإن حدث فيكون في حدود المسموح وعدم التجاوز. 

كلمة السر؛ يمكن أن تتفقوا على كلمة سر معينة، مثل "سمسم" وعندما يقولها أحد الطفلين أو أحد أفراد الأسرة معناه أن يتوقف الجميع عن الشجار؛ لأن الطرف الآخر قد احتد كثيراً، وتكون فرصة لأخذ هدنة ثم التفكير بهدوء والنقاش بحكمة. 

المساحة المشتركة؛ حدد لهم ما يمكن مشاركته مع بعضهم وما لا يمكن مشاركته، حيث إن المطالبة المستمرة للطفل الأكبر بمشاركة ألعابه مع أخيه الصغير ستزيد الاستياء داخله، وعلمه طرقاً يحمي بها متعلقاته التي يخشى عليها، كالاحتفاظ بها على رف مرتفع أو وضع قفل للدولاب مثلاً، وعلم الصغير أن يستأذن أخاه الكبير قبل أن يلهو بلعبه، وخصص لكل طفل مكاناً يضع فيه أشياءه.

املأ وقت أطفالك بالأنشطة المتعددة، لأن الشجار ينتج عن شعورهم بالملل والفراغ.

وختاماً.. إذا كان ولا بد من العقاب، فليكن عقاباً نافعاً، كأن تطلب من ابنك قراءة كتاب أو قصة، ويحكي ما تعلمه منها للجميع، وأيضاً إن أفسد لعبة أخيه، فليكن عقابه أن يحول مصروفه إلى أخيه، حتى يتم تجميع مبلغ اللعبة، ويأتي له بواحدة بدلاً من التي كسرت، وهكذا تعلم طفلك أن العقاب يأتي بالحلول، ولا يحطم نفسية المخطئ، ويُشعره بالحقد أو الاضطهاد. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

آلاء مهدي
مدونة مصرية، وتربوية متخصصة فى الموهبة وصعوبات التعلم
حاصلة على بكالوريوس العلوم فى التربية الخاصة، كلية التربية الخاصة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، باحثة ماجستير صعوبات التعلم بكلية علوم الإعاقة والتأهيل، جامعة الزقازيق
تحميل المزيد