” فساد.. فساد”.. لماذا لا تنتهي كوارث الكرة الإفريقية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/18 الساعة 09:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/18 الساعة 09:11 بتوقيت غرينتش
غضب وحديث عن فضيحة تحكيمية في المباراة التي جمعت الترجي التونسي والوداد المغربي - رويترز

في عام 2022 خطفت قارة إفريقيا الأضواء ولفتت أنظار العالم أجمع بنسخة بطولة أمم إفريقيا التي نُظمت في الكاميرون، ولم يكن التفات العالم للقارة السمراء بسبب العروض القوية التي قدمتها أو كرة القدم الممتعة، وإنما كان التفاتاً للاستهزاء والتقليل من شأن القارة، التي كانت وما زالت منبعاً لمواهب كرة القدم، ولكن الفساد جعلها أضحوكة العالم أجمع. فشاهدنا بطولة بحجم بطولة الأمم الإفريقية تقام في ملاعب غير صالحة لممارسة كرة القدم وغير جاهزة، وبحفل افتتاح يشبه "طابور الصباح المدرسي"، وبساعاتٍ للحكام لا تعمل، وفي استمرار للمسلسل الهزلي، فوجئ الجميع بتكرار حادثة أزمة الكرات وشكوى اللاعبين من وزن الكرة لعدة مرات في مباريات عديدة.
لكن، لم تكن تلك البطولة هي الحلقة الختامية في مسلسل الفساد المعتاد لهذا العام، وإنما كانت الاستمرارية هي كلمة السر. فاستيقظنا على أزمة لم نسمع بها من قبل؛ حيث ولأول مرة يتم تحديد الملعب المستضيف لمباراة نهائية بنظام المباراة الواحدة، أثناء انعقاد الدور نصف النهائي، ويكون ملعباً تابعاً لدولة لها فريق وضع قدماً في النهائي بالفعل، هذا ما يمكن لكاتب التاريخ أن يضيفه تحت خانة "لم نسمع به من قبل".

"فساد.. فساد" 

هكذا ختم عمرو فهمي، السكرتير الأسبق للاتحاد الإفريقي، آخر ظهور إعلامي له، تحدث فيه عن عدد من وقائع الفساد التي تحدث داخل الاتحاد الإفريقي قبل أن يتوفى بعدها بالمرض الخبيث. قام العديد من النشطاء والجماهير بإعادة نشر ذلك المقطع وإرفاقه بوسم يهاجم الفساد في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وأصبح ذلك الوسم "تريند عالمياً" لعدة أيام.

وكان الشيء الذي أثار استغراب الجميع حول العالم هو التوقيت الذي تم إعلان القرار فيه، وكواليس الإعلان، وأصبح للجميع تساؤلات عديدة عن لماذا تم الانتظار حتى نهاية ذهاب نصف النهائي، واتضاح معالم النهائي؛ ليتم الإعلان عن الملعب المستضيف للنهائي؟
استضافة ملعب محمد الخامس في المغرب ليست الشيء الوحيد الذي أثار حفيظة المتابعين، بل اختياره للمرة الثانية على التوالي ليستضيف نهائي نفس البطولة في سابقة لم تتكرر في كرة القدم، وفي البطولات التي تلعب النهائيات فيها من مباراة واحدة.

تصريحات سكرتير الاتحاد الإفريقي الراحل عمرو فهمي


برر الكاف موقفه بأنه لم يتقدم لاستضافة المباراة إلا المغرب والسنغال فقط، وقد سحبت السنغال طلبها باستضافة المباراة بعد مباريات نصف النهائي، وهذا ما تم نفيه عن طريق إدارة الأهلي التي أعلنت أنه لم يصل للاتحاد المصري أو النادي الأهلي أية رسائل تشير إلى موعد فتح باب التقدم أو المرشحين أو آلية اختيار الملعب.

الغريب في الأمر هو السبب الحقيقي من الانتظار كل هذا الوقت ليتم الإعلان عن الملعب المستضيف، على الرغم من انعدام أي ظروف استثنائية عطلت الإعلان المبكر. فكما اعتدنا في أوروبا، فإن الملاعب المستضيفة للنهائيات لعدة سنوات قادمة معروفة للجميع، بل وفي هذا العام عندما حدثت الحرب الروسية- الأوكرانية وبعدما كان من المقرر أن تستضيف روسيا نهائي دوري الأبطال لهذا العام، سرعان ما تقرر سحب المباراة من سان بطرسبرغ ونقلها إلى باريس، ودائماً ما اعتدنا من الكرة الأوروبية على البيانات والتقارير التي تصدر من الجهات الرسمية، والتي تسهل على الجميع جمع البيانات بدقة، والتحدث عنها وتحليلها، عكس ما يحدث حالياً من تكاثر الأقاويل من هنا وهناك. 

فوزي لقجع.. رجل المغرب القوي

لطالما كان الفساد متواجداً داخل كرة القدم العالمية، وأشهرها هو اتهام بلاتر ومحاكمته والتحقيق معه وتركه لمنصبه، والأمر ذاته مع أسطورة الكرة الفرنسية ميشيل بلاتيني وغيرهم الكثير، ولكن تلك الوقائع لا تحدث أبداً بمثل الطريقة الإفريقية، بل كانت بشكل يحافظ على الشكل العام، ولا يلفت الأنظار، ولا يكون بتلك الطريقة الفجة.

ما يحدث في الاتحاد الإفريقي هو أخطر من الفساد، حيث يبدو الكاف بلا سيادة على قراراته، خصوصاً بعد الاتهامات التي توجه لأسماء بعينها، مثل فوزي لقجع، رئيس اتحاد كرة القدم المغربي، بالتدخل في قرارات الكاف، والتأثير على القرارات لصالح كرة القدم المغربية.

ظهر ذلك التأثير القوي على القرار الإفريقي بإعادة لعب نهائي دوري أبطال إفريقيا بين الترجي التونسي والوداد المغربي عام 2019 بعد الأزمة العنيفة التي شهدتها المباراة، في ملعب محايد خارج الأراضي التونسية، قبل أن تقوم المحكمة الرياضية "كاس" بإلغاء القرار وإعلان الترجي التونسي بطلاً للبطولة.
خرج بعد ذلك سعد النصيري، رئيس نادي الوداد المغربي والمستمر في منصبه حتى الآن، وصرح بأن الكاف وأعضاءه عرضوا عليه أثناء الأزمة استكمال المباراة مقابل وعدٍ بالحصول على البطولة التالية (!)، وأثارت تلك التصريحات مخاوف بعض الجماهير بأن النهائي القادم سيكون هو النهائي الأول بعد ذلك الوعد.
وأن  تُسبق المباراة النهائية بتلك القرارات الجدلية، فإن النهائي صار في موضع الشبهات، وبعد إسناد كل مباريات نصف النهائي إلى أفضل حكام القارة الإفريقية أثيرت المخاوف من إسناد المباراة النهائية لأحد الحكام المشهورين بإثارة المشاكل وأصحاب التاريخ السيئ مثل باكاري غاساما.

موتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (رويترز)
موتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (رويترز)

لذلك كان من الطبيعي ما تفعله إدارة النادي الأهلي في الوقت الحالي من تحركات قوية، بالتعاون مع اتحاد الكرة المصري الذي أصدر بياناً أكد فيه رفضه إقامة المباراة في المغرب والمطالبة بملعب محايد، بل وأكدت مصادر أن الأهلي أيضاً يدرس المطالبة ببعض الضمانات الأخرى، مثل التأكد من وجود نظام الفار في الدور النهائي، والمطالبة بحكام من خارج القارة.

ما زالت كرة القدم الإفريقية تخرج عن الساحة الخضراء إلى ساحات الإعلام والمحاكم، فتارةً قبل المباريات وتارةً بعدها، فتعوض فقدان المتعة والفنيات الكروية في الملعب بإثارة ما قبل وبعد المباراة، والحرب الباردة خارج الملعب التي لطالما كانت هي اللغة المشتركة في كرة القدم السمراء، فمع تمنياتنا التي لطالما كررناها في مثل تلك المشاكل المعتادة بتطور الكرة الإفريقية والخروج من المستنقع المعتاد إلى مواكبة الكرة العالمية، إلا أن المشاكل الحالية لا تعطينا أملاً في المستقبل القريب.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

معاذ رمزي
كاتب محتوى رياضي
طالب مصري أدرس في كلية إدارة الأعمال - جامعة سلجوق- تركيا. معد برامج رياضية، وأكتب مقالات عن كرة القدم، ومهتم بالكتابة في الشأن الرياضي منذ 2017
تحميل المزيد