يقلّد عادل إمام، يرسّخ صورة نمطية سلبية، ولا يعالج المشكلات الحقيقية.. عن فيلم “الإخوان” المغربي!

عدد القراءات
1,531
عربي بوست
تم النشر: 2022/05/13 الساعة 11:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/13 الساعة 12:50 بتوقيت غرينتش
ملصق فيلم الإخوان - مواقع التواصل الاجتماعي

شاهدت بعض مقاطع الفيديو والصور التي تروج لمنتج سينمائي مغربي، فيلم الإخوان، من إنتاج شركة "sw media"، الشركة المالكة لقناة "شوف تيفي" المثيرة للجدل بالمغرب.

وكما هو واضح من تسمية الفيلم، فقد جلب لأصحابه سخطاً من بعض القطاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لا يكاد يخرج عن أفلام النموذج المصري الساذجة في تصوير واستهداف المسلمين المتدينين.
ولا يختلف فيلم الإخوان عن أفلام عادل إمام المستهلكة في ربط مظاهر التدين بالإرهاب والتطرف والتخلف وتشويه صورة المسلم الملتزم، والاستهزاء بالمتدينين واللحية والحجاب والسنة.

فيلم الإخوان هو تجسيد آخر للنمط الأكثر شيوعاً واستخداماً وتكراراً في الأفلام المصرية، إذ نجد أن المتدين ليس سوى متطرف متزمّت، يعاني من كثير من الكبت، وهو المنافق الذي يُظهر غير ما يبطن، ويقول غير ما يعقل، ويستخدم الدين وسيلة للنصب والاحتيال والتربح، والمتاجرة الرخيصة، واستمالة العقول، والوصول إلى تحقيق نزواته، متوارياً في مسبحة يحملها، أو لحية يطلقها، أو جلباب يقصّره، أو مسجد يصلي فيه، أو ذلك الرجل الضعيف والسلبي، الذي لا يمكن الاعتماد عليه، والذي يلجأ إلى الدين هرباً وانعزالاً لأنه لم يستطع مجاراة الحياة بصراعاتها ومعاناتها وتحدياتها.

أو أن الفتاة التي كان يحبها تركته أو خانته، فلم يستطع الخروج من هذا المأزق إلا من خلال الظهور في قالب المتدين. ويمتد هذا القالب ليصور رجل الدين في شخصية ضعيفة هزيلة عديمة الإرادة، الذي يظهر دائماً في صورة الجبان .

إن الحديث عن الأنماط والقوالب النمطية التي يقدمها السينمائيون ويكررها صانعو الأفلام، لا يمكن لأحد أن ينكر وجود بعضها في واقع المسلمين، فالتطرف الديني مثلاً لدى البعض موجود بين أتباع كل الرسالات السماوية، والنفاق وادّعاء التدين، واستخدام الدين كستار لأغراض أخرى، فترى أن بعض الصور والأنماط التي تعرضها السينما المصرية وغيرها ليست بعيدة عن الواقع أبداً.

"البرومو التشويقي للفيلم السينمائي الكوميدي "الإخوان

لكن السينمائيين والمخرجين باستخدامهم تلك الأنماط دون غيرها في أفلامهم، وبإصرارهم على هذه الصور دون غيرها من صور إيجابية، إنما يقومون بذلك بترسيخ صورة واضحة للدين والمتدينين في أذهان الناس وعقولهم، صورة سلبية تنفِّر من الدين بدلاً من أن تدعو له، وكان الأولى بهم لو صدقت نواياهم في أنهم لا يريدون تشويه الإسلام أو التنفير منه، أن يحملوا لواء نصرته والعمل على إيجاد حلول لقضاياه، وإزالة الشوائب التي يلحقها الناقمون عليه، ضد أي وصم له بالجهل أو التطرف أو الجمود، أو الانعزال أو الكبت.

قوة الإعلام

يعد الإعلام المعاصر من أقوى أدوات التأثير على المجتمعات، إذ يدلف إلى كل بيت دون إذن، في الوقت الذي أصبحت الرقابة عليه في عصر الانفتاح الإعلامي من أعسر الأمور، ما يستدعي التركيز على بناء المناعة في نفوس الأجيال، وتحبيب قيم الخير إليهم، وبناء أنفسهم على حبّ الله تعالى، وحبّ رسوله. ومن يتابع ما يجري سواء في العالم الإسلامي أو الدول الغربية يجد كأن تحالفاً عالمياً اجتمعت أطرافه من كل حدب وصوب همه الأول والأخير هو تشويه الأديان عموماً والإسلام خاصة وتدمير معانيه الإنسانية في نفوس العالمين وإظهار المسلمين على أنهم شياطين يريدون تدمير العالم وليس هدايته للحق والعدل.

ففي العالم العربي والإسلامي نصب كثير من السياسيين والعلمانيين أنفسهم كمفسرين للإسلام وممثلين لتعالميه، يأخذون من آيات القرآن ومن الأحاديث النبوية ما يريدون ويفسرونه بما يوافق هواهم، وفتحت لهم الفضائيات ليقولوا ما يشاؤون فيما انتصب آخرون ليشوهوا تاريخ الإسلام والمسلمين.

سيطرة العلمانيين وفيلم الإخوان

 
ومما لا شك فيه أن السيطرة العلمانية على صناعة السينما في المغرب وغيره هي الظاهرة الأقوى بلا منازع، بل تكاد تكون السمة الأبرز في صناعة الإعلام، لذا فإن الحديث عن الأفلام السينمائية يعني الحديث عن فكر علماني. والإسلام ليس ضد الفن ولا الجمال، ولكنه ضد الهبوط والابتذال، وبالتأكيد ليست السخرية من الأديان أو الملتزمين أو التشهير بهم من الحرية بمكان، فمن حق الإنسان أن يؤمن بالدين الذي يراه صواباً، وبالعقيدة التي تتناغم مع أفكاره ورؤاه دون أن يسخر منه أحد أو يزدريه، والإسلام على امتداد مسيرته الطويلة لم يؤخذ عليه أنه أرغم أحداً على الإيمان به أو الدخول إلى ساحته.

بوستر فيلم الإخوان
ملصق فيلم الإخوان – مواقع التواصل الاجتماعي

عادل إمام ممثل موهوب بلا ريب، ويضحك الناس بأسلوبه الفكاهي الذي ورثه عن الراحل إسماعيل يس بتلقائيته وعفويته، ولكن الفارق يتمثل في أن إسماعيل يس كان بعيداً عن استفزاز الناس بسبب معتقداتهم، بل إنه قدم فيلماً شهيراً يتناول الأديان الثلاثة السماوية تحت عنوان "حسن ومرقص وكوهين" وأضحك الناس جميعاً على اختلاف معتقداتهم الدينية، وما زال يضحكهم حتى اليوم، فقد كان السياق ينطلق من رؤية شعبية عامة تدور في الإطار الإنساني المباح.

إن الممثلين المغاربة المشاركين في هذا العمل ننتظر منهم أن يلتزموا الجانب الذي يتقنونه من إدخال السعادة على قلوب الجماهير وإضحاكهم، دون فرض نموذج ديني نمطي محدد في أعمالهم، وأن يخرجوا من دائرة السفه والتعيير والشتم الإعلامي المباشر لشريحة عريضة من المغاربة تم الاستهزاء بلباسهم ومعتقداتهم، وتقديمها في صورة متطرفة عبر عملية الإسقاط المعروفة، ومن ثم وصفهم بالإرهابيين.

ولعل أكبر حماقة يمكن أن ترتكبها التلفزة المغربية والمسؤولون عنها، هي شراء هذا الفيلم وعرضه في القنوات التلفزية المغربية، سيراً على خطى السلطات المصرية، حيث تصادم توجه الشعب وتمس قيمه ومبادئه، فتكون النتيجة زيادة عدد الملتزمين والناقمين على السينما المغربية، من هنا تبدو الحاجة ماسة إلى وضع قوانين إعلامية حازمة تلزم المؤلفين والمخرجين والسينمائيين بالالتزام بما ينص عليه الدستور من أن الشريعة الإسلامية هي المنهج الذي تسير عليه الدولة، ومن ثم تكون السينما قناة هادفة لتحقيق مبدأ نشر هذا المنهج، من خلال عرضها للدين والمتدين في صورته الصحيحة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالله النملي
كاتب و باحث مغربي
كاتب و باحث مغربي في قضايا اللغة، الثقافة، السياسة والتاريخ المحلي. نشرتُ مئات الأبحاث و المقالات في المجلات و الصحف والمواقع الإلكترونية المغربية والعربية.
تحميل المزيد