قتلَها المطبِّعون أولاً.. شيرين أبو عاقلة الاختبار الحقيقيّ لهؤلاء

عدد القراءات
2,973
عربي بوست
تم النشر: 2022/05/12 الساعة 12:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/12 الساعة 12:54 بتوقيت غرينتش
التطبيع مع إسرائيل

هي عملية اغتيال وقتل مع سبق الإصرار والترصد، هي محاولات مستمرة للقمع وإسكات صوت الحق، وعدم إيصال الحقيقة للعالم أجمع. حقيقة أرض عربية ملك للشعب الفلسطيني، حقيقة تاريخ ورثة قومٍ قتلوا الأنبياء والرسل وكتب الله عليهم التيه في الأرض، وحقيقة شعبٍ كل يوم يضحي بروحه من أجل أرضه دفاعاً عن ممتلكاته من يد محتل مغتصب للأرض.

ما حدث بالأمس لشيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة، واغتيالها من قِبَل قوات جيش الاحتلال الغاشم، رغم ارتدائها سترة الصحافة لتغطية ما يحدث في جنين وممارسة عملها بشكل احترافي، هو جريمة بشعة وقتل بدم بارد وبجاحة غير متناهية.

فعلى الرغم من جرائم الاحتلال التي تتكرر كل يوم في حق شعبنا في فلسطين الجريحة، وسقوط عشرات الشهداء يومياً وغيرهم من المصابين، والتضييق على المسلمين والمسيحيين في تأدية مشاعرهم وطقوسهم الدينية، وحصار المسجد الأقصى في رمضان، ومنع المصلين من الصلاة، فإن عملية اغتيال شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة، هي جريمة يتحملها المطبّعون مع هذا الكيان المحتل.

نعم.. كل من أعلن تطبيعه واعترافه بإسرائيل دولة على حساب أصحاب الأرض العربية الفلسطينيين، هم مساهمون في عملية اغتيال شيرين. بمن تستقوي إسرائيل؟ أين المجتمع الدولي؟ أين منظمات حقوق الإنسان؟ ما هو دور جامعة الدول العربية؟ هل سيتخلى حكام العرب عن التطبيع إذن؟ أبداً، وبالتالي، هم شركاء في دمها.

وفوق كل هذا.. أين الإنسانية؟

الإجابة بكل أسف هي الإدانة والشجب والاستنكار، وهي تلك الشعارات التي أصبحت محفوظة في مثل هذه المواقف، وحين تبحث عن مواقف حقيقية رادعة لوقف مثل هذه الممارسات، لا تجد سوى شارة سوداء لحفظ ماء الوجه.

للأسف تطبيع الدول العربية مع هذا الكيان المحتل علناً وبدون أي حياء، كان بمثابة إشارة واضحة لجيش الاحتلال؛ حيث التصرف بكل أريحية لقمع الشعب الفلسطيني، والتضييق عليهم، حتى وصل بهم الأمر للغدر بالطاقم الصحفي أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.

نعم.. سيذكرك التاريخ يا بنت فلسطين الحرة، التاريخ الذي سيكتبه أطفالنا الذين تربوا على مثل هذه المشاهد، مشاهد القمع والقتل بدم بارد، لا التاريخ الذي سيكتبه الأقوياء (حسب تعريفهم المخلّ للقوة).

هؤلاء الأطفال هم خير شهود، هم من عاشوا الحدث بكل تفاصيله، هم من استخدموا الحجارة أمام الرصاص الحي، هم المدافعون عن أرضهم، هم من سلبت منهم الطفولة ورأوا الموت في كل مكان واستعدوا له أيضاً في كل وقت.

رحلت شيرين عن عالمنا القميء، لكن ستظل روحها ترفرف في فلسطين، تداوي جروح المصابين، وتقوي من عزيمة الأمهات الفلسطينيات، وستظل فخراً لأصحاب مهنة الصحافة والإعلام في توصيل الحقيقة كاملة دون خوف، في زمن أصبحت فيه مهنة الصحافة والأعلام مهنة "التطبيل وتغفيل المتلقي"، إلا مَن رحم ربي.

فسلاماً لروحك الطاهرة يا شيرين يا بنت فلسطين، وسلاماً لكل شهيد ضحى بروحه من أجل الدفاع عن أرضه أو في سبيل عمله.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أسماء الشنواني
مدونة مهتمة بقضايا المرأة والمجتمع
أنا كاتبة وصحفية مهتمة بقضايا المرأة، أكتب عن دورها العظيم والمؤثر، ليس فقط داخل أسرتها التي هي الأساس، ولكن داخل المجتمع ككل، أحب تحليل ورصد تأثير الأعمال الدرامية على المشاهدين، أنقد تارة، وأمدح تارة أخرى ما يتم عرضه على شاشة التلفزيون، لا أفضل السوشيال ميديا، حيث الحياة الخاصة التي أصبحت على الملأ، أؤمن بأهمية التربية عن الرعاية ودور الوالدين العظيم معاً وقدرتهما على تكوين شخصيات سوية لأطفالهما.
تحميل المزيد