انطلقت بالأمس حملات جماهيرية أهلاوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر، وبيان من الاتحاد المصري لكرة القدم سبقها بيان من النادي الأهلي، ترفض إقامة نهائي دوري أبطال إفريقيا، الذي بلغ أشواطه الأخيرة، في المغرب. انطلقت الحملة الجماهيرية ونظيرتها الرسمية بعدما تحدد بنسبة كبيرة طرفا النهائي. ففوز الأهلي المصري على حساب وفاق سطيف الجزائري برباعية نظيفة في مباراة الذهاب بالقاهرة يعني أن المارد الأحمر قد وضع قدماً في النهائي الثالث على التوالي له، وانتصار الوداد الرياضي خارج ميدانه على بيترو أتليتكو الأنجولي بثلاثة أهداف لهدف يعني أن الوداد قد حجز مقعداً في النهائي أيضاً.
قبل بدء التحليل والتعقيب على هذه البيانات والحملات الجماهيرية المصرية الرافضة لاختيار مركب "محمد الخامس" كمسرح للمباراة النهائية، وجب أن نرصد عدة نقاط مهمة.
ترشيحات استضافة النهائي
مع بداية دور المجموعات من دوري أبطال إفريقيا، فتح الاتحاد الإفريقي باب الترشح لاستضافة نهائي دوري أبطال إفريقيا وكذلك الكونفدرالية الإفريقية. حسب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، ترشحت 3 دول لاستضافة نهائيات دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية الإفريقية، ومن بين الدول المرشحة، كان المغرب بـ5 ملاعب من بينها ملاعب الرباط وفاس ومراكش ونهضة بركان والدار البيضاء لاستضافة نهائي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية، ورشحت السنغال ملعبها الجديد لاستضافة نهائي دوري أبطال إفريقيا، وكذلك فعلت الكاميرون.
إلى هذا الحد الأمور ممتازة وجيدة من الناحيتين الإدارية والقانونية.
اختيار ملعب النهائي
الخطأ الذي وقع فيه "الكاف" دائماً هو تأجيل الحسم في مكان إقامة النهائيات حتى بلوغ دور نصف النهائي من كلتا البطولتين.
في نسخة 2020، ترشح كل من المغرب ومصر لإقامة النهائي على أراضيهما، لم يبت الاتحاد الإفريقي في المسألة إلا بعد إقصاء ممثلي المغرب؛ الوداد والرجاء، من الدور نصف النهائي، مقرراً إقامة النهائي بالقاهرة.
في نسخة 2021، تقدم المغرب مرة أخرى بطلب لاستضافة النهائي، ولم تتقدم مصر، ولعب النهائي على الأراضي المغربية بين كايزر تشيفز الجنوب إفريقي والأهلي المصري.
هذه السنة ترشح المغرب والسنغال والكاميرون، ولم تترشح مصر لاستضافة النهائي، ولعل "الكاف" لم يحدد ملعب النهائي منذ بداية البطولة أو بعد دور المجموعات مباشرة، في سعي منه لكسب رهان حضور الجماهير وتسويق المنتج الإفريقي.
الضغط على الكاف
بلغت البطولة محطة نصف النهائي، وبدأت الآلة الإعلامية الأهلاوية الضغط على الكاف لعدم قبول مركب "محمد الخامس" مسرحاً للنهائي، خاصة أن المنافس سيكون على الأرجح الوداد الرياضي. مع العلم أن الأهلي ترشح للدور نصف النهائي بعد إقصائه للرجاء في ربع النهائي بخطأ تحكيمي كارثي بوجود "الفار".
عقد الكاف اجتماعه، وقرر التصويت على ملعب النهائي وكان الملعبان المرشحان، ملعب السنغال وملعب الدار البيضاء. وجاء التصويت لصالح الملعب المغربي، في حضور ممثل مصر هاني أبو ريدة، الذي رفض إقامة النهائي بالسنغال بعد أحداث مباراة مصر والسنغال في إقصائيات كأس العالم الأخيرة.
بل إن المضحك في الأمر أن الاتحاد المصري لكرة القدم تقدم بطلب لإعادة مباراة مصر والسنغال بسبب غياب الأمن وشغب الجماهير في ملعب السنغال، واليوم يطالب بأن يستضيف ملعب السنغال النهائي لتوفره على الأمن!
هل انتهينا؟.. لا
في أكبر خرق لقواعد الديمقراطية أمام الضغط المصري الأهلاوي، الذي بعث رسالة إلى الكاف يطالب فيها بملعب محايد للمباراة النهائية… كيف يكون محايداً ومصر لم تترشح بالأصل لاستضافة النهائي؟ كيف يملي اتحاد دولة يتحكم في الاتحاد الإفريقي بالمخالفة لمبادئ التصويت والديمقراطية التي اختارت مركب "محمد الخامس" في حضور ممثل مصر.
الحديقة الخلفية
وعلى خلفية الضغط الإعلامي الأهلاوي على "الكاف"، خاصة بعد تصريحات سابقة لنجم الكرة المصرية ميدو، قال فيها إن المغرب أخذ مقاعد المصريين في أروقة "الكاف"، وأنه لا يعقل أن يكون مقر الاتحاد الإفريقي في مصر وألا يكون الموظفون منها، انطلقت مطالبات من جماهير الوداد الرياضي المغربي ومشجعي فرق تونسية وجزائرية مطالبة بنقل مقر الكاف إلى دولة محايدة.
معتبرين أن مصر منتخباً وأندية استفادت كثيراً من محاباة الحكام والأجهزة الرياضية في "الكاف". ما زاد من حدة الصراع هو تسريب سابق لنائب نادي رئيس المريخ السوداني يتحدث فيه عن اتفاق مسبق مع النادي الأهلي لضمان مقعد للمريخ في الدور الثاني مقابل إقصاء الهلال السوداني وصن داونز الجنوب إفريقي، لكن يبدو أن الأخير بعثر كل الأوراق بعد هزيمته للنادي المصري ذهاباً وإياباً.
وسبق ذلك، تصريحات لنجم الكرة المصرية السابق فاروق جعفر تحدث فيها عن مجاملة الحكام للنوادي المصرية في البطولات الإفريقية.
كل هذا يحدث على مسامع وأنظار الاتحاد الإفريقي ورئيسه الجنوب إفريقي دون تحرك لجنة الأخلاق والقيم أو حتى تقديم بيان توضيحي للشأن العام.
الكرة الإفريقية تحتاج إلى صدمة
لن يستطيع أحد ما أن ينكر ما تعيشه الكرة الإفريقية من فشل، وأن حالتها أسوأ من نظيرتها الآسيوية والجنوب أمريكية، ولعل هذا التخبط الذي تعيشه الآن أبلغ دليل على سبب فشل قارة تعتبر أكبر خزان للكرة العالمية من النجوم السمراء.
لذا أصبح لزاماً على رئيس "الكاف" موتسيبي:
أولاً: قبول نتائج التصويت كما هي وتزكيتها، وألا يعذر أحداً بجهله للقوانين وألا يجعل من الكاف حديقة خلفية لأي اتحاد مهما كان.
ثانياً: فتح تحقيق في تصريحات فاروق جعفر، ونائب رئيس المريخ السوداني، سواء كانا على حق أو على باطل، حفاظاً على صورة ونزاهة البطولات الإفريقية.
ثالثاً: الرد على مراسلات الاتحاد المصري بالشكل اللائق حتى لا يتدخل أي اتحاد في شؤون الكرة الإفريقية وألا يملي عليها ما يجب اتخاذه من قرارات.
رابعاً: متابعة الأخطاء التنظيمية فيما يخص "الفار" ونقل اللقطات على التلفزيون وتأخرها لضمان الحياد الحقيقي، فلقد أضحى التحكيم الإفريقي عرضة لسخرية العالم بعد ضربة الجزاء الخيالية المحتسبة للأهلي المصري ضد الرجاء البيضاوي.
خامساً: أخذ كل الاحتياطات حتى لا تتكرر "فضيحة" نهائي رادس مرة أخرى.
سادساً: البحث عملياً في إمكانية نقل الاتحاد الإفريقي من مصر إلى دولة أخرى لا تعتبر الكاف حديقتها الخلفية.
سابعاً: تحديد ملاعب المباريات النهائية قبل إجراء قرعة البطولات القارية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.