كثيراً ما تحتار النساء وتتردد في العبادات بسبب اختلال الدورة الشهرية، وسأسرد في هذا المقال بعض أحكام الحيض والعبادات، وسيكون بعضها من باب التأكيد والتذكير، وبعضها الآخر مما جدَّ فكثُر السؤال عنه:
1- إذا نزل الدم قبل أذان المغرب بدقيقة واحدة أو ثوانٍ معدودة فقد ذهب يوم المرأة وفسد صيامها وعليها قضاؤه.
على أن المرأة المتزوجة يمكنها حبس الدم بقطنة -أو ما يماثلها- ومنعه من الخروج لتحافظ على إتمام صيام يومها هذا، ولا حرج عليها في منع الدم من الخروج، ولا تأثم، وأقصد أن المرأة حين يحين موعد دورتها الشهرية تشعر بمغص وآلام، وتتوقع نزول الدم بين لحظة وأخرى، ولا بأس أن تأخذ احتياطها (لتستمر في صيام يومها هذا)، فتضع قطنة داخل المهبل (قبل أن تخرج أي نقطة دم منه)، وتتركها حتى يؤذن مغرب هذا اليوم، فتكون قد أتمت صيامها، ويحسب لها، ولم تخسره، وليس عليها إعادة صيام ذلك اليوم.
2- لو نزل دم الحيض بعد أذان المغرب ولو بثانية واحدة صح صوم المرأة، ولو لم تصلّ المغرب، ولا حرج عليها في عدم الصلاة.
وأيضاً من دخل عليها وقت صلاة: فأذن الظهر مثلاً، وانشغلت ولم تصلّ، ثم حاضت قبل العصر بمقدار ركعة فلا شيء عليها إن شاء الله، ولا تأثم لأن في الوقت متسعاً، ولأنها لا تعلم بدقة وقت حيضها.
وأما قضاء هذه الصلاة (بعد الطهر)، فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من ألزمها بالقضاء كالشافعي وأحمد، ومنهم من لم ير القضاء لازماً للمرأة كمالك وأبي حنيفة، لأنها ليست مفرطة بالتأخير وفي الوقت متسع، وهو اختيار ابن تيمية، واختيار جدي علي الطنطاوي، وعليه كنا نسير في الشام: "تسقط عنها هذه الصلاة ولا تقضيها بعد أن تطهر".
3- كنا نلاحظ ونحن فتيات أن عدد أيام الدورة يختل في كل رمضان! وغالباً كانت تنقص يوماً، وفي حالات قليلة تزداد، فيكون على المرأة إذا احتارت أن تفطر عدد أيام دورتها الأصلية، ثم تغتسل وتصوم (فعند الحنابلة لا تتغير العادة من مرة واحدة، وإنما بعد ثلاث مرات).
4- ولا تصوم المرأة حتى يثبت طهرها من الحيض قبل أذان الفجر، فعندها تغتسل وتصوم يومها ذاك، وأما لو طهرت بعد أذان الفجر بثانية فتبقى مفطرة، لكنها تغتسل لأجل الصلاة.
وللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان:
الأول: أنها يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم، ولكنه لا يحسب لها، بل يجب عليها القضاء، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد.
والقول الثاني: إنها لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم؛ لأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائض، وإذا لم يصح صومها لم يبق للإمساك فائدة! لأنها مأمورة بفطره في أول النهار، بل محرم عليها صومه (وبه كان يفتينا جدي علي الطنطاوي فكنا نأكل ولا نمسك).
وبالنسبة للصلاة: إذا طهرت المرأة من الحيض بعد أذان العصر، أو بعد أذان العشاء، فهل يلزمها أن تصلي الظهر أيضاً مع العصر؟ وتصلي المغرب مع العشاء؟
والمسألة فيها قولان:
الأول: تصلي العصر والظهر معه جمع تأخير (والمغرب مع العشاء).
الثاني: تصلي فقط الفريضة التي طهرت فيها، وهذا ما تعلّمناه وما كنّا نأخذ به في الشام، وهو القول الراجح في هذه المسألة "فلا يلزمها إلا الصلاة التي طهرت في وقتها"، ولا دليل على وجوب صلاة الظهر ولا صلاة المغرب، والأصل براءة الذمة.
5- وأما قضاء الصيام بعد رمضان فلا يجب على الفور، ويجوز تأخيره، فقد ورد عن السيدة عائشة: "كان يكون عليّ القضاء من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان".
6- وهناك من تسأل: "هل يمكن أن يزيد الحيض عن 15 يوماً؟ والنفاس عن 60 يوماً؟ وهل تقل مدة الطهر بين الحيضتين عن 15 يوماً؟".
والجواب: يرى ابن تيمية أنه لا حدّ لأكثر الحيض، ولا حدّ لأقلّه، ولو زاد الحيض عن 17 يوماً، ولا حدّ للطهر بين الحيضتين، ولو كان الطهر أقل من 15 يوماً.
7- تحيض المرأة في الخمسين، وقد يستمر الحيض معها للسبعين.
8- من رأت صفرة أو كدرة في زمن الحيض فهو حيض، وبالتالي من رأت الطهر خلال دورتها (ثم عاودتها الدورة) فكله يعتبر حيضاً.
وأما المشح البنية والألوان الزهرية التي تسبق الدورة فهذه فيها خلاف، وعلى الأرجح هي من الدورة، خاصة حين تترافق مع مغص، وتكون متصلة بالدورة.
9- قد تتغير طبيعة دورة المرأة بعد الولادة والزواج (أو مع تقدمها بالسن)، وقد تتغير بسبب تركيب لولب… فتزيد أيامها أو تنقص، وقد تتغير طبيعة الدم ولونه… وكل هذه تعتبر دورة.
وأكثر هذه الفتاوى من كتاب "فقه السنة الميسر" للمطلق ج1/ ص90 وما بعدها، وهو الكتاب المقرر في السعودية، والذي سبق ودَرَّسْتُه لطالباتي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.