لم تهدأ الزوبعة الإعلامية المصاحبة لتعيين إيهاب جلال مدرباً للمنتخب المصري بين مرحب بالقرار ومتحفظ على الخطوة، أو كما أسميها "المغامرة" التي أقدم عليها الاتحاد المصري بوضع الثقة في المدرب المحلي، الذي تقف أمامه سلسلة طويلة عريضة من العقبات والرهانات الكبرى لإعادة الفراعنة للسكة الصحيحة التي ترضي جماهيره الغفيرة التي لم تهضم بعد مرارة الإقصاء والخروج المخيب من تصفيات المونديال أمام السنغال بتلك الطريقة المستفزة.
وهنا نتوقف عند أهم التحديات الرئيسية التي تلوح في الأفق وتخيم على الوضع، وتنذر بما ينتظر إيهاب جلال في قادم الأيام، ونستعرضها على النحو التالي:
غياب الحصانة الإعلامية
يعرف القاصي والداني السطوة الإعلامية الكبرى التي يمتلكها ناديا الأهلي والزمالك، ما ينعكس بجلاء على "حماية" الأسماء التي تنتمي لهما. تعمل تلك الحظوة على توفير سند إعلامي كبير لأبناء المعسكرين الأبيض والأحمر. وهذا المعطى يفتقر إليه تماماً المدرب الجديد للفراعنة، بحكم أنه غير محسوب على أيٍّ من قطبَي الكرة المصرية، رغم أنه سبق أن درَّب الزمالك لفترة لم تتجاوز الثلاثة أشهر، ولم يحقق فيها نجاحاً يُذكر.
ولعل ما يعزِّز صحةَ هذه النقطة ما نعاينه اليوم عبر الفضائيات المحلية، من انتقاد لاذع وتشكيك واضح في قدرة إيهاب جلال على المُضي قدماً نحو الأهداف المنشودة.
ومن المؤشرات غير الإيجابية ما جرى في المؤتمر الصحفي الذي عقده إيهاب جلال بعد انتهاء مباراة بيراميدز أمام مازيمبي الكونغولي، ضمن منافسات بطولة الكونفيدرالية الإفريقية، وهي بالمناسبة المواجهة الأولى له مع وسائل الإعلام، بعد صدور قرار تعيينه، وقد بدا متأثراً للغاية بالجدل الدائر حوله؛ إذ وصف منتقديه ورافضي تعيينه بالقول: "فيه أراجوزات مش عاوزين نوجع دماغنا بيها".
وهذا موقف مفاجئ من إيهاب جلال، المعروف بهدوئه وابتعاده عن القيل والقال والرد على منتقديه. وقد سار النجم المصري السابق أحمد حسام "ميدو" في السياق نفسه، عبر برنامجه التلفزيوني، منتقداً "تسرُّع" جلال في الرد، وكاشفاً أنه استغرب كلامه؛ لأنه تحديداً ظل يعاتبه على الدخول في صراعات جانبية مع الإعلام والآخرين؛ فهل بدأت الحملة الإعلامية تؤتي ثمارها مبكراً في التأثير على إيهاب جلال وهو لم يباشر عمله من الأساس؟
امتصاص الضغوط
استكمالاً للسياق الأول، يمكن لمن يطلع على السيرة الذاتية للرجل أن يلاحظ بمنتهى الوضوح أنه يعمل بهدوء وأريحية كلما قلَّت الضغوط، والدليل على ذلك تجربته مع فريق مصر للمقاصة الذي قاده سنة 2017 للحصول على المركز الثاني بفارق عشر نقاط عن الأهلي، بطل الدوري المصري حينها، وبالتالي التأهل لدوري أبطال إفريقيا؛ لكن تجربته مع الفارس الأبيض الزمالك لم تدُم طويلاً، كما سبق وأشرنا، وخرج من كأس الكونفيدرالية الإفريقية أمام فريق ولايتا ديتشا الإثيوبي في الدور الـ32 ولم يقوَ على ترك بصمة واضحة في التحدي الأبرز في مشواره.
ولعلها النقطة التي يستغلها الكثير من منتقدي اختياره لقيادة المنتخب ويتحدثون عن عدم قدرته على العمل تحت الضغوط في التحديات الكبرى.
ومن المعلوم أن إيهاب جلال سبق أن درب أندية كهرباء الإسماعيلية وتليفونات بني سويف وكفر الشيخ والإسماعيلي وإنبي والمصري البورسعيدي والإسماعيلي، وتجربته الأخيرة رفقة بيراميدز الذي يتواجد في المركز الثالث حالياً للدوري المصري.
ترويض النجوم
من الرهانات الأخرى الكبرى التي ينتظر الكثيرون كيف سيتعامل معها إيهاب جلال، نتوقف عند معطى ترويض النجوم، وإقناع كل واحد بدوره وأهميته في المنظومة المعتمدة من لدن المدرب لا سيما أن المدرب المحلي تحديداً لطالما يواجه حالة "تمرد" كلما تسلَّم زمام الأمور في المنتخب، نذكر منها تصرف مهاجم جلطة سراي مصطفى محمد مع المدرب حسام البدري، في آخر مباراة له أمام الغابون، وأيضاً أحمد رفعت في كأس العرب بقَطر مع كارلوس كيروش، ولعل الصدام الأشهر هو بين شيخ المدربين حسن شحاتة وأحمد حسام "ميدو" في مباراة السنغال الذائعة الصيت في نصف نهائي أمم إفريقيا 2006.
فكيف سيتعاطى إيهاب جلال مع هذا الموضوع، لا سيما في ظل النفخ الإعلامي المصاحب لاستبعاد أي نجم محتمل من صفوف الغريمين على سبيل المثال؟ وهل سيتحلى بالنفَس الطويل وينجح في الابتعاد عن كل ما يُنشر في وسائل الإعلام ويركز على عمله داخل المستطيل الأخضر؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.