القليل من الكوميديا والكثير من المشاهد الجنسية الجارحة.. كيف أفسد عادل إمام نظرة المجتمع للمتحرش؟

عدد القراءات
8,121
عربي بوست
تم النشر: 2022/04/21 الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/21 الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش
الفنان المصري عادل إمام

"الزعيم".. هكذا يُلقب عادل إمام جمهورُه والكثير من الفنانين المصريين، وغير المصريين، ليس بسبب تقديمه لمسرحية "الزعيم" قبل عدة سنوات، وإلا فلماذا لم يلقبوه بـ"الهلفوت" وقد قدم فيلماً بنفس الاسم عام 1984؟

يُستخدم لقب "الزعيم" على سبيل التفخيم والتعظيم لهذا النجم الذي استطاع التربع على قمة شباك التذاكر في السينما خلال فترتَي الثمانينيات والتسعينيات وليستمر نجاحه بعد ذلك لفترة ليست بالقليلة رغم ظهور جيل جديد، عام 1997، بزعامة نجم الكوميديا محمد هنيدي الذي أحدث انقلاباً في السينما بتقديمه لفيلم "إسماعيلية رايح جاي" عام 1997.

وإذا كان الفنانون ينظرون إلى عادل إمام باعتباره زعيم الوسط الفني، وقد وصفته الممثلة وفاء عامر في لقاءٍ تليفزيوني قائلة عنه "دا الكبير بتاعنا"، فقد يدعو الأمر إلى طرح السؤال التالي:

ماذا قدم عادل إمام للممثلين المصريين ولمهنة التمثيل؟

وللإجابة على هذا السؤال نحتاج أولاً إلى العودة للوراء عدة سنوات؛ لنتذكر أن مهنة الممثل، أو المشخصاتي، كانت من المهن المحتقرة في مصر، فقد كان يرى الكثيرون الممثل كالأراجوز الذي لا قيمة له، هو فقط شخص يحبون مشاهدته للتسلية والترفيه، ولكن عندما يقترب الأمر من حياتهم الشخصية يتبدل الوضع، فإذا ما فكر مراهق أو شاب في الالتحاق بمهنة التمثيل، فإن الأمر غالباً ما يقابَل من الآباء والأمهات بالاستنكار والرفض التام، وتصبح الأزمة أكبر إذا ما جاءت الفكرة من فتاة.

حتى إن النجم المصري العالمي عمر الشريف قال في لقاءٍ تليفزيوني إنه عندما أراد أن يعمل ممثلاً قوبل الأمر بالسخرية والرفض الشديد من والده، تاجر الأخشاب الثري، الذي استنكر أن يعمل ابنه كـ"أرتيست" يوضع في قالب واحد مع الراقصات اللواتي ينظر لهن المجتمع شَزْراً حتى الآن.

وتطورت الحياة في مصر كغيرها من دول العالم، وحظي الكثير من الممثلين بحب كبير من عشاق الشاشة الفضية التي استطاعت جذب مختلف طبقات المجتمع إليها، بمن فيهم الملوك والأمراء والرؤساء الذين كرَّم بعضهم فنانين مصريين، في مناسبات مختلفة، وليصبح الممثل -إلى حد كبير- مثله مثل غيره وتتغير النظرة لمهنة التمثيل ولتصبح الفكرة السائدة -لدى عدد ليس بالقليل- بأن مهنة التمثيل مثلها مثل المهن الأخرى (فيها الكويس وفيها الوِحِش).

ولنعد الآن إلى "الزعيم" ولنتذكر أيضاً أن رحلة نجوميته بدأت بنهاية الجيل الذهبي للسينما، بعد أن أصبح عمر الشريف ممثلاً عالمياً، وتوقف أحمد رمزي عن التمثيل، وتراجعت نجومية الفتى الأول شكري سرحان وغيره من نجوم فترتي الخمسينيات والستينيات.

وفي اعتقادي أن الأمر لم يرتبط فقط بنهاية الجيل الذهبي، فربما كان لحرب أكتوبر 1973 دور كبير في إقبال الجمهور على الأفلام التي قدمها عادل إمام والتي اعتمدت بشكلٍ كبير على ما يمكن تسميته "هلس"، سواء على مستوى الموضوعات أو الكوميديا أو الاعتماد بشكل كبير على أجساد الممثلات لجذب جمهور عانى من فترة احتلال استمرت لمدة ست سنوات فوجد أنه يستحق الحصول بعدها على قدر من المتعة بأي شكل.

صعد عادل إمام سلم النجومية وسط منافسة ضعيفة مع نجوم فترة ما بعد الحرب واحتل مكانة متميزة لدى الجمهور، وأصبح نجم شباك بتقديمه لأدوار الشخص الساذج أو محدود الذكاء، وحقق نجاحاً كبيراً جعل منتجي السينما يسندون إليه أدواراً لا تناسب مواصفاته الشكلية والجسمانية فقط لمجرد أنه أصبح نجم شباك، فقدم دور لص كان يلعب الملاكمة في فيلم "المشبوه"، عام 1981، وهو لا يمتلك أي مواصفات جسمانية توحي بأنه مارس أي رياضة في حياته.

وتبع ذلك الدور بأفلام أكشن لا تليق به وأفلام مع أجمل ممثلات السينما، واستمرت رحلة صعوده مع الجميلات لدرجة أن ظهر في فيلم "سلام يا صاحبي"، عام 1987، وقال في لحظة غضب جملته الشهيرة "أنا مافيش مَرَة ما بتحبنيش"، وذلك بعد أن شاهدناه في أكثر من مشهد خلال الفيلم وهو يمارس الجنس مع عدد من السيدات فائقات الجمال والأنوثة.

تقبَّل الجمهور عادل إمام في هذه الأدوار بسبب ضعف المنافسة وعدم وجود خيارات أمامه (الجمهور)، فوثَّق عادل إمام في نفسه وتأكد أن نجوميته أصبحت أمراً واقعاً ولن يستطيع أحد زحزحته من مكانه، فقرر أن يجعل الأفلام تخَدّم عليه بدلاً من أن يسخر طاقته في خدمتها لتنجح، فأصبح يستعين بأجمل الممثلات المتواجدات على الساحة الفنية ويقدم معهن مشاهد جنسية مبتذلة بشكل فج، حتى أصبحت سمعته في التسعينيات بأنه أكثر ممثل يقدم مشاهد جنسية في أفلامه، وترسخت تلك الفكرة في أذهان الجمهور، "فيلم عادل إمام سيكون مليئاً بالمشاهد الجنسية".

ويبدو أن عادل إمام لديه إحساس ما حاول تعويضه بتقديم تلك المشاهد بدون ضرورة درامية، فقط هي لمزاجه الشخصي، وهو ما أراه قد أساء لمهنة التمثيل ولسمعة الممثلين التي لم تكن قد تخلصت من كل الشوائب العالقة بها بتأثير الفكر القديم ونظرة الاحتقار للمشخصاتية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد شريف
صانع محتوى متخصص في السينما والفن
صانع محتوى متخصص في السينما والفن
تحميل المزيد