نشرت صحيفة الشرق مقالاً للكاتبة سوسن الأبطح، تتحدث فيه عن نشر بعض الكتب كـ"رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري، باللهجة العامية، وروايات أخرى، لتلحق بالركب "الهيئة المصرية العامة للكتب"، وتنشر أيضاً كتباً أخرى، ولم تفصح الكاتبة عن أية عامية تنشر بها هذه الكتب، وهو أمر شديد الغرابة، أن تقوم هذه الهيئة الشهيرة بهذا العمل الخبيث.
إن عدد اللهجات المحلية المحكية تُعد بالعشرات، وهي تختلف من بلد إلى آخر، وداخل كل بلد توجد عدة لهجات محكية، وهي مسألة لا تقتصر على اللغة العربية، فكل اللغات الحية فيها الفصحى والعامية، وهذا ليس عيباً، لأن العامية لها مزاياها ومرونتها، وبالأصل هي مستندة إلى الفصحى.
واللغة الفصحى عامل قوي في توحيد أبناء القومية الواحدة، أياً كانت هذه القومية شرقاً وغرباً.
تعود اللغة العربية الفصحى إلى نحو 1600 عام، في حين ترجع أصولها إلى ما قبل ذلك بكثير، وتنتمي إلى عائلة اللغات السامية التي تضم أيضاً اللغة العبرية والأمهرية والتيغرينية، إلا أن اللغة العربية أكثر اللغات السامية انتشاراً في العالم.
كان أول من تحدث اللغة العربية القبائل البدوية في الحدود الشمالية الغربية من شبه الجزيرة، وقد انتشرت فيما بعد في المنطقة بين بلاد ما بين النهرين شرقاً إلى جبال لبنان في الغرب، إلى سيناء في الجنوب.
كما نجد الكلمات ذات الأصول العربية في العديد من اللغات الأخرى حول العالم مثل الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والتركية والإيرانية وغيرها.
على سبيل المثال، تحتوي اللغة الإنجليزية على العديد من الكلمات المكتسبة إما مباشرة من العربية أو بشكل غير مباشر من الكلمات العربية التي دخلت إلى اللغات الرومانسية قبل الانتقال إلى الإنجليزية.
بما في ذلك كلمات مثل: الكيمياء Chemistry، الكحول Alcohol، الجبر Algebra، الخوارزمية The algorithm، العنبر Amber ، القهوة Coffee، القطن Cotton، الليمون Lemon وغيرها الكثير.
وفي اللغة الإسبانية مثلاً يوجد حوالي 4 آلاف كلمة مشتقة من اللغة العربية بشكل مباشر ولا تزال تستخدم إلى اليوم.
وأما خصوصية العربية فإنها فضلاً عن المتكلمين بها، الذين يبلغ عددهم حوالي (450) مليوناً، فهي اللغة التي يُمارس بها حوالي (1.4) مليار مسلم طقوسهم الدينية، بالإضافة إلى أن كثيراً من الكنائس المسيحية في الشرق تمارس طقوسها بها.
إن اللغة العربية ليست عاجزة عن مواكبة العصر بالمصطلحات الجديدة، كما يدعي أنصار العامية، فحيوية أي لغة بما تستوعب وليس بما تعطي فقط، ولكن بعض مستخدميها، وخصوصاً العاملين في مجال الترجمة التجارية، يرمون بعجزهم إلى صعوبة اللغة!
لقد عمل اليهود بعد إنشاء إسرائيل وقبلها على إحياء لغة عبرية واحدة من اللهجات المختلفة ليهود الشتات، علماً أنه لا يوجد في العبرية إلا (2500) جذر لغوي، بينما تحتوي العربية على (16000) جذر لغوي، رغم انتماء اللغتين إلى ما يسمى بالجذر السامي، بجانب الآرامية والبابلية والآشورية… إلخ.
فهم من الشتات خرجوا بلغة موحدة، ونحن من لغة القرآن يعمل بعض المشبوهين على تشتيت لغتنا إلى لهجات، بحجة تسهيل تعلمها، ويتخذون من بعض الترجمات والكتابات الركيكة المملوءة بالأخطاء حجة لتمرير أفكارهم.
وعليه، فالعيب في مستخدمي اللغة وليس باللغة نفسها.
إن هذا الخط محكوم عليه بالفشل مسبقاً؛ لأن العربية هي لغة القرآن ولا غير، وهي تأخذ وتعطي بسهولة. وأخيراً كما تقول السيدة سوسن الأبطح، فإنه لا خوف على الفصحى، فاللغات خُلقت لتواصل البشر، ويجب أن تزداد روابط الاتصال، وأهمها الفصحى، ولو لم تكن الفصحى موجودة لوجب علينا أن نجدها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.