بالمصادفة كنت أتابع مسلسلاً على اليوتيوب عُرض في رمضان الماضي، اسمه "نسل الأغراب"، استوقفتني كلمة قالتها الفنانة فردوس عبد الحميد داخل السياق الدرامي "نصف من ماتوا كانت جرأتهم سبب موتهم، وليس خوفهم"، رغم عمق الكلمات وجمالها فإنها انهزامية، تدعو للخوف، وتدفن جزءاً من خلايا الجرأة، وتعتبرها الطريق دائماً للموت، ربما كانت الكلمة مناسبة للحدث، وتحاول أن تكبح أو توقف ابنها عن الدخول في حرب بكل تأكيد سيخسرها، لكنها على كل حال انهزامية.
"من خاف سلم"
لو رجعت للمثل الشعبي الدارج: "مَن خاف سِلِمْ " تجد أن الخوف عاطفة، ووفقاً لأحد التقارير المنشورة في أحد المواقع الأجنبية، يوضح أن الخوف ليس سُبة ولا وصمة عار، ولا يعني أنك شخص هشّ ضعيف أو جبان.
الخوف المرضي
هناك الخوف المرضي "الفوبيا"، وهو الخوف اليومي المستمر، والذي يبدأ بالوساوس وينتهي بالخوف المرضي، والذي يؤثر سلباً على حياتك اليومية، وهو خوف مرفوض؛ لأنه يجعل الإنسان أكثر توتراً ويصل به إلى الاضطرابات العقلية، يؤصّل داخل النفس والعقل والروح ملامح انهزامية وخوفاً من كل شيء، حتى المجهول نفسه.
الخوف العقلاني
الخوف العقلاني يجعل الإنسان يستفيد من التجارب التي يمر بها، وبمن حوله أيضاً، ويمكن جداً أن يكون دافعاً للأمام، ونتجرأ ونواجه عواقب الأمور، الخوف العقلاني أشبه كثيراً بالنظرية الهندسية "الخط المستقيم يصل بين نقطتين"، فمهما كانت البداية لا بد أن تدرك في نهاية الأمر أنك ستصل للأمان.
بشكل عام التقرير يرصد الخوف، ويعتبره ليس حدثاً يجب أن نقف أمامه طويلاً، ويؤكد أن المشكلة الحقيقية في طريقة التعامل معه، واحتواء ملامحه، والتعامل مع تفاصيله بذكاء ومن دون رهبة، حتى تصل إلى مناطق آمنة تجعلك قادراً على التعايش والعمل والحياة.
المغامرة المحسوبة
قال الشاعر قديماً: "يفوزُ باللَّذَّاتِ كلُّ مُغامرٍ * ويموتُ بالحَسَراتِ كلُّ جبان "، جزء كبير من نجاح الشخص هو التخلص من خوفه، والمغامرة، لكن المغامرة المحسوبة، أو المخاطرة والجرأة في اتخاذ القرار، مطلوب أن ندرس كل قرار وكل خطوة في حياتنا، لكن يجب أن نضع لأنفسنا جزءاً من المغامرة، الحقيقة كل من نجحوا كان جزءاً من نجاحهم المغامرة والمخاطرة.
الفرصة لا تأتي مرتين
سألت مذيعة بيل غيتس ما هو سر نجاحك فأعطاها شيكاً من دفاتر شياكته، وقال لها اكتبي المبلغ الذي تريدينه، فقالت أنا لا أقصد هذا يا سيدي، ثم كررت عليه السؤال نفسه وكرّر لها الإجابة نفسها، وعندما رفضت مزّق الشيك، وقال لها: سر نجاحي هو أنني لا أضيع الفرص كما فعلتِ أنتِ، كان يمكن أن تكوني أغنى مذيعة في العالم، فقالت له بعد تفكير: هل يمكن أن نُعيد الحلقة، فقال لا مشكلة، لكن الفرصة لا تأتي مرتين.
وأخيراً
نصف مَن ماتوا لم تكن جرأتهم سبب موتهم، بل خوفهم، خوفهم حتى من التفكير في النجاح، خوفهم من المخاطرة وحساب المغامره، شخصياً أنتظر مقابلة بيل غيتس على أحرّ من الجمر، ومؤكد أنني سأجعله يندم ويطلب هو إعادة الحلقة، وساعتها سأقول له نعم الفرصة لن تأتي مرتين.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.