تلك الكائنات الجميلة واللطيفة التي يحبها الجميع، الأطفال، لا يستغني عنهم أحد، فهم مصدر البهجة والسعادة في كل منزل؛ ولذلك يعمل أرباب الأسر على توفير كل وسائل الراحة والعناية لهم، وكذلك ينعمون بالحماية التامة في الأوساط العائلية ليكبروا في وسط خالٍ من الخوف والعنف والاستغلال.
وعلى العكس من كل ذلك، يعيش أطفال الصومال في بيئة خطرة تماماً، فهم معرضون للخطر بشكل يومي، ورغم توقيع الصومال اتفاقية حقوق الطفل الدولية في عام 2015 التي تنص على عدم التمييز وتقوية وتعزيز مصلحة الطفل وبقائه ونموه واحترام آرائه، تظل هذه الاتفاقية إلى الآن شكلية في الصومال. فجراء النزاع المسلح المستمر يتعرض الأطفال للتجنيد من قبل الميليشيات المسلحة وقد يقتلون إذا ما رفضوا الانضمام وحمل السلاح. كما يتعرض أطفال الصومال لانتهاكات جنسية جسيمة، وهم أيضاً عرضة للمجاعة بسبب الجوع والتشرد والجفاف، ناهيك عن العمالة وأوضاع العمل غير الإنسانية التي يشتغلون فيها.
ويعاني أطفال الصومال أيضاً من: غياب الرعاية الصحية والنفسية، انحدار المؤسسات التعليمية، العيش في بيئة غير آمنة لا تتوفر بها مياه نظيفة، سوء الأحوال المعيشية وعدم توفر الحياة الكريمة وإجبارهم على العمل والخروج إلى سوق العمل في سن صغيرة مما يؤدي إلى هرب العديد من أطفال من عائلاتهم وتفضيل العيش في الشارع، وبالتالي يكون ذلك سبباً في انحرافهم وإدمان المخدرات.
أطفال الصومال، لأسباب طبية وغذائية وللأحوال الاقتصادية، أكثر عرضة لكثير من الأمراض مثل الحصبة، الملاريا، الالتهاب الرئوي بسبب عدم توفر رعاية صحية جيدة تضمن حق الطفل الصومالي في الحصول على رعاية صحية لضمان نموه وتنميته حتى يصبح بالغاً صحيحاً قادراً على العمل والإنتاج في مجتمعه ومساعدته على الخروج من الصراع والدمار وتحقيق الأمن والتنمية وكذلك تحمل المسؤولية وقيادة البلاد نحو الأمام لتحقيق مستقبل أفضل لهم وللأطفال الآخرين.
يحتاج أطفال الصومال لمسؤولين جادين في تلبية احتياجاتهم، والنظر في أحوالهم بشكل جدي وفوري، فالحالة التي يعيشها الطفل الصومالي في الوقت الراهن لا تدعو إلى تفاؤل ومُقلقة للغاية؛ إذ تتعرض البلاد لموجة جفاف وجوع شديدة أدت إلى نزوح العديد من العائلات، ما يعني أن الأطفال سيخرجون للشارع بحثاً عن لقمة العيش، وما يعني أيضاً ارتفاع احتمالات استغلالهم بطرق متعددة.
اتفاقية حقوق الطفل الصومالي يجب أن تطبق بشكل فعلي، للطفل الصومالي الحق في الحصول على حياة ومستقبل أفضل داخل الصومال، وذلك بتوفير فرص التعليم والرعاية الصحية، خصوصاً للأطفال ضحايا العنف والانتهاكات الجنسية لضمان شفائهم من الصدمات النفسية وآثارها ودمجهم مرة أخرى بالمجتمع.
حسب تقرير اليونيسيف، تحتل الصومال المركز الرابع في قائمة الدول الأكثر خطورة على حياة الطفل وذلك لتلوث المياه، فيضانات الأنهار وانعدام الخدمات الصحية والصرف الصحي وكذلك الثقافة الصحية بشكل عام.
في الختام، لابد من دعم المنظمات والهيئات التي توفر المساعدة للأمهات والأسر في تغذية أطفالهم وتوعيتهم بطرق رعاية الأطفال وحقوقهم وكذلك مناشدة الحكومة الصومالية لتوفير لجان مختصة لرعاية الأطفال وحقوقهم وتوفير الدعم للأسر المحتاجة والحد من ظاهرة تشرد الأطفال في الشوارع بتوفير دور رعاية خاصة تتوفر فيها جميع الخدمات الضرورية لضمان سلامة الطفل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.