في فترات خلت، وحين يكثر القيل والقال عن جدوى برامج المقالب بالصيغة التي يطرحها رامز جلال، دائماً ما يأتي الرد على شكل أرقام ونِسب مشاهدة مرتفعة، تجعلنا في موقف "تسلل واضح " أمام من نخاطبهم، لاسيما أننا شئنا أم أبينا أمام واقع إعلامي لا يعترف إلا بهذه الحجج ولا يرى سواها دليلاً دامغاً.
لكن في الموسم الماضي والحالي صار بإمكاننا أن نتصدى ونعيد "الصفعات" لكل المهللين لهذه الفئة من البرامج، التي تُصرف عليها ميزانيات طائلة دون جدوى، وبلا حسيب ولا رقيب، اليوم لم يعد يخفى على أحد أن النسخ الأخيرة من برامج رامز صارت "عاجزة" عن الافتخار حتى بنسب الأرقام، التي رغم حرص المنابر المقربة من شبكة الـ"إم بي سي" وهيئة الترفيه السعودية على إظهارها كأنها قياسية وكبيرة، فإن الواقع يفنّد ذلك، فحتى اليوتيوب، الذي كانت الحلقات تصل للمليون بمرور ساعات قليلة فقط على طرحها، صارت الصورة فيه معاكسة تماماً، وتحديداً منذ العام الماضي، الذي حمل عنوان "رامز عقله طار"، و الحالي "رامز موفي ستار"، فما هي "زلات" رامز التي أنزلته من القمة إلى الحضيض؟
الملاحظ أنه ومنذ انضواء رامز تحت لواء هيئة الترفيه السعودية والترويج لها تغيرت الصورة كلياً، ولا يمكن البتة المقارنة بين النسخ الأولى التي كان يميزها التنوع والبحث عن التحديات المختلفة من الجو إلى البحر والصحراء والأماكن الأثرية وغيرها، وبين الأفكار التقليدية والمقالب البدائية التي بلغها البرنامج في السنتين الماضيتين تحديداً، ما أثّر على نسب المشاهدة، وجعل الجمهور ينفر ويهجر هذه النوعية، وهو ما انعكس بالسلب على الإحصائيات، دون إغفال التكرار الفج في اختيار الضيوف، ومشاهد الصراخ المبالغ فيها، مع الكلمات النابية التي تصدر من رامز تجاه ضيوفه، بأسلوب يفتقر للباقة والاحترام، فقط لأنه على يقين أن الضيوف سيتنازلون ويرضخون بعد أن تتم ترضيتهم بالمبالغ المتفق عليها كأجور للظهور في البرنامج.
المراد تأكيده أن برامج رامز تأثرت كلياً "بالمجاملات" السائدة بينه وبين الهيئة السالفة الذكر، فيما يخص اختيار الأفكار والمواضيع، والنتيجة واضحة اليوم رغم "مكابرة" كل الأطراف، وأيضاً ما زاد الطين بلة هو تصرف "الضيف/ الطعم" الذي راهن عليه صناع البرنامج، وهو الفنان العالمي "فان دام"، الذي حذف كل صوره مع رامز ومن البرنامج، حتى قبل انتهاء فترة عرضه، ما وضع القائمين عليه في موقف محرج أمام الجمهور، الذي فطن للخطوة منذ اللحظة الأولى.
البعض أيضاً ربط بين المنافسة الشديدة المحتدمة بين برنامج "رامز موفي ستار" ومسلسل "الكبير قوي 6"، فيما يخص توقيت العرض، وكل المؤشرات تفيد بأن أحمد مكي وفريقه حسم الموضوع لصالحه مبكراً؛ فهل يمكن أن يراجع رامز جلال نفسه بعد هذا الموسم المخيب للآمال، أم أن دعم شبكة "إم بي سي" سيظل مفتوحاً، رغم أنهم هذه المرة خسروا الرهان الأهم والرئيسي، المتمثل في الجمهور ونسب المشاهدة؟
قبل أن نختم استوقفتني مقارنة اطّلعت عليها من خلال بعض الصفحات المختصة في الفن على موقع الإنستغرام، وتشير للمعاناة التي تكبدها المخرج العالمي مصطفى العقاد لمدة 25 سنة وهو يبحث عن ممول ومنتج لعمله عن شخصية صلاح الدين الأيوبي، دون أن ينجح في ذلك، كما تعرض المبدع الراحل حاتم علي للموقف ذاته في سنواته الأخيرة، ولم يكمل مشروعه المهم عن الأندلس بعد ثلاثية "صقر قريش" و"ربيع قرطبة" و"ملوك الطوائف"، التي من المفترض أن تنتهي "بسقوط غرناطة"، ليرحل هو الآخر دون تحقيق حلمه، بينما تُصرف أرقام طائلة على برامج السخافة والتفاهة!
حقاً إنه زمن التافهين كما كتب محمد الماغوط يوماً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.