2 مليار إنسان يعيشون فيها.. ماذا يعني مصطلح “الدولة الفاشلة”؟ هذا هو سر انتشاره مؤخراً

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/15 الساعة 09:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/15 الساعة 10:47 بتوقيت غرينتش

توجد نماذج عالمية عديدة لقياس مؤشرات الفشل الدولي، فالتقرير السنوي لمركز السياسة العالمية يستخدم مصفوفة الفاعلية وأبعاد الشرعية لتقييم الفشل والضعف في الدولة الفاشلة، بحيث يركز على قدرة الدولة على ضمان الشرعية في الأداء، وذلك من خلال أبعاد أربعة هي: (البعد المجتمعي، والبعد الاقتصادي، والبعد السياسي، والبعد الأمني)، إضافة إلى نظام يربط المركز بين ثلاثة أبعاد مفتاحية لتحليل النظام الاجتماعي هي: (التنمية والنزاعات والحكم)، كما تقدر درجة الفشل في كل بعد من الأبعاد من خلال التصنيفات التالية: (قابلية الفشل المنخفضة، قابلية الفشل المتوسطة، قابلية الفشل العالية أو لا توجد قابلية للفشل أصلاً).

ما هي "الدولة الفاشلة"؟ 

أما مؤشر الفشل وفق مركز السياسة العالمية، فيبحث في مدى قدرة الدولة على تحقيق الأمن الشامل، ودرجة انكشاف الحالة العامة لمختلف الحالات: (سنوات الحروب، سنوات اللاحرب وسنوات السلام منذ آخر حرب)، ومفهوم الشرعية الأمنية هنا تمثله الأحداث الأمنية المهمة التي تحصل داخل الدولة، كما يشير إلى مدى قمع الدولة لمواطنيها من حيث إنه قمع جماعي ومنظم أو لا.

كما أن مركز السياسة العالمية يربط بين الاستقرار الأمني الداخلي وأداء النظام العام، بحيث يشير إلى الأنظمة الأكثر إزعاجاً في زمن العولمة لتقدير درجة الفشل محل الدراسة، وذلك لأنها الأقل استقراراً في جملة المؤشرات السابقة، وقد كان التصنيف على التالي: (أكثر الدول فشلاً، دول فاشلة، دول خرجت نسبياً من دائرة الفشل والدول البيضاء المستقرة تماماً).

أما دليل الدول الفاشلة وفق مؤسسة "بروكينز"، فيرتكز على المصفوفة الاقتصادية، والتي تعتمد على نصيب الفرد من الدخل القومي، ونسبة نمو الناتج المحلي، وتفاوت الدخل بين الأفراد، ونسبة التضخم ونوعية التسيير والتنظيم، في حين أن المصفوفة السياسية تقيس مدى التأثير الحكومي في الدولة، وحكم القانون ومسؤولية المنتخبين، ومحاربة ومقاومة الفساد، إضافة إلى كثافة النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، ومدى انتشار النزاعات عبر الإقليم، وعدد الانقلابات العسكرية، والاستقرار السياسي وغياب العنف، أما المصفوفة المرتبطة بالرفاه الاجتماعي فتعتمد على نسبة وفيات الأطفال ومتوسط العمر المتوقع، وتوفر المياه الصالحة للشرب ونقص الغذاء، إضافة إلى نسب الأطفال الذين أكملوا دراستهم في مختلف المراحل التعليمية.

هذا ويطلق البنك الدولي على الدول الفاشلة ذات الدخل المنخفض "دول تحت الاضطرابات"، حيث إنه يقوم بوضع تقارير دورية حول دور المساعدات الدولية من الدول المانحة في مساعدة هذه الدول النامية لمواجهة أزماتها، كما أنه يقدم دائماً جملة اقتراحات، أهمها بدء تركيز هذه الدول الهشة على إعادة بناء الدولة وبناء السلام فيها كمفاهيم جديدة.

البنك الدولي يصنف الدول بناء على معيار مستوى الدخل إلى ثلاثة مستويات هي: 1- دول نصيب الفرد فيها دولار أو أقل (ذات الدخل المنخفض)، وهي دول تتحصل على معونات من البنك الدولي. 2 – دول يعيش الفرد فيها بأقل من دولارين في اليوم (ذات الدخل المتوسط)، وهي تشكل ثلث فقراء العالم.

3- دول الفقر فيها يتركز في مناطق معينة، وتمتاز بضعف البنى المؤسساتية، واقتصاديات متدهورة ومعدلات وفيات أطفال مرتفعة.

الدول الهشة

كما أن هناك ما يسمى بالدول الهشة، وتصنيفاتها تعتمد على معيار معدل دخل الفرد وفق المستوى العالمي، ومعيار تقييم السياسة العامة للدولة وأداء الإدارات العمومية فيها، وهذا منظور اقتصادي مؤسساتي بحت، وفي ضوئه يكون لدينا مجموعتان هما: أ- مجموعة الدول الهشة (صنف أصيل) مثل الكونغو، جزر القمر، كمبوديا، بورندي، أفغانستان وغيرها. ب- مجموعة الدول ذات الهشاشة الحادة مثل ميانمار، إفريقيا الوسطى، زيمبابوي وغيرها.

لكن الملاحظ هنا أن مقاربة البنك الدولي هي مقاربة اقتصادية كمية، ولا تقدم صورة كافية عن الفشل في الاستقرار السياسي والاجتماعي، كما أن البنك الدولي يعطي للأبعاد الإدارية والتنظيمية والرقابة نفس الأوزان الكمية، وهذا لا يعطي بدوره تصوراً دقيقاً عن الأوضاع في كل دولة.

أما التقرير السنوي الأول الذي ساهم في إعداده كل من صندوق دعم السلام، وهو مؤسسة بحثية مستقلة، ومجلة "فورين بوليسي" الأمريكية حول الدول الفاشلة أو الضعيفة، خلص إلى أن هناك نحو 2 مليار من سكان العالم يعيشون في دول غير مستقرة تحمل مخاطر الانهيار أو قريبة من حافته.

وتصنيفات الدول وفق مقاربة صندوق دعم السلام وفورين بوليسي هي: "الدول الفاشلة"، الدول ذات انكشافية مقلقة (منطقة حذرة وتندرج فيها أغلب الدول العربية والأفريقية)، الدول المستقرة (تواجه مخاطر معتدلة مثل ألمانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها)، الدول المستديمة التنمية مثل الدول الإسكندنافية وكندا.

أخيراً.. هناك شبه إجماع على بعض الدول الفاشلة مثل الصومال، زيمبابوي، بوروندي، الكونغو وغيرها، كما أن هناك فروقاً واضحة في معايير التصنيف، حيث إن هناك معايير تعتبر أنه كلما ازداد وزن المؤشرات الأمنية زادت تغذية عناصر الفشل، في حين أن تصنيفات أخرى اعتبرت أن البعد السياسي وطبيعة الديمقراطية عامل أساسي في انتقال بعض الدول وخروجها من دائرة الدول الفاشلة، وهذا دليل على غلبة معيار التحيز الغربي في جميع التصنيفات ولذات السبب ينتشر مؤخراً بشدة في ظل تراجع مستويات الديمقراطية والشفافية حول العالم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حسني الخطيب
كاتب أردني متخصص في العلاقات الدولية
تحميل المزيد