لا يحظى باهتمام كبير من الصحافة العربية المختصة، على الرغم من أنه ينشط في أحد أشهر الدوريات الأوروبية لكرة القدم، ربما لأنه مدافع وأنّ الأضواء تسلط أكثر على المهاجمين حتى ولو كانوا أقل منه مستوى وأقل منه تأثيراً ومساهمة في نجاح فريقه أو منتخب بلاده.. إنه اللاعب الدولي المغربي رومان سايس، أحد النماذج التي يُقتدى بها في العمل والمثابرة وتحدي العراقيل والصعاب.
وُلد من أب مغربي وأم فرنسية
اسمه الكامل هو رومان غانم بول سايس، من مواليد يوم 26 مارس/آذار 1992 ببلدة "بورغ دو بياج" بجنوب شرق فرنسا، من أب مغربي وأم فرنسية، ونشأ ببلدة مجاورة وهي "سان جان أونريان"، أين بدأ مداعبة كرة القدم، قبل أن ينضم في سن مبكرة لأكبر فريق في المنطقة وهو نادي "فالانس"، الذي نشط ضمنه إلى غاية بلوغه سن الـ21 من عمره.
كان فريق "فالانس" أكبر نادٍ في المنطقة ولكنه كان ينافس في موسم 2010- 2011، في دوري الدرجة الخامسة الفرنسي، ما يعني أنّ رومان سايس كان في ذلك الوقت لاعباً مغموراً، ولكنه كان بالمقابل شاباً طموحاً واثقاً بقدراته الفنية والبدنية في انتظار الفرصة المناسبة لإظهار موهبته الرياضية والتألق في المستوى الأعلى.
وفعلاً أتيحت له تلك الفرصة واستغلها وتشبث بها للتطور تدريجياً حتى وصل إلى اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، إحدى أقوى وأشهر المسابقات الأوروبية لكرة القدم.
رومان سايس الذي تَكَوَن كمدافع أو كمتوسط ميدان دفاعي، لفت أنظار أحد الكشافين ببنيته الجسدية القوية وسرعته المميزة و حماسه الكبير في اللعب، فاقترحه في صيف 2011، على نادي "كيلرمون فوت" الذي كان ينشط في دوري الدرجة الثانية الفرنسي.
وضم "كليرمون فوت" الشاب المغربي، للعب، في البداية، مع فريق الرديف، ولكن وبعد نحو 3 أشهر فقط، أدمجه في التدريبات الجماعية للفريق الأول، قبل أن يمنحه أول عقد احترافي، يوم 15 فبراير/شباط 2012، وينهي الموسم بالمشاركة في 19 مباراة رسمية، سجل خلالها هدفاً واحداً، ثم خاض 34 مباراة في الموسم الموالي (2012-2013).
كان زميلاً لمحرز في نادي لوهافر
وكانت مشاركة رومان سايس في دوري الدرجة الثانية الفرنسية فرصة جديدة لتكتشفه فرق جديدة، فنجح نادي لوهافر في الظفر بخدماته في يوليو/تموز 2013، وهو النادي المعروف بمنحه الفرصة للمواهب الشابة لإبراز إمكانياتهم، على غرار النجم الجزائري رياض محرز الذي زامل المدافع المغربي في النصف الأول من موسم 2013- 2014، قبل الرحيل في يناير/كانون الثاني 2014 نحو نادي ليستر سيتي الإنجليزي.
ويكون محرز، عند قطعه بحر المانش، قد ودع رومان سايس دون أن يعلم أنه سيلتقيه بإنجلترا بعد سنوات قليلة فقط، إذ وبعدما نشط النجم المغربي ضمن فريق لوهافر، موسمين اثنين في دوري الدرجة الثانية الفرنسية، ومشاركته في 65 مباراة رسمية، وتسجيله 3 أهداف، انضم لنادي "أنجيه"، يوم 3 يوليو/تموز 2015، الذي خاض رفقته 37 مباراة وسجل له هدفين، في دوري الدرجة الأولى الفرنسية، قبل أن يرحل نحو نادي "ولفرهامبتون" الإنجليزي يوم 30 آب/أغسطس 2016، في صفقة بلغت قيمتها 4 ملايين يورو.
صنع تاريخاً في "ولفرهامبتون" الإنجليزي
وفرض رومان سايس نفسه تدريجياً ضمن التشكيلة الأساسية لفريق وولفرهامبتون، بحيث وبعدما لعب في الموسم الأول (2016- 2017) 24 مباراة في دوري الدرجة الأولى الإنجليزية "تشامبيونشيب"، كسب في الموسم الثاني (2017-2018)، ثقة المدرب البرتغالي نونو إسبيريتو سانتو، الذي اعتمد عليه في 42 مباراة، سجل خلالها 4 أهداف، فساهم بذلك المدافع المغربي في تتويج النادي بلقب "التشامبيونشيب" وصعوده إلى الدوري الإنجليزي الممتاز "بريميرليغ".
ويقضي رومان سايس حالياً موسمه الرابع على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز رفقة وولفرهامبتون، مُسجلاً 9 أهداف في 107 مباريات، كما تذوق نكهة المسابقات القارية، بمشاركته في 14 مباراة وتسجيله هدفاً واحداً في الدوري الأوروبي لكرة القدم لموسم 2019-2020، حيث بلغ الفريق الدور ربع النهائي وأقصي بصعوبة على يد نادي إشبيلية الإسباني الذي تُوّج لاحقاً بلقب البطولة.
وبعد 6 سنوات كاملة مع وولفرهامبتون، فمن غير المستبعد أن يخوض رومان سايس تجربة احترافية جديدة في دوري آخر، إذ وإلى غاية كتابة هذه الأسطر فإنّ اللاعب الدولي الغربي لم يجدد عقده بعد مع فريق "الذئاب" الذي ستنتهي مدته في الصيف القادم.
قد ينتقل في الصيف القادم إلى الدوري الإسباني
وبحسب الصحافة البريطانية، فإنّ سايس ربط استمراره مع النادي وولفرهامبتون، بزيادة راتبه السنوي بثلاثة أضعاف، وبضمان الفريق مشاركة أوروبية في الموسم القادم، أما في حالة عدم تلبية هذين الشرطين، فإنّ اللاعب سيدرس العروض العديدة التي وصلته في الفترة الأخيرة، وبالخصوص من أندية إشبيلية وريال بيتيس وفياريال الإسبانية وليون ومارسيليا الفرنسيين وفولفسبورغ الألماني.
ويملك رومان سايس الجنسيتين الفرنسية والمغربية، ولكن بحكم أنه كان لاعباً مغموراً في صغره فإنّه لم يحمل ألوان المنتخبات العمرية لمنتخب بلد مولده فرنسا، ولكنه حظي بالمقابل بتلقي أول دعوة للمشاركة مع المنتخب الأول لبلد أصله المغرب فور انضمامه لنادي كيلرمون فوت في العام 2012، وكان ذلك في عهد المدرب رشيد الطاوسي، بمناسبة مباراة ودية أمام منتخب توغو يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة، حيث شارك كلاعب بديل في الدقيقة الـ79 من اللقاء الذي خسره "أسود الأطلس" بميدانهم بنتيجة هدف لصفر.
هيرفي رونار وثق به وخليلوزيتش نصبه قائداً
وبعد تلك المباراة، دخل رومان سايس في طي النسيان بالنسبة لمسؤولي منتخب المغرب، إلى أن استدعاه المدرب الفرنسي هيرفي رونار، في مارس/آذار 2016 للمشاركة في تصفيات مسابقتي كأس أمم افريقيا 2017 ومونديال 2018، حيث أصبح قطعة أساسية في خط دفاع المنتخب المغربي الذي بلغ رفقته الدور ربع للبطولة الإفريقية وخرج على يد منتخب مصر (0-1)، كما شارك في نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا.
وبعد تعيين البوسني وحيد خليلوزيتش على رأس الجهاز الفني لمنتخب المغرب في مكان هيرفي رونار، في شهر آب/أغسطس 2019، أحدث المدرب الجديد ثورة على تعداد الفريق بالاستغناء عن خدمات العديد من اللاعبين القدامى على غرار القائد مهدي بن عطية، وقرر إثر ذلك "الكوتش فاهيد" منح شارة القيادة لرومان سايس والذي نجح في قيادة "أسود الأطلس" للتأهل إلى نهائيات كأس العالم المقررة بقطر في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول من العام 2022 الجاري.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.