يعتبر الكثيرون أن نجاح أي عمل تلفزيوني من خلال اتباع سياسة الأجزاء أشبه بمغامرة محكوم عليها بالفشل المسبق، وبالتالي الإجهاز على النجاحات السابقة التي تحققت؛ ومن هذا المنطلق ورغم الحماس الكبير الذي استقبل به الجمهور خبر عودة مسلسل "الكبير أوي" بعد فترة تَردُّد صاحبت بطله الأول الفنان أحمد مكي للاستمرار في هذا المشروع بعد توقف دام سبع سنوات، وتحديداً منذ الجزء الخامس الذي أبصر النور في سنة 2015، والذي يوصف بأنه أقل الأجزاء نجاحاً، والبعض اعتبر غياب شريكة مكي في النجاح دنيا سمير غانم أهم الأسباب الرئيسية وراء ذلك.
لكن الملاحظ أنه وبعد الإطلالة "المفاجئة" لأحمد مكي في مسلسل "الاختيار" وما رافقها من جدل؛ قرر الأخير أن يرفع شعار التحدي ويلبي طلب جمهوره المتحمس والمتردد في آن واحد، وذلك لما سبق وذكرناه آنفاً بأن مسألة الأجزاء أضحت أشبه "بعقدة" تلازم الكثير من الأعمال العربية، وقضت عليها نهائياً، وآخر النماذج الحية يتجلى في المسلسل الشامي المعروف "باب الحارة" الذي وصل للجزء 12 وأصبح محل سخرية عارمة لا أقل ولا أكثر؛ لكن بالعودة إلى قرار مكي بالمضي قدماً في مشروع "الكبير أوي" كان من الضروري طرح سؤال منطقي قبل ذلك: ما هي آليات العمل والمنهجية الجديدة التي يمكن اتباعها للحفاظ على إشعاع العمل وعدم خدش صورته اللامعة في أذهان عشاقه الكثر سواء في المحروسة وباقي أرجاء الوطن العربي وبالأخص أن البطلة الثانية دنيا سمير غانم ما زالت عند رأيها بالغياب؟ وما الجديد الذي يمكن أن يُضفي البهجة على أرجاء "المزاريطة" وسكانها وينعكس تلقائياً على المتلقي يا ترى؟
أول الأجوبة تجلت في الحفاظ على طاقم المسلسل الرئيسي، المكون من المخرج أحمد الجندي والكتاب مصطفى صقر ومحمد عز الدين، واستعادة باقي الممثلين المعروفين كأركان العمل مثل بيومي فؤاد ومحمد سلام وهشام إسماعيل وحسين حجاج، والذين يحسب لهم أيضاً الموافقة على الاستمرار؛ لأن اغلبيتهم أصبحوا أسماء مطلوبة في الوسط الفني، ولم يعد الحال كما كان عليه في السنوات الأولى لهم في المسلسل، وهذه نقطة تحسب للفنان أحمد مكي الذي يغرد بعيداً عن سرب الأنانية والأنا المتضخمة، وهذا بشهادة كل من عمل معه، والأمر تواصل أيضاً في الجزء السادس، وهو أحد مفاتيح النجاح الملحوظ لحدود اللحظة من خلال منح الفرصة لأسماء جديدة أو أخرى قادمة من عالم السوشيال ميديا، على غرار الطفل عبد الرحمن طه المشهور بمقاطع الفيديو على تيك توك، والذي يجسد دور التوأم "جوني" و"العترة" ابنَي الكبير، بالإضافة إلى الشاب مصطفى غريب، والمفاجأة الكبرى التي احتلت الفضاء والهواء في مصر هذه الأيام الفنانة الشابة رحمة أحمد فرج التي بزغ نجمها في دور "مربوحة"، وبدأت المقارنات تنهال بينها وبين دنيا سمير غانم صاحبة دور "هدية".
وهنا لابدَّ أن نتوقف عند "الخطة الذكية" بتطعيم تشكيلة المسلسل بهذه الأسماء الشابة، ومعهم الفنانة "سماء إبراهيم" في دور "الكبيرة" ما منح أفضلية ونفساً جديداً للمكان وخلق تنافسية واضحة في الأداء بين شخصيات مثل "هجرس" و"فزاع " و"أشرف" مع الشخصيات الجديدة؛ ما رفع من إيقاع الحلقات لتحلق بعيداً عن الرتابة، لاسيما في ظل استمرار إصرار مكي على استحضار التجارب التي تركت بصماتها لدى الجمهور، وبالتالي استثمارها في قالب كوميدي يجيد اللعب فيه من خلال استخدام مفرداته الفريدة، ويمكن التأكد من ذلك عبر نموذج محاكاة مسلسل "لعبة الحبار" بطريقة جديدة، وهو الأمر الذي تفاعلت معه شبكة "نتفيلكس" نفسها، وأيضاً الصحافة الكورية التي تطرقت لتلك الحلقات.
لكن ورغم بسط الكبير "نفوذه" على التريند منذ الأيام الأولى للشهر الفضيل، يبقى التحدي الأبرز هو كيفية الاستمرار في الحفاظ على هذه الوتيرة حتى نهاية العمل، لاسيما في ظل عدم وجود "حبكة" قوية تجمع الأحداث وتتفرع عنها باقي التفاصيل؛ والحل الأمثل لهذه "المعضلة" يكمن في استمرار اللعب على وتر إضافة فضاءات جديدة بعيداً عن "المزاريطة" وأيضاً عودة شخصية "حزلقوم" المحبوبة، سواء بالإفيهات المشهورة وتصرفاتها الساذجة التي تطغى على الأحداث ودخول شخصيات أخرى وضيوف شرف على الخط، مثل ماجد الكدواني وحمدي الميرغني وسليمان عيد وفنانين آخرين قادرين على إضفاء بعد آخر على العمل.
الخلاصة لحدود اللحظة تقول إن أحمد مكي وطاقمه نجحوا في كسب الرهان و"التغطية" على العثرات في الحدود المعقولة؛ في انتظار باقي المفاجآت، وهنا نختم بهذا السؤال: هل نجح صناع مسلسل "الكبير" إذاً في كسر عقدة الأجزاء والفشل المحدق بها؟ وهل تخلص مكي من آثار مشاركته في "الاختيار" العام الماضي؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.