يضرب زملاءه ويشتم مدربيه ويتمرد على أندية ساعدته.. أبرز المصائب التي ارتكبها حاتم بن عرفة في مسيرته

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/06 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/07 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش

يتجه نادي ليل الفرنسي لإبعاد لاعبه، الفرنسي ذي الأصول التونسية، حاتم بن عرفة عن الفريق إلى غاية نهاية الموسم الجاري، وربما فسخ عقده قبل نهايته في شهر يونيو/حزيران القادم، وذلك إثر الفوضى التي تسبب فيها داخل غرفة تغيير الملابس، السبت الماضي، بعد تعادل الفريق مع نادي بوردو في إطار الدوري المحلي؛ حيث تشاجر مع زميله البرتغالي تياغو ديجالو ثم تلاسن مع مدربه جوسلين غورفينيك.

ومن المنتظر، إذاً، انتهاء مغامرة بن عرفة مع نادي الشمال الفرنسي بعد شهرين فقط من انضمامه إليه، وتنضم بالتالي هذه الحادثة إلى القائمة الطويلة لحالات عدم الانضباط للنجم السابق لنادي نيوكاسل الإنجليزي التي أثرت سلباً وبشكلٍ كبيرٍ على مشواره الرياضي.

والد حاتم بن عرفة كان لاعباً دولياً تونسياً

وُلد حاتم بن عرفة يوم 7 مارس/آذار 1987 ببلدية "كالامار" بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، من أم وأب تونسيين، حيث كان والده كمال لاعباً دولياً في صفوف منتخب تونس خلال سنوات السبعينيات للقرن الماضي.

وبدأ حاتم ممارسة رياضة كرة القدم في سن  السابعة من عمره ضمن فريق الحي الذي نشأ  فيه "شاتناي مالابري"، ثم نادي "مونتروج"، قبل أن ينضم  للمعهد الوطني لكرة القدم، في العام 1999، وهو مركز تكويني تابع للاتحاد الفرنسي لكرة القدم.

وظهرت الموهبة الكروية الخارقة لحاتم بن عرفة خلال تواجده بهذا المعهد الشهير، ما جعل العديد من الأندية الفرنسية تسعى للاستفادة من خدماته والاستثمار فيه، فنجح نادي ليون، في صيف 2002، في إقناعه بمواصلة تكوينه بمدرسته المعروفة بمنح الفرصة للاعبين الشباب من الجالية العربية والإفريقية، كما منحه مكافأة توقيع كبيرة بالنسبة للاعب يبلغ من العمر 15 سنة فقط، والمقدرة بـ150 ألف يورو، إضافة لراتب شهري بـ1500 يورو، يرتفع مع مرور السنوات.

وبعد قضائه سنتين بالمركز التكويني لنادي ليون، تم تصعيده للفريق الأول في العام 2004، فشارك وهو في الموسم الأول (2004- 2005) في 14 مباراة رسمية بكل المسابقات المحلية والأوروبية، سجل خلالها هدفاً واحداً وقدم تمريرة حاسمة واحدة.

وبالموازاة مع  نشاطه مع الفريق الأول، كان بن عرفة يشارك، في ذلك الموسم، في مسابقات الشباب، فخاض، رفقة كريم بنزيما، نهائي كأس فرنسا لفئة أقل من 18 عاماً، والتي خسرها ليون أمام نادي تولوز (2-6).

قصة بن عرفة .. الساحر التونسي الموهوب

وشهد تواجد بن عرفة بنادي ليون تألقاً كبيراً على الصعيدين الجماعي والفردي، بحيث نال لقبي الدوري الفرنسي وكأس السوبر في 3 مواسم متتالية (2004- 2005) و (2005- 2006) و(2006-2007) ولقب الدوري في موسم (2007- 2008)، وهو نفس الموسم الذي توج بعد نهايته بجائزة "أفضل لاعب واعد بفرنسا" من طرف اتحاد اللاعبين الفرنسيين المحترفين. 

أول تمرد مع نادي ليون في عام 2008 

وظهرت للعلن الشخصية المتمردة لحاتم بن عرفة في صيف 2008، حيث صنعت قصة انتقاله لنادي مارسيليا الحدث في الوسط  الرياضي الفرنسي، في ذلك الوقت، إذ وبعدما كان حاتم قد اقترب من الانضمام رسمياً لفريق الجنوب الفرنسي، وكان في انتظار إجراء الفحوصات الطبية، فاجأ نادي ليون الجميع بإعلانه عبر بيان رسمي يوم 28 يونيو/حزيران، توقف المفاوضات مع مارسيليا لأسباب إدارية.

ورد بن عرفة على إدارة ليون في اليوم الموالي بأنه قد وقع فعلاً مع نادي مرسيليا ولن يعود إلى ليون، ما دفع باللجنة القانونية للرابطة الفرنسية المحترفة لكرة القدم لعقد جلسة بين رئيسي الناديين وبحضور اللاعب يوم 1 يوليو/تموز، لتسوية كل الأمور الإدارية العالقة وبالتالي المصادقة على الانتقال الرسمي لحاتم نحو فريقه الجديد الذي تعاقد معه لمدة 4 سنوات، في صفقة تحصل فيها نادي ليون على مبلغ 12 مليون يورو.

وكان الموسم الأول لبن عرفة مع مارسيليا (2008 – 2009) مقبولاً من حيث الأداء بمشاركته في 48 مباراة رسمية، سجل خلالها 8 أهداف ومنح 3 تمريرات حاسمة.

شجارات متكررة مع زملائه  ومدربه بمارسيليا 

ولكن عقليته المزاجية طغت على أدائه بحيث دخل في ملاسنات مع بعض زملائه على غرار الفرنسي جبريل سيسيه والكاميروني موديست مبابي كما تشاجر بالأيدي مع الجزائري كريم زياني، وحتى الجهاز الفني للفريق لم يسلم منه، إذ وبعدما رفض الدخول كلاعب بديل خلال مباراة مرسيليا مع باريس سان جيرمان (2-4) احتج بشدة وبعنف لفظي تجاه مدربه البلجيكي إيريك غيريتس بغرف تغيير الملابس بعد نهاية اللقاء.

وفي موسمه الثاني مع مرسيليا (2009-2010)، وبعد التغيير الذي طرأ على  رأس الإدارة الفنية بقدوم المدرب الفرنسي ديديه ديشامب مكان غيريتس، فقد بن عرفة مركزه ضمن التشكيلة الأساسية، فطلب الرحيل في الميركاتو الشتوي، لكن الأندية الأوروبية التي كانت  مهتمة بخدماته لم تجد أرضية تفاهم مع مارسيليا، ما جعل اللاعب ذا الأصول التونسية يُكمل الموسم بأداء أفضل، مُسجلاً 7 أهداف وصانعاً 5 أهداف أخرى في 41 مباراة رسمية، ومُساهماً في تتويج مرسيليا بلقب الدوري الفرنسي.

ومن غرائب الصدف أنّ يتكرر في صيف 2010، نفس السيناريو تقريباً حول انتقال حاتم بن عرفة من فريق لآخر، بحيث وبعدما أعلمه ديشامب شخصياً بضرورة البحث عن نادٍ جديدٍ، وبعدما توصلت إدارة مرسيليا لاتفاقٍ مع نادي نيوكاسل حول إعارة الاعب لمدة موسمٍ واحدٍ، تفاجأ الدولي الفرنسي بتراجع المدرب عن تسريحه بحجة حاجته لخدماته بعد رحيل بعض ركائز الفريق، وهو الأمر الذي رفضه بن عرفة فقاطع تدريبات الفريق، وذلك إلى غاية "رضوخ" نادي مرسيليا الذي أعلن يوم 28 آب/أغسطس  انتقال اللاعب إلى نيوكاسل على سبيل الإعارة لموسمٍ واحدٍ مقابل 2.5 مليون يورو، مع بند أحقية الشراء بمبلغ 6 ملايين يورو، في حال مشاركته في  25 مباراة رسمية على الأقل.  

الإصابات كبحت انطلاقته القوية مع نيوكاسل 

اختفت المشاكل الإدارية والانضباطية بالنسبة لابن عرفة عند انتقاله لنيوكاسل، ولكن ظهرت بالمقابل، المشاكل الصحية لتُكبح انطلاقته القوية للموسم، إذ وبعد تسجيله لهدفه الأول في أول مباراة له كلاعب أساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز أمام إيفرتون (1-0) يوم 18 سبتمبر/أيلول 2010، تعرض يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول  لتدخُّل عنيف من  لاعب مانشستر سيتي، الهولندي نايغل دي يونغ، ما أدى لإصابته بكسر في  قصبة الساق، أبعدته عن الميادين إلى غاية نهاية الموسم.

وقد أبدت إدارة نيوكاسل  نيتها الحسنة، بشراء عقد حاتم من مرسيليا، على الرغم من إصابته الخطيرة، وقامت  في يناير/كانون الثاني 2011 بالتوقيع معه على عقد جديد لمدة 4 سنوات ونصف.

استعاد بن عرفة عافيته في موسمه الثاني مع نيوكاسل (2011- 2012)، فسجل 6 أهداف وقدم 6 تمريرات حاسمة في 30 مباراة رسمية، ثم تراجع أداؤه بعد ذلك، فاكتفى بتسجيل 4 أهداف وصنع 3 في 22 مباراة خلال موسم (2012- 2013) وتسجيل 3 أهداف وصنع 3 أخرى في موسم (2013- 2014).

كابوس جديد بعد انتقاله لهال سيتي 

على أمل استعادة مستواه الحقيقي من خلال تغيير الأجواء، انتقل بن عرفة إلى نادي هال  سيتي الإنجليزي، يوم 1 سبتمبر/أيلول 2014، على سبيل الإعارة لموسمٍ واحدٍ، لكن تجربته الجديدة كانت بمثابة كابوس، بحيث وبعد توتر علاقته مع مدرب الفريق، ستيف بروس، قررت إدارة النادي فسخ عقده في شهر ديسمبر/كانون الأول من نفس السنة، كما لم يُبدِ نيوكاسل أي رغبة في استعادته بل بالعكس قام هو الآخر بفسخ العقد الذي كان من المقرر أن ينتهي في يوليو/تموز 2016.

ومن سوء حظ بن عرفة، في ذلك الوقت، أنه وبعدما ظن أنّ مشاكله قد انتهت بتعاقده يوم 3 يناير/كانون الثاني 2015 مع نادي نيس الفرنسي، فإنّه عاش كابوساً جديداً بعدما رفض اتحاد الكرة الفرنسي المصادقة على عقده بحجة أنّ قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم تمنع  مشاركة أي لاعب مع 3 أندية مختلفة في موسمٍ واحدٍ، ما اضطر حاتم  لفسخ عقده مع نيس والبقاء في بطالة لمدة 6 أشهر، قبل أن يفتح له نيس الأبواب من جديد في صيف 2015، ويتعاقد معه لموسمٍ واحدٍ.

تألق مع نيس ثم أفول مع سان جيرمان

مدرب حاتم بن عرفة نادي آرسنال وباريس سان جيرمان السابق أوناي إيمري
مدرب نادي آرسنال وباريس سان جيرمان السابق أوناي إيمري

تألق بن عرفة بشكلٍ لافتٍ مع نيس في موسم (2015- 2016)، بتسجيله 18 هدفاً ومنحه 7 تمريرات حاسمة في 37 مباراة رسمية، ولكنه اختار عدم تجديد عقده في الموسم الموالي، مُفضلاً الرحيل نحو باريس سان جيرمان على أمل البروز في مستوى أعلى والبروز على الواجهة الأوروبية، فتعاقد مع نادي العاصمة الفرنسية، يوم 1 يوليو/تموز لمدة موسمين اثنين.

وكانت بداية بن عرفة جيدة مع "البي إس جي"، حيث سجل هدفه الأول في أول  مباراة والتي كانت بمناسبة التتويج بلقب كأس السوبر الفرنسي أمام نادي ليون (4-1)، لكن المدرب الإسباني للفريق، أوناي إيمري، لم يعتمد عليه كثيراً بعد ذلك، إذ كان يرى فيه لاعباً يُبالغ في اللعب الفردي ولا يشارك في العمل الدفاعي، فاكتفى حاتم بالمشاركة في 32 مباراة رسمية في موسم (2016-2017)، أغلبها كلاعب بديل، سجل خلالها 4 أهداف وقدم 5 تمريرات حاسمة، ثم لم يلعب أي مباراة طيلة الموسم الموالي (2017- 2018) بسبب توتر العلاقة مع المدرب ومع إدارة النادي. 

"أوليفييه ليتانغ" أنقذه من البطالة 

ووجد بن عرفة بعد ذلك نادياً جديداً ينشط فيه، حيث ضمه رئيس نادي رين الفرنسي، "أوليفييه ليتانغ" إلى فريقه، في سبتمبر/أيلول 2018، والذي كان يعرفه جيداً بحكم عمله في السابق كمدير رياضي لنادي باريس سان جيرمان.

وقد كان التحدي الجديد لبن عرفة ناجحاً، حيث تُوّج بلقب كأس فرنسا لموسم (2018-2019)، بعد الفوز في اللقاء النهائي على باريس سان جيرمان بفضل ركلات الترجيح، بعدما انتهى الوقتين الأصلي والإضافي بنتيجة التعادل (2-2).

وشارك حاتم بن عرفة، في ذلك الموسم، في 41 مباراة رسمية، سجل خلالها 9 أهداف وصنع 6 أهداف أخرى، ولكنه غادر الفريق عند نهاية الموسم بسبب عدم اتفاق الطرفين على شروط تجديد العقد، ليبقى بعد ذلك بدون  فريق لمدة 6 أشهر، قبل أن يخوض تجربة قصيرة لنصف موسم فقط مع نادي بلد الوليد الإسباني، من 28 يناير/كانون الثاني  إلى 30 يونيو/حزيران 2020، اكتفى خلالها بخوض 5 مباريات فقط، بسبب توقف النشاط الرياضي بإسبانيا، بداية من شهر مارس/آذار إثر جائحة كورونا التي اجتاحت العالم.

وفي الوقت الذي كان يعتقد فيه الكثير أن حاتم بن عرفة قد وضع حداً لمشواره الرياضي، وهو في سن الـ33 من عمره، عاد للظهور من جديد في أكتوبر/تشرين الأول 2020، لما تعاقد مع نادي بوردو لموسمٍ واحدٍ مع بند إمكانية التجديد، فشارك في 23 مباراة رسمية فقط، سجل خلالها هدفين اثنين، وقدم 4 تمريرات حاسمة، وذلك بسبب معاناته من إصابات متكررة، وشجاره، قبل نهاية الموسم، مع قائد الفريق، لوران كوشيلني، الذي انتقده للعبه الفردي المُفرط.

وبعد بقائه لمدة 6 أشهر أخرى دون نشاط كروي، أنقذه "أوليفييه ليتانغ"، مُجدداً من البطالة، فضمه، يوم 19 يناير/كانون الثاني من العام الجاري  لفريقه الجديد "ليل"، الذي يترأسه منذ  ديسمبر/كانون الأول 2020.

وبعد مشاركته في 9 مباريات مع ليل، ها هو بن عرفة، إذن، يتسبب في إثارة قضية جديدة تُضاف للقائمة الطويلة من حالات عدم الانضباط  التي ميزت مساره الاحترافي الطويل، ومن المؤكد أنّ هذه الحالة الجديدة ستتسبب في التأثير على العلاقة الجيدة التي كانت تربطه بأوليفييه ليتانغ، الذي كان يجده دائماً في الوقت المناسب لإخراجه من عنق الزجاجة.

عدم انضباطه كان حاضراً أيضاً مع منتخب فرنسا 

بالموازاة مع مشاكله مع مختلف الأندية التي لعب لها، فقد كانت لحاتم بن عرفة قصة ليس بالجميلة مع منتخب فرنسا الذي انضم له لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2007، في عهدة المدرب ريمون دومينيك، حيث شارك كلاعب بديل في مواجهة منتخب جزر فارو، يوم 13 من نفس الشهر، لحساب تصفيات بطولة أمم أوروبا 2008، وسجل خلالها هدفاً واحداً (6-0)، لكنه لم يكن ضمن القائمة النهائية التي خاضت "يورو 2008″، مثلما لم يتم اختياره أيضاً  للمشاركة في نهائيات مونديال جنوب إفريقيا 2010.

وشارك، بالمقابل، في الدورة النهائية لبطولة أمم أوروبا 2012، مع المدرب لوران بلان، والتي أقيمت ببولندا وأوكرانيا، لكنه كان "بطلاً" لحالة انضباطية لما تلاسن مع مدربه بغرف تغيير الملابس بعد نهاية مباراة السويد، لعدم تقبله استبداله بزميله مالودا في الدقيقة الـ59 من المواجهة التي انهزم فيها "الديكة" بنتيجة هدفين لصفر.

وبعد تلك الحادثة اكتفى الاتحاد الفرنسي لكرة القدم "رسمياً" بتوجيه إنذار له، ولكنه عاقبه "فعلياً" بإبعاده من المنتخب إلى غاية استدعائه من طرف ديديه ديشامب، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لخوض مباراتين وديتين أمام ألمانيا وإنجلترا اللتين انتهتا بفوز فرنسا بنفس النتيجة (2-0)، وبدون مساهمة مؤثرة من بن عرفة والذي ظل بعيداً عن المنتخب إلى غاية الآن.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد