أزمة الطاقة بأوروبا لم تكن المحور الرئيسي.. لماذا زار بلينكن المغرب والجزائر في هذا التوقيت الحرج؟

عدد القراءات
2,731
عربي بوست
تم النشر: 2022/04/06 الساعة 13:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/07 الساعة 10:50 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الأمريكي أنطونيو بلينكن ونظيره المغربي ناصر بوريطة (تويتر)

ما إن انتهى اجتماع النقب الذي جمع الدول العربية المقربة وشبه المقربة من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان ورقة إنذار عنوانها تحالف إقليمي تقوده إسرائيل بموافقة أمريكا قُبيل إتمام الاتفاق النووي مع إيران والمعرقل حالياً من طرف روسيا، حتى استقل بعدها وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، طائرته متوجهاً للعاصمة المغربية الرباط.
كانت الرباط المحطة الأولى ضمن جولة إقليمية تبدأها الخارجية الأمريكية لتدارس قضايا إقليمية ذات الاهتمام المشترك، وكذا لقاء ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، لبعث الروح في العلاقة بين البلدين من جديد، مروراً بالجزائر لبحث الأمن الطاقي والتوترات الإقليمية، وما كانت هذه الجولة إلا رغبة أمريكية لبحث تحقيق توازن في ميزان العلاقات مع المغرب والجزائر، خاصة ما شهده من تخلخل بعد الدعم المتواصل للمغرب، بدءاً من الإبقاء على اعتراف ترامب بمغربية الصحراء الغربية، مروراً بإجراء مناورات الأسد الإفريقي في منطقة المحبس، التي تشهد تنازعاً مع جبهة "البوليساريو"، إلى تأكيد دعم الإدارة الأمريكية لمقترح الحكم الذاتي في اجتماع مجلس الأمن، وأخيراً الثناء على موقف إسبانيا الجديد الداعم للطرح المغربي.

لم يكن بلينكن في حاجة في وقت سابق للسفر للرباط والجزائر لإعادة التوازن في العلاقات، لكن الأزمة الأوكرانية وتبعات العملية العسكرية الروسية، خاصة على المستوى الطاقي دفعته لذلك، فحاجة أوروبا للغاز أصبحت تقلق الأمريكيين أكثر من حلفائها الأوربيين، الذين أصبحوا يرون الجزائر معوضاً نسبيًّا للغاز الروسي، خاصة بعد التأكيد الجزائري بالقدرة على استبدال ما تؤمنه روسيا بشكل كامل، ليتضح بعد ذلك أن الجزائر لا تستطيع تحقيق الأمر، خاصة مع غلقها لأنبوب الغاز المار من المغرب الذي كانت تستفيد منه الأخيرة ويؤمن ما يصل لـ10 مليارات متر مكعب سنويًّا تجاه إسبانيا، إن هذا الأنبوب شكل أحد أهم محاور لقاء بلينكن مع الرئيس الجزائري، والذي حاول من خلاله العمل على تغيير موقف الجزائر، خاصة بعدما فشلت نائبته وندي شيرمان في وقت ليس بالبعيد، فتبريرات الجزائر لغلقها للأنبوب المار من المغرب تقف عند دنو العلاقات مع الجار المغربي الذي يشكل بحسبها تهديداً مباشراً.

الجزائر تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بعد وصول الخلافات لطريق مسدود

لم تكن أزمة الطاقة المحور الرئيسي لزيارة بلينكن للبلدين، فإقناع الجزائر بإعادة تشغيل أنبوب الغاز الأور-مغاربي يتطلب جهداً ووقتاً كبيرين، وهو ما يعلمه ممثل البيت الأبيض، لذا فالزيارة كانت تأخذ حيزاً مهماً للقضايا الإقليمية أولها قضية الصحراء، فدعم الولايات المتحدة للمغرب في هذه القضية معروف تاريخيًّا، خاصة إبان الحرب الباردة، والتي حكمت على المغرب أن يكون في حضن المعسكر الرأسمالي، والجزائر في رفقة ظل الاشتراكية، فالدعم الأمريكي كان يعرف كذلك بالتوازن، فرغم الميول للمغرب، فقد كانت أمريكا تنمي وتحافظ على علاقاتها مع الجزائر، والتي تمتلك احتياطي غاز ونفط يعد من الأكبر في القارة السمراء، لكن منذ أن وقع ترامب على اعترافه بسيادة المغرب الكاملة على الصحراء، أصبح موقف الولايات المتحدة الساعي للحفاظ على توازن القوى في المنطقة المغاربية يختفي، ومالت الكفة للمغرب في الصراع، وهو ما أقلق الجزائريين، وخيم التوتر في العلاقات بين البيت الأبيض وقصر المرادية.

ما يحاول أن يربحه بلينكن في زيارته للجزائر والرباط هو كسب ود الجارتين، خاصة بعدما أصبح كلاهما على علاقة حسنة مع روسيا الأخيرة التي استطاعت، رغم ميولها للجزائر، أن تحافظ على توازن العلاقات مع البلدين خلال الأزمة الأوكرانية، وذلك ما اتضح بعد رفض المغرب المشاركة في الإدانة الأممية للتدخل العسكري بأوكرانيا، ومن جهة دحر التقدم الصيني بالمنطقة الذي أصبح ينفع البلدين من استثمارات اقتصادية مهمة، خاصة في البنى التحتية، وكذا وقوف الحكومة الصينية بجانب الجارتين في أزمة كوفيد-19، وهو ما يؤشر على وعي الولايات المتحدة الأمريكية بقوة كلا القطبين الإقليميين، وكيف أصبحا يتحكمان في رحى ديبلوماسية الدول الأوروبية، خاصة إسبانيا التي أصبحت تحسب ألف خطوة قبل اتخاذ أي قرار يعنيهما.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حمزة فاوزي
مدوّن مغربي
تحميل المزيد