“أفطر وحيداً باكياً وأتخيل نفسي مع أهلي بمصر”.. عن قسوة رمضان في الغربة!

عدد القراءات
1,067
عربي بوست
تم النشر: 2022/04/04 الساعة 09:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/04 الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش

في الغربة تمر عليك الكثير من الحكايات والقصص، مرةً يأتيك الحنين ومرة يتملكك البكاء، لكن حينما يحل رمضان شهر العبادة والتجمعات العائلية وأنت في غربتك يكون الإحساس مختلفاً، فالوحدة وحنين العائلة والوطن هما ما ينتظران المغترب في رمضان.

الغربة تفرض أشياء قد تستطيع تحملها وقد لا تستطيع..

في المغرب البلد الذي أغترب فيه نبكي على رمضان في شوارع مصر، رمضان له نكهة خاصة في مصر، لكن إذا كانت غربتك في دولة مسلمة كالمغرب فإنك تلاحظ مظاهر الفرح والاستعداد في الشوارع قبل بداية الشهر الكريم، أما إذا كانت غربتك في دولة غير مسلمة، فإنك لا تلاحظ أي مظاهر استعداد قبل بداية الشهر.

أقضي عامي السابع في المغرب ورمضان يمر عليَّ كغيره من الشهور، إيقاع متسارع لا تعرف أوله من آخره، دوامة الانشغال والمسؤوليات تجعلك لا تشعر ببدايته أو نهايته أو طقوسه، لا يكون معك حيز كبير للعبادة والتقرب من الله.

"رمضان  شهر الصوم والعبادة…. شهر الفرحة والسعادة"

لن تشعر برمضان إذا كنت وحيداً، فكيف لرمضان أن تشعر به بلا تجمعات العائلة على طاولة الإفطار، وتجمعاتك مع الأصدقاء على قهوة من قهاوي الحسين لتناول السحور مجموعين في رمضان.

من الممكن أن يغيب عنك شخص من العائلة لا تراه طوال العام، لكن في رمضان تجد ذلك الشخص أمامك في إحدى العزومات الرمضانية على طاولة الإفطار، لكن في الغربة لن تستطيع أن ترى لمة الفطور التي اعتدت عليها في رمضان، لا يأتي في مخيلتك غير ذكريات الماضي والحنين للتجمعات العائلية.

لذلك عندما يأتي رمضان في الغربة يحاول المغتربون تعويض فقدان الأهل وتجديد الفرحة، فنتواصل مع المبتعثين من مصر أو الأصدقاء من دول أخرى كتونس، عند حلوله ونتبادل التهاني والأفراح بقدومه؛ حيث يجتمع الأصدقاء المغتربون في كل رمضان محاولة منا لتعويض فقدان الأهل وألم الغربة.

على الرغم مما تم ذكره، فصيام المسلم في بلاد المهجر يظل فرصة ثمينة لاستشعار مرتبة العائلة وقيم ديننا الحنيف التي تحث على التلاحم والتآزر بين المسلمين.

فلعل أكثر اللحظات بهجة لدى الكثير من المغتربين هي ساعة الإفطار المشترك التي تجمع مسلمين من دول مختلفة حول مائدةٍ واحدة.

فتجد الطلبة يجلبون ما جادت به أيادي الأمهات الكريمات من مأكولات تقليدية، أبت كل أم إلا أن ترسلها لفلذة كبدها، مع قريب مُسافر أو صديق.

فهكذا تنتهي غالباً وجبات الإفطار الجماعي بأحاديث عن الحنين إلى الوطن وعن عظمة رمضان بين الأهل والأحباب. في الحقيقة هي كذلك فسحة للتعرف على تقاليد وعادات من مختلف البلدان الإسلامية.

فتجد المسلمين المغتربين أشد حرصاً على التآزر والالتحام في رمضان أكثر من غيره من الشهور، محققين بذلك أحد أسمى مقاصد الدين الإسلامي.

شهر فضيل بكل الخيرات والعبادات وفرصة يراها الكثير من المبتعثين للتقرب لله وتغيير نمط الحياة اليومي، بعضهم يتجه لعمل الخير وتوزيع وجبات الإفطار على الجيران والأصدقاء مترجمين عبارة "رمضان كريم"، وآخرون منهم يغتنمون الصيام ببعض الأنشطة منها الكتابة والقراءة والنشاطات الرياضية.

يجد المغترب صعوبة من نوع آخر في بلاد المهجر. فبعد يوم طويل من الصيام، يمني الفرد نفسه بإفطار يذكره بدفء اللمة الأسرية، غير أنه في غالب الأحيان نظراً لندرة الأسواق التي توفر المشروبات والأطعمة المعتاد وجودها على مائدة الإفطار في أي بيت مصري، يجد نفسه أمام مائدة لا شيء فيها يشبه ما ألفته عينه في بلاده، عدا التمور والحليب اللذين يمنيانه بعودة منشودة إلى أحضان الوطن وحنان العائلة.

كيف تشعر برمضان بلا صلاة التراويح في المساجد الكبرى بالقاهرة كالحسين والأزهر.

يؤدي آلاف المصريين صلاة التراويح في ليالي رمضان، وسط حضور متفاوت، في المساجد الكبرى كمسجد الفتح بالقاهرة ومسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية والتي يؤمها الكبار كالشيخ محمد جبريل، والكثير من أئمة الأزهر أصحاب الأصوات الذهبية.

لكن في الغربة لا تجد تلك الطقوس والعادات وخصوصاً إن كنت في بلاد غير مسلمة، أما في بلاد المغرب فتجد في بعض الأماكن ما يشبه الحالة الموجودة في مصر من صلاة للتراويح لكن ليس بنفس الروح الموجودة ولا تجد نفس الأئمة ولا تشعر بنفس الشعور المعتاد عليه في بلادك.

اليوم تطل علينا حقيقة واحدة هي أن شهر رمضان المبارك كما هو شهر الرحمة هو أيضاً مناسبة للتواصل والحنين العائلي وصلة الرحم، وكما هي الحال مع الجميع، فإن الكل يتذكر الكل في رمضان، حتى المغتربون الشباب الذين يمزجون ليلهم بنهارهم ليعودوا إلينا بعد تحقيق أحلامهم كلٌ منهم يحمل علمه وخبرته ليفيد مجتمعه منها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمود حجازي
صحفي مصري
صحفي مصري
تحميل المزيد