فاجأ باكستان بخطة غير متوقعة!.. هل انتصر عمران خان في معركته السياسية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/03 الساعة 19:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/04 الساعة 10:27 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان - رويترز

منذ أسبوع ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يتوعَّد المعارضة الباكستانية بمفاجأة، وأثناء سؤاله من قبل الصحفي "أرشد شريف" عن امتلاكه خطة لمواجهة المعارضة الباكستانية، رد رئيس الوزراء عمران خان؛ "هل تتوقع مني عدم امتلاك خطة! أنا كابتن، والكابتن لا بد أن يمتلك خطة، وسترى ذلك."

مفاجأة عمران خان 

"أبارك للشعب الباكستاني انتصاره على المؤامرة الخارجية، وأعلن عن حل البرلمانات، وعن انتخابات مبكرة خلال ثلاثة أشهر".

هكذا فاجأ رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الشعب الباكستاني كله بكافة أطيافه، والذي كان يترقب وبلهفة نتائج التصويت على مشروع سحب الثقة من عمران خان، المشروع الذي لم يكتب له النور.

لم يفاجئ رئيس الوزراء المعارضة فحسب، بل حتى أنصاره، وكل المحللين السياسيين وخبراء الدساتير، إذ إن الضربة لم تكُن متوقعة أو متخيلة.

فما الذي حصل، وكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟

عملت المعارضة الباكستانية على الإطاحة برئيس الوزراء عمران لأسباب معلنة وغير معلنة، فمن المعلن كان الغلاء والتضخم واستشراء الفساد وتردي الوضع الاقتصادي. أما غير المعلن فيتمثل في:

  • إقرار البرلمان الباكستاني منح المغتربين الباكستانيين حق التصويت، وهو ما سيضع قرابة 6 ملايين صوت في صندوق عمران خان الانتخابي بحكم شعبيته الطاغية بين المغتربين.
  • إقرار البرلمان الباكستاني استخدام التصويت الإلكتروني، وهو ما تراه المعارضة الباكستانية غير صالح للتطبيق لأنه من السهل اختراقه والتلاعب به.

كانت كل المؤشرات تصب في صالح المعارضة الباكستانية، وأنها على وشك الإطاحة بعمران خان، إذ استمالت المعارضة الباكستانية أعضاء بعض الأحزاب المتآلفة مع حزب "الإنصاف" الحاكم، بل أخرجت الحليف الرئيسي للحزب الحاكم وجعلته في صفها وهو حزب "الحركة القومية المتحدة". 

كانت المعارضة الباكستانية بحاجة إلى 172 صوتاً لتطيح برئيس الوزراء من منصبه، ولتزيد الضغط عليه أكثر، استمالت 20 عضواً من حزب "الإنصاف" الحاكم، ليصبح عدد ما تمتلكه المعارضة الباكستانية من أصوات قرابة 196 وهو ما أعلنته المعارضة الباكستانية.

عمران خان
رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان – رويترز

لكن يوم 27 من مارس/آذار دعا رئيس الوزراء عمران خان أنصاره للتجمع والتظاهر في العاصمة إسلام آباد في مظاهرة تحت اسم "الأمر بالمعروف" وأريد لها أن تكون مليونية.

المظاهرة التي لم تصل للمليون ولكن بحسب الحسابات التابعة لحزب الإنصاف الحاكم فإن عدد المتظاهرين 600-800 ألف، وبحسب المراقبين المستقلين فإن العدد ما بين 100-150 ألفاً وهو رقم يفوق ما حشدته المعارضة مجتمعة.

ليس الموضوع في العدد، ولكن ما دار في تلك المظاهرة؛ إذ أظهر رئيس الوزراء عمران خان ورقة ولوح بها للحشود معلناً عن وجود مؤامرة أجنبية ضده، وأنه يمتلك الدليل على أن المعارضة الباكستانية مدعومة من الخارج، وأنه سينشر الخطاب في حينه.

رفضت المعارضة الباكستانية تصريحات رئيس الوزراء، وأن الخطاب الذي يدعيه إنما هو من وحي خياله، ليضحك به على العامة حتى يكون لديه عذر في حال خسارته، وتحدته المعارضة أن يثبت صحة كلامه.

الأيام التالية لهذا التصريح لم تكن أقل سخونة، ففي يوم 31 مارس/آذار وهو الموعد الذي قرره البرلمان لمناقشة مشروع حجب الثقة عن عمران، أجلت الجلسة ليوم 3 من أبريل/نيسان، وفي حينها كان يجري اجتماع مجلس الأمن القومي الباكستاني والذي يضم بين طياته القيادات العسكرية والأمنية والسياسية، ورفضت المعارضة الباكستانية الحضور.

في هذا الاجتماع الطارئ ناقش المجلس الخطاب التهديدي، لتخرج بعده التصريحات التالية:

  • قررت باكستان استدعاء سفير "الدولة" مصدر التهديد.
  • ستبحث باكستان هذا التهديد مع الدول الصديقة.
  • ستتخذ باكستان إجراءات تصعيدية ضد الدولة مصدر التهديد.
  • الخطاب يخالف كل الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، وفيه تهديد صريح لباكستان، ويعد تدخلاً في الشأن الباكستاني.

ليخرج بعدها رئيس الوزراء عمران خان بخطاب مباشر يتحدث فيه للشعب الباكستاني، وصرح في خطابه باسم الدولة المهددة، مبيناً أن باكستان خسرت الكثير بسبب دعمها للولايات المتحدة، ولكن لم ينظر إليها يوماً على أنها دولة صديقة، بل أنها دولة وظيفية، مبيناً موقفه تجاه الولايات المتحدة، وكيف أنه كان السياسي الوحيد الذي عارض هجمات الولايات المتحدة بالطائرات المسيرة على أراضي باكستان، وكيف أن باكستان قتلت شعبها من عيون الولايات المتحدة، وأن باكستان خسرت 80 ألف شخص بسبب هذا، وكيف أن منطقة آمنة مثل منطقة القبائل الحدودية- وزيرستان- تحولت لبرك من الدماء بسبب الولايات المتحدة.

واستمر عمران في حديثه بأن الولايات المتحدة حذرت باكستان من مغبة بقاء عمران خان في السلطة، وأن باكستان ستواجه عواقب وخيمة، مع وعد الولايات المتحدة بالعفو عن باكستان في حال هُزِم عمران خان في التصويت على سحب الثقة منه، وهاجم حينها عمران المعارضة الباكستانية، وأنهم تعاونوا مع دولة خارجية، وبين أن التصويت سيجري في موعده المحدد، متوعداً المعارضة الباكستانية بأنها لن تسلم، ومخاطباً الشعب الباكستاني بأن يتذكر وجوه هؤلاء الخونة والغادرين، مؤكداً أن يوم 3 من أبريل/نيسان هو يوم مفصلي في تاريخ باكستان، وأن على الجميع أن يقرر؛ إما حرية أو عبودية باكستان.

استمرت المعارضة الباكستانية في إنكار كل اتهامات رئيس الوزراء، وتوقع الجميع أنه سيسقط لا محالة، ليتفاجأ الجميع بإعلان الأجهزة الأمنية الباكستانية عن إحباط خطة لاغتيال رئيس الوزراء، ليخرج بعدها ويعلن أن حياته في خطر، وتحدث عن حياته كلاعب كريكت والتي علمته معنى الكفاح والصمود حتى آخر لحظة، وأنه لن يتقدم باستقالته وسيحارب حتى آخر لحظة، وأنه سيهزم هذه المؤامرة الخارجية على باكستان، مبيناً أنه وإن خسر التصويت فإنه سيعود بشكل أقوى، وسيمتلك ثلثي البرلمان ودون الحاجة لائتلاف مع أحزاب أخرى، وأنه يحضر لمفاجأة لن يتوقعها أحد.

في تلك الأثناء فكر الجميع في الحلول التي لدى رئيس الوزراء، واقترح وزير الداخلية الباكستانية شيخ رشيد فرض حالة الطوارئ، يليها تعليق الدستور، وبعدها الإعلان عن انتخابات مبكرة، واقترح بعدها أن يتقدم أعضاء حزب الإنصاف البالغ عددهم 155 عضواً لتقديم استقالة جماعية، مما سيجبره على الذهاب لانتخابات مبكرة، ولكن ما حصل لم يكن متخيلاً أبداً.

أتى موعد التصويت، ليتقدم وزير القانون الباكستاني بتكليف فؤاد تشوهدري لنائب رئيس البرلمان مبيناً حق المعارضة الباكستانية في إجراء تصويت على سحب الثقة من رئيس الوزراء عمران خان، ولكن في حال كانت هذه المعارضة وهذا المشروع يأتي عبر إملاءات خارجية فإن هذا يتعارض مع المادة 5/أ من الدستور الباكستاني، والتي تقضي بأن "ولاء المواطن الباكستاني لباكستان فرض عليه"، وهو ما أقره نائب رئيس البرلمان ليصدر قراره برفض مشروع سحب الثقة الذي تقدمت به المعارضة الباكستانية.

تلا ذلك فوراً خطاب رئيس الوزراء عمران وإعلانه انتصاره وعن حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ما القادم لعمران خان وللمعارضة الباكستانية؟

اعترضت المعارضة على ذلك ولجأت إلى المحكمة العليا باعتبار ما حدث غير دستوري، لتقرر المحكمة تأجيل النظر لليوم التالي..

ولكن

وضع المعارضة الباكستانية كارثي جداً، إذ أصبحت أمام الشارع الباكستاني عميلة وممولة من الخارج، وستواجه في الأيام القادمة استدعاءات قضائية، هذا إن لم تستخدم المادة 6 من الدستور الباكستاني ضدهم وهي المادة الخاصة بالخيانة العظمى.

أما بالنسبة لعمران خان فهو الرابح الأكبر، فقد زادت شعبيته جداً وارتفعت لدى الشارع الباكستاني، وأصبح المرشح الأبرز للفوز وباكتساح في الانتخابات القادمة.

لننتظر ونرَ رد المحكمة العليا، وكذلك ردود فعل المعارضة الباكستانية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حذيفة فريد
كاتب وباحث باكستاني
تحميل المزيد