مبالغة وسذاجة في الأحداث ومثالية سيد رجب الكاذبة.. لماذا كرهت الجزء الثالث من مسلسل “أبو العروسة”؟

عدد القراءات
1,570
عربي بوست
تم النشر: 2022/03/28 الساعة 13:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/28 الساعة 13:07 بتوقيت غرينتش

في شهر يناير/كانون الثاني من العام 2019 كان ثمة ظاهرة درامية تدعى "أبو العروسة" حيث حالة من الهيام الشديد بتلك الشخصيات "السوية" التي قرر صناع الدراما أن يحملوها أخيراً إلى داخل المنازل، وقتها كانت حياتي مضغوطة بشكل عنيف، لدرجة كانت تمنعني من مشاهدة أي مسلسل، لكنني قررت مع سيل الإشادات والعواطف أن أشاهد المسلسل الظاهرة "أبو العروسة"، حيث ظل العمل عليه مستمراً من وقتها وحتى الآن على مدار ثلاثة أجزاء، وأنا أحمل الملاحظات ذاتها حول المسلسل الذي بدأ يفقد بريقه مع وصوله إلى العام الرابع.

بداية قوية 

قليلة هي الأعمال الدرامية التي تثير الهيئات الرسمية، عادة ما يكون هناك هجوم وغضب، لذا كان من قبيل "الحوادث" أن يحصل عمل فني على الإشادة كما حدث مع أبو العروسة من جانب المجلس القومي للمرأة، حيث عبرت الدكتورة مايا مرسي وقتها عن سعادتها بوجود مسلسل درامي قالت إنه يعيد رونق الدراما المصرية التي تغرس القيم والعادات والتقاليد الأصيلة من خلال تركيز المسلسل على العلاقات الأسرية السوية بين الأب والأم  والأبناء، التي تقوم على الحب والاحترام والتفاهم المتبادل والتقدير. 

مجموعة من المشاهد القوية والأقوال العظيمة، كان أبرزها تلك الجملة "بناتنا مابتنضربش".

صار سيد رجب أيقونة لـ"الأب" عقب دوره في "أبو العروسة" حتى إن إحدى الفتيات اليتيمات أعربت عن رغبتها في أن يحضر الفرح ويقوم بتسليمها لعريسها، وهو ما حدث بالفعل وحصد ملايين المشاهدات، صار من بعده سيد رجلاً "محبوب الجماهير" وظل يحصد من بعده النجاحات في أعمال تالية ظل أبو العروسة على رأسها.

أسوأ ما في "أبو العروسة"

أول ما لفت نظري منذ الحلقة الأولى هو المبالغة العنيفة، أو باللغة الدارجة "أفورة" تبدأ من الديكور، حيث يعيش عبد الحميد وزوجته عايدة، اللذان من المفترض أنهما ينتميان وأسرتهما إلى الطبقة الوسطى في وحدة سكنية فاخرة مع حديقة، كان ذلك أو ما ساءني وجعلني أعجز عن المتابعة، ما هذا؟ ألم يمر صناع العمل على أسرة متوسطة حقيقية، كيف يعيش عبد الحميد وعايدة حياة الفقر والديون والجمعيات وهما يضعان على الأريكة التي يجلسان عليها مفرشاً تقدر قيمة الواحد منه بأكثر من 500 جنيه مصري، ليست تلك ديكورات منازل المتوسطين في مصر، ولا تلك ملابسهم، ولا يصففون شعرهم بتلك الطريقة ولا يضعون مساحيق التجميل طوال الـ25 ساعة!

ملابس فاخرة، علاقات مثالية أكثر من اللازم، في البداية قلت لنفسي، حسناً لا بأس، لعل ذلك ما يجب أن تكون عليه الأمور، لعل تلك هي اليوتوبيا، فلأقبلها كما هي، في النهاية هي أفضل كثيراً من مسلسلات أخرى عامرة بالعلاقات المشوهة والنماذج الحقيرة والمواقف المؤلمة، في الحياة ما يكفي من البؤس والشقاء، نحن نحتاج إلى مساحة هادئة مثالية حتى لو بالغت في ذلك، لا بأس، الأكيد أن الإنتاج المشترك بين المتحدة للخدمات الإعلامية وسكوير للإنتاج الفني والإعلامي، كان سخياً جداً.

على هذه الطريقة استمر الجزآن الأول والثاني، مع أحداث واضحة وصريحة، حتى جاء الجزء الثالث، والذي أثار تململي وتململ من أعرفهم، ما هذا ؟ يبدأ الجزء الثالث بصورة سيد رجب في دار مسنين على كرسي متحرك، يخاطب شخصاً متروكاً داخل الدار: "مهما ولادك عملوا عمرك ما هتبطل تحبهم ولا تخاف عليهم"، يعطيك المشهد الأول فكرة جيدة عن بقية الحلقات، حيث الكثير من "المواعظ"، "الأصدقاء الذين يضحكون طوال الوقت"، "الجلوس المستمر في الحديقة"، "العلاقة الكليشيهية بين الأم عايدة وبناتها"، تجدك فجأة أمام سلسلة من الدروس والخطب بين عبد الحميد وعايدة، الشخصيتين المثاليتين العظيمتين.

ليس ثمة أحداث واضحة في الجزء الثالث، إنها سلسلة من المواقف والخطب المنبرية، والموسيقى الجميلة، ولحظات الصفاء وحسب، مع تمثيل ثقيل من عدد لا بأس به من شباب المسلسل، لم أستسِغه إطلاقاً، خاصة من كارولين عزمي وولاء الشريف، ابني عايدة وعبد الحميد.

لعل الشيء الوحيد الذي أعجبني حقاً في المسلسل هو كلمات المقدمة والنهاية والأداء الطيب لكل من بلاك تيما ومدحت صالح وفرقة بساطة وخالد عز: "رافعين راسنا مهما نشوف ناسيين التعب والخوف"، كذلك الأمر التمثيل المتقن من مدحت صالح وسوسن بدر تحديداً.

الصورة لم تعد وردية!

على التتر فوجئت بالاسم الأول لهاني كامل مؤلف ومخرج العمل، من بعده البطولة لسيد رجب، ومن بعده النجمة نرمين الفقي، ثم  محمد عادل، ثم أحمد صيام  وصفاء الطوخي، وفي نهاية الأسماء جميعاً تأتي سوسن بدر! حسناً لعلها طريقة جديدة، لكن لماذا انهارت شعبية المسلسل؟

لا تحظى صفحة المسلسل بتقييمات إيجابية تذكر، ولم يعد مثيراً للجدل كما كان في الجزء الأول بالذات، لعل واحداً من أبرز أسباب تراجع شعبية الجزء الثالث من مسلسل أبو العروسة هو تلك النماذج الفجة للخيانة، السبب الذي هرب لأجله الجمهور من واقعهم القبيح إلى يوتوبيا "أبو العروسة" صار مفقوداً مع كم الخيانات التي تتعرض لها السيدات في المسلسل، وكم السيدات اللائي يراودن شخصيات العمل المختلفة عن أنفسهم، داخل منازلهم، مثل هذا المشهد الذي يضم "شريف" الزوج المثالي الذي يحمل طفله في عمله، ويغير له الحفاض كي تتمكن زوجته من حضور اجتماع عمل يخصها، هو ذاته الذي تجمعه علاقة مع امرأة تطارده  فلا يبدو أنه يقاوم بما يكفي!

تلك الشخصية بالذات أصابت المشاهدين في مقتل، فمن حالة الانبهار بالزوج المثالي الجميل الرائع إلى حالة الصدمة والغضب، مع جملة تتردد في الخلفية "مفيش فايدة" ليتكرر الأمر مع زوج زينة  ابنة عبد الحميد، الذي يتعرف بدوره على امرأة أخرى تراوده عن نفسها فلا يقاومها بشكل يذكر.

مسلسل أبو العروسة

الواقع القبيح.. حين انهارت صورة عبد الحميد

مسلسل أبو العروسة

هل تنسحب حياة الفنان الشخصية على أدائه المهني ورؤية الجمهور له؟ راودني السؤال وأنا أتابع انهيار الصورة الوردية للأب الجميل والزوج الرائع عبد الحميد، حدث ذلك حين خرجت السيدة كريستينا نيلسون، الزوجة السابقة لسيد رجب، كي تتحدث عن تجربتها معه بعدما ضاقت بها السبل، باختصار اتهمت كريستينا سيد رجب بأنه حرمها من حقوقها المادية وخالف اتفاقه معها بالانفصال الودي، ومنعها من دخول منزلها الذي لم تحصل على نسخ أصلية من عقده، واختتمت كيكي حديثها بنهاية مؤثرة قالت فيها: "كثيراً كان يعترف سيد بهذه المساعدات في العديد من اللقاءات التليفزيونية وكان يقول إن الشهرة والمكانة التي يتمتع بها الآن كانت بفضل مساعدتي ودعمي له كيف يتم إنكار كل ذلك؟ إنها علاقة دامت 21 سنة واستثمرت فيه كامل مدخراتي، يؤسفني ويؤلمني أصدقائي الأعزاء أن أكشف لكم عن القصة الحقيقية لأبو العروسة". 

السيدة التي اختصرها البعض في لقب "طليقة سيد رجب" أثار اختزالها غضب الكثيرين ممن يدركون قيمتها، من بينهم الكاتبة المصرية إيمان مرسال والتي كتبت عبر حسابها الشخصي باللغتين، العربية والإنجليزية "إلى الآلاف ممن تعاطفوا مع كيكي وأيضاً، لمن انتقدوها لأنها كتبت عما تمرّ به على الفيس بوك: كيكي يتم تعريفها بـ"طليقة سيد رجب" و"الزوجة السابقة لسيد رجب"! كريستينا نلسون هي مؤلفة الكتاب الهام "فن تلاوة القرآن". وقد صدرت طبعته الثانية عن دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 2001، ستجدون مقالاتها منشورة في بعض أهم الدوريات الأكاديمية المُحكمة، كما ستعرفون أنها ما زالت تقدم محاضرات حول العالم للمهتمين بالتلاوة القرآنية من المسلمين وغير المسلمين".

مسلسل أبو العروسة
كريستينا نلسون مع الشيخ مصطفى إسماعيل

صحيح أن مكتب محاماة تابعاً للفنان قام بالرد في بيان رسمي استوقفتني فيه تلك الجملة: "راعنا ما نُشر على الصفحة الشخصية بتطبيق الفيسبوك للسيدة كريستينا نيلسون، مطلقة الفنان سيد رجب، من ادعاءات غير صحيحة، تمس الحياة الشخصية" ولوح البيان بمقاضاتها عقاباً لها على ما نشرت، لكن يبقى الأكيد أن الصورة الذهنية لـ"عبد الحميد" انهارت وصارت اليوتوبيا كابوساً يطارد صناعه والمشاهدين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد