عذبها أخوها وحلق شعرها، اعتقلها 3 رؤساء وأنقذت السادات من الموت.. تحية كاريوكا التي لا تعرفها

عدد القراءات
8,194
عربي بوست
تم النشر: 2022/03/23 الساعة 11:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/24 الساعة 13:13 بتوقيت غرينتش

فتاة يتيمة كلمة السر في حياتها "اهربي"

هل يمكن للمرء أن يكون بخير بعد الإساءة والإهانة والتعذيب؟ يراودني السؤال في كل مرة أقرأ فيها خبراً حول تعذيب أطفال تم إنقاذهم، هكذا أفكر في مستقبلهم، هل يمكن أن يكونوا أسوياء يوماً ما؟ الإجابة كاملة جاءتني على لسان تحية كاريوكا، تلك السيدة التي يمكن اعتبارها أيقونة في "الخلاص".

كلما جاءت سيرتها، تطلب لها أمي الرحمة، فإذا انفتح الحديث عنها لأي سبب راحت تؤكد على تلك الصفة بها بالذات، والتي كانت شاهدة عليها بنفسها، سأرويها لاحقاً بالتفصيل.

تحية كاريوكا، السيدة التي يستحيل أن تتجاهلها حين تظهر على الشاشة، تأسرك وتستأثر باهتمامك وتركيزك حتى تختفي، تخيفك ولو لم تحدثك وتدفعك إلى التعاطف معها بقوة حين تبدأ في الحديث عن نفسها.

لم تكتسب أهميتها من كونها راقصة، ربما كان ذلك هو السبب الأخير، في الواقع، اكتسبت فرادتها من إصرارها دائماً على موقفها واعتناقها الكامل لما تؤمن به، لهذا وقفت بالملاية اللف وسط مهرجان كان في فرنسا، ولهذا خاطرت بحياتها لتهريب السادات في واحدة من أحلك لحظات الوطن؛  حيث أخذته عام  1948 إلى الإسماعيلية حتى يختبئ من الاحتلال الإنجليزي عند شقيقتها لمدة عام كامل، ولهذا أيضاً كانت سبباً في تغيير مسار حيوات الكثيرين ممن شهدوا لها بـ"جدعنة ليس لها مثيل".

سر العلامات على جسدها حتى الوفاة

في شارع البحر في الإسماعيلية كانت الأمور تبدو طيبة، الجميع يتبادل الأطعمة خلال شهر رمضان الكريم، الوجوه مبتسمة والتعامل على الطريقة القديمة في ذلك التوقيت من العقد الثاني في القرن الماضي، لكن هذا لم يكن الحال داخل منزلها، منزل محمد علي النيداني، الرجل الذي لم تكد زوجته فاطمة الزهراء، تنجب ابنتها الأخيرة حتى طلقها لاحقاً، ليرتحل هو في تجارته، وترحل الأم إلى القاهرة، بينما بقيت الصغيرة في منزل الأب.

لم تنعم بدوية محمد علي النيداني  بحياة عائلية تذكر، والدها الذي تزوج من قبل مرات يقال إنها سبعاً، كان آخرها من والدتها فاطمة الزهراء، وافته المنية بينما الصغيرة ما تزال بعد في سنواتها الأولى،  تولت الجدة مهمة تربية بدوية وصناعتها من "فولاذ" لكن الجدة لم تلبث أن توفيت تاركة الصغيرة لشقيقين أحمد ومرسي، أما مرسي فقد أحسن لها وجعلها تلتحق بمدرسة "السبع بنات" مع بناته، لكنه كان مريضاً، توفي ورحلت زوجته مع أولاده وعادت بدوية إلى شقيقها أحمد، والذي تعامل معها –بحسب مذكرات تحية– كالخادمة له وأولاده، رافضاً بشكل قاطع أن ترى أمها، فكلما جاءت الأخيرة لم تكن تعثر على تحية، ذلك أنها كانت أكثر الوقت مقيدة على سطح البيت بالجنازير، رأتها مرة واحدة خلال أربع سنوات في قسم الشرطة ولم تتمكن من رؤيتها بعدها أبداً.

تعذيب أحمد لتحية وصل إلى درجة حلق شعرها، ومنعها الطعام، ربطها بالجنازير، بعنف حتى تهتك جلدها، وضربها بالكرباج، هكذا بقيت لسنوات في العذاب المقيم، حتى جاءت اللحظة التي تحكي عنها وتقول: "كنت بعيط بحرقة، عثمان النيداني، ابن أخويا الله يرحمه، طلع لي متسحب، وقال لي كفاية عياط يا بدوية، فك لي الجنزير اللي كان بيربطوه في رجليا عشان ماهربش و أروح لأمي بعد وفاة ستي أم أبويا، كان معاه قرشين صاغ، نص أفرنك فضة إداني الفلوس وقال لي كفاية عياط، اهربي، وفعلاً نطيت على ناس جيراننا وقعدت يومين في المنور، لأني لما نزلت من ارتفاع عالي،  رجلي تعبت، لكن لما جيراني عرفوا إني موجودة سمعتهم بيقولوا هايرجعوني الصبح لأخويا فهربت الفجر".

ركضت تحية حافية القدمين، متألمة من أثر الوقوع، من الإسماعيلية إلى أبو صوير، بلا طعام ولا شراب، كانت تعرف أنها ستموت بالتأكيد إن عادت، هكذا ركبت القطار من محطة تدعى "الفيشة" وهناك فعلت أكثر أمر ندمت عليه في حياتها، اضطرت الصغيرة التي تكره الكذب إلى الكذب!
"قلت للكمساري إني كنت شغالة عند ناس في إسماعيلية وبيضربوني وإني هربت، كان عمري وقتها 12 سنة، حافية، مكنتش أعرف عنوان أمي، ولا أعرف هاروح فين، الشيء الوحيد اللي أعرفه، أخويا الكبير كان شغال في القنال، وكان يعرف واحدة مطربة حلوة جداً، اسمها سعاد محاسن، قلت أروح مصر وأدور على الست دي يمكن تساعدني؟ في القطر دي كانت أول مرة أكذب، عيطت إني كذبت، خاصة لما وصلت وسألت عن سعاد محاسن قالولي سافرت إسكندرية، يومها قعدت على الرصيف وقعدت أعيط.. عياط جعير".

بالرغم من كل العنف والقسوة، تجدها تعبر عن الأمر بهدوء، وتحكيه كأنه أمر عارض، وليس معاناة استمرت لسنوات: "طفولتي لم تكن سعيدة، لفترة، كانت سعيدة لفترة، بعدها توفي والدي وربتني جدتي لأبي، ربتني وجعلت شخصيتي بالطريقة اللي أصبحت عليها، بعدها وجدت إنه معنديش  مساحة لا لطفولة ولا لمراهقة، وجدت خلفي جيش، فبدأت رحلة الكفاح".

غادرت بدوية التي صارت لاحقاً تحية "الإسماعيلية" لكن بلدتها الأولى لم تغادرها، هكذا توثقت صلتها بعائلتها وأشقائها لاحقاً، حيث صارت ترعى أبناءهم، كما ظلت حتى نهاية عمرها تحب الزرع بشكل عميق، فمن الإسماعيلية جاءت، حيث الحدائق الغناء، وإلى الإسماعيلية ظل حنينها قائماً فأحاطت نفسها في منزلها بكثير من اللون الأخضر: "كل اللي ييجي يقولي إيه ده انتي عاملة بيتك جنينة.. كل حتة فيها زرع، أقول لهم أنا أصلاً من إسماعيلية، الزرع ده بيخلي الواحد حاسس بسعادة وأمان".

نسيت تحية الضرب لكن جسدها لم ينس، هكذا صرحت لصفاء أبو السعود خلال برنامج سجلته في نهاية حياتها، بأن آثار الجنزير والتعذيب لا تزال في جسدها، لم تتعاف منها، فقد لازمتها حتى وفاتها!

ماذا كانت تفعل في المعمورة ؟

في المعمورة بالإسكندرية كانت كاريوكا تقضي فصل الصيف، تحكي لي أمي، كيف كانت امرأة سريعة الغضب، صوتها مرتفع باستمرار، لكنها أيضاً كانت سيدة نظيفة جداً، لا توكل مهمة التنظيف لأحد، هكذا تمسك بخرطوم المياه وتزيل بنفسها أي أتربة عالقة بالأبواب والنوافذ، تنظف كل شيء، وتشع النظافة من حيث تقيم، لكن هذا لم يكن كل شيء.

كان زوجها الأخير فايز حلاوة، يعود إلى المعمورة يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، تقول والدتي: "كانت توصيه بجلب أقفاص الفاكهة، وكانت تقوم بتوزيعها على الكبائن المجاورة لها، فيأكل الجميع مما تأكل منه".

الحق أن تحية كاريوكا كانت سخية بدرجة لا تصدق، رواية والدتي نقطة في بحر من سخائها الشديد، الذي لم يبق لها شيئاً في نهاية حياتها، حيث توفيت في منزل من غرفة وصالة في منطقة الدقي.

في حديث سابق لها، روت ابنة شقيقتها رجاء الجداوي أن كاريوكا رغم مواردها الضعيفة كانت حريصة على أن تقف لتطهو الطعام، وتوزعه على العمال والغلابة، وإذا جاءها مال تذهب إلى السيد البدوى والسيدة نفيسة لتوزع  الطعام: "كنت أسألها معاكي فلوس علشان تعملي كده تقول لي كل معلقة بتدخل جوف إنسان ربنا بيرزقني عليها، في نهاية حياتها كان ممكن يبقى اللي معاها على بعضه 5 جنيه، لكن إذا لاقت طالب مش قادر يدفع مصروفات المدرسة كانت تديه كل اللي معاها وتستلف من البواب لحد لما يجيلها أي مبلغ".

هي نفسها تقول: "أنا بكره الفلوس جداً، مالهاش أي قيمة عندي، في غلابة زيي، ربنا بيبعت لي رزقي، أحوش؟ لأ أوزعهم طبعاً، دايماً بيقولوا لي لو كنتي خليتي بالك كان عندك زوارق، أيوة صرفت فلوسي كلها، على كل اللي حواليا، مش معايا فلوس بس لما بقول آه بلاقي مليون بني آدم معرفهوش بيقول لي سلامتك بعد الشر عنك، صرفتهم كلهم ما بخلتش وعمري ما أخلي فلوس في جيبي".

خلال سنوات عملها كانت تذهب بانتظام إلى أحد المقاهي في منطقة الحسين: "كنا نشوف مين اشتغل ومين ما اشتغلش اللي اشتغل يدي اللي ما اشتغلش، فيلم الفتوة كان بيتصور وخلص في العيد، بعتنا جبنا عجل بـ 10 جنيه، قبل ما نخلص بقى عندنا 10 عجول، اتدبحوا والعمال اتراضوا وإحنا روحنا كلنا طعمية، ما بندمش إني صرفت كل حاجة، عمري ما ندمت على أي مبلغ راح مني.. كنت ندمت على الـ5 مليون اللي راحوا مني!". 

قصص جدعنة عظيمة

لعل أحد أبرز المواقف التي تحكي عن شخصية تحية كاريوكا، ذلك الذي جمعها بالممثل القدير بشارة وكيم، تروي الموقف قائلة: في بداية تصوير فيلم أميرة الجزيرة "الأستاذ بشارة وكيم، جاتله جلطة ونزلوه يشتغل وهو تعبان، قلت هاوقف الفيلم إزاي لحد لما الراجل يخف؟ قمت الصبح وأخدت شنطتي ورحت المطار، قلتلهم بلد إيه أقدر أروحها دلوقتي، طلعت إيطاليا، كنت طول النهار أتسنكح وأتمشى 25 يوم، كل يومين تلاتة أتصل بالأستاذ بشارة فقط، لحد لما اطمنت عليه، ورجعت لاقيت بشارة منتظرني، يومها عيط أول ما نزلت من الطيارة، قلت له إحنا هانرجع تاني إمتى؟ قالي بكرة قلت له لا بعد بكرة تكون ارتحت كمان، كملنا واللي يشوف الفيلم هايشوف الأستاذ بشارة ظاهر عليه آثار التعب  وآثار الجلطة". 

"عاوزة تطلبي حاجة" سألها الرئيس السادات في عيد الفن، فقالت له: "هو بس فيه حاجة كنت عايزة أطلبها من سيادتك مش ليا لكن لزينات صدقي، هي كبرت وما بقتش تشتغل ومريضة وبتمر بظروف قاسية أوي، يا ريت يا ريس تأمر لها بمعاش تقدر تعيش منه"، وهو ما كان بالفعل.

وقفت كاريوكا لعدد غير قليل من الممثلين كي يحصلوا على وحدات سكنية من الدولة، من بينهم الفنان وحيد سيف، والذي يروي: "تحية كاريوكا صاحبة فضل عليا، دور محمد الزبال في مسرحياتها هو صنعني، حقانية أوي ومايهمهاش حد، حبت الشغلة، وعملت مسرح عظيم، عطوفة جداً، قامت الصبح الساعة 7 الصبح وهي مش بتقوم إلا الساعة 3 راحت معايا المحافظة عشان تجيب لي شقة، المحافظ قالها مفيش شقق، طلعت فيه، وفعلاً جابت لي شقة، لمت فلوس وقت نكسة 67، شايلة قلبها على إيدها، مايهمهاش". 

القصة ذاتها تكررت مع الفنان محيي إسماعيل، والذي يقول: "ذات يوم أمر السيد الرئيس محمد أنور السادات بإعطائي شقة من الدولة، ولكنه رحل فجأة وتوقفت كل الإجراءات ولم أستطع الحصول على الشقة، وبالصدفة كنت أشارك مع تحية في عمل للتليفزيون، ووجدت الهم على وجهي فاقتربت مني وسألتني عن السبب؟، فحكيت لها قصة الشقة، وأخبرتها  أنه ينقصني توقيعين لإتمام ورق الشقة، وهناك تعنت وكل شيء متوقف على توقيع من محافظ الجيزة وتوقيع آخر، فساعدتني على إنهاء التوقيعات وحصلت على الشقة!".

بالرغم من القسوة، لكن تحية لم تكن قط قاسية مع عائلتها، حتى حين تزوجت شقيقتها وتركت طفليها رجاء وفاروق، تكفلت تحية بهما ولم تعاملهما كما عاملها شقيقها، تروي الراحلة رجاء الجداوي: "خالتي تحية هي اللي ربتني، خدتني وعمري 3 سنين، صاحبة الفضل الكبير عليا، خدتني أنا وأخويا فاروق، هي اللي علمتنا وربتنا، هي اللي صنعت شيء اسمه رجاء الجداوي، خالتي كانت بتسافر كتير، كانت بتدفع لي فلوس مدرسة داخلية، ومربية فرنسية تاخدني يومين الأجازة أقضيهم في البيت وأرجع البيت، جعلتني أنتمي لطبقة أرستقراطية، أنا مربية فرنسية، وشقيقي مربية إيطالية، طلعت السادسة على القطر المصري كله، في المدارس الفرنسية، جالي منحة، إني أدرس في السوربون، خالتي كانت عاوزة تعمل مني الشيء اللي هي حباه، صدمتها جداً جداً، حطمت أملها ومطلعتش زي ما هي عاوزة، بل إني دخلت مجال التمثيل اللي هي كانت رفضاه تماماً وقاطعنا بعض فترة طويلة لكن العلاقات عادت لما كانت بتعمل عملية جراحية وزرتها فخدتني بالحضن وبكينا إحنا الاتنين".

خدمتهم فاعتقلوها

"مكانك مش هنا يا جلالة الملك مكانك في القصر" بهذه الجملة أحرجت تحية  الملك فاروق،  الحق أنها تعرضت للخيانة مراراً وتكراراً، كان من بينها تلك التي حدثت لها من مجلس قيادة الثورة، فالمرأة التي استضافت اجتماعات الضباط في منزلها في شارع أبو الفدا في الزمالك أثناء زواجها من الضابط مصطفى كمال صدقي،  تم القبض عليها لاحقاً بأمر من مجلس قيادة الثورة بتهمة الترويج لأفكار هدامة، أكثر من ثلاثة أشهر قضتها في السجن دون ذنب في القضية 1915، تم اعتقالها مرة ثانية حين انتقدت حكم عبد الناصر بعد الثورة وشبهته بالملك فاروق، وكان من أشهر جملها داخل  المعتقل: "ذهب فاروق، وجاء الفواريق"، لكنها رغم هذا كله كانت من أهم من تبرعوا في أسبوع تسليح الجيش عام 1955، قدمت جزءاً من مجوهراتها إضافة إلى التبرعات التي جمعتها من أماكن عدة، فقال عنها الرئيس جمال عبد الناصر: "انتي ست بألف راجل يا تحية".

لم يكن الأمر أفضل مع الرئيس أنور السادات، صحيح أنه عاش فترة في بيت شقيقة تحية في الإسماعيلية، حيث خلد اسمها لاحقاً وأطلقه على تبة باسم تبة مريم في الجندي المجهول.

إلا أن هذا لم يشفع لها، أنقذته من الإعدام فكانت من بين المعتقلين عام 1981 عقب إبرام اتفاقية كامب ديفيد، لرفضها القاطع لها،  وواصلت تحية جرأتها مع الرئيس الأسبق مبارك  حين دعاها إلى حفل لتكريم الفنانين، وكانت حينها قعيدة كرسي متحرك، فذهب إليها الرئيس الأسبق فراحت تشكو له: "يا ريس في ناس بتنام من غير عشاء"، صحيح أن مبارك حاول أن يشرح لها طبيعة المشكلة وأنها ناتجة عن الانفجار السكاني، إلا أنها عاجلته بنفاد صبر: "أنا مفهمش في كلامك التخين ده، ما تبيتش حد من غير عشا يا ريس، خد من كل مسلسل بيتعمل 1000 ولا 2000 جنيه وامنح الفقراء"، يومها قال لها هاني شنودة: "انتي قلتي كلام صعب أوي" فعاجلته هو أيضاً "بقولك إيه يا واد يا هاني أنا عبد الناصر سجني والسادات سجني.. هايعمل إيه يعني؟ هايسجني ما يسجني!". 

كلمة السر في زيجاتها "اهربي"

أكاد أجزم أن كلمة ابن شقيقها "اهربي" ظلت تطاردها منذ اللحظة الأولى في حياتها فزيجتها الأولى من أنطوان عيسى ابن شقيقة الراقصة الأشهر وقتها بديعة مصابني، استمرت عاماً واحداً، أما الزيجة الثانية من محمد سلطان باشا، الذي كان يعد أكبر أثرياء مصر، فلم تستمر لأكثر من 6 أشهر، تقول عنه: "كان شاب ثري من عائلة كبيرة، اتجوزنا بعد قصة حب، الله يرحمها عناية هانم والدته، أعطتني شبكتها، حلق وخاتم وغويشة، ناس كويسين جداً، لكني فكرت هايصرف عليا فعلاً، كان بيصرف ببذخ، لكن قلت هاقعد عاطلة وبعد سنة يقولي أمك وإخواتك وولاد إخواتك فاخترت إني أتركه وضحيت بالحياة المستقرة، رغم إنه كان أول واحد أعيش عيشة ملوك معاه". 

بعدها تزوجت شخصاً أمريكياً: "ولا فاكرة اسمه، أصلي مبحبش الخيانة، لما أحسن هاخون واحد أو يخوني بقول سلام".

وفى المرة الرابعة تزوجت من المخرج فطين عبد الوهاب وانفصلت عنه بسبب الغيرة الشديدة، رغم أنها كانت حاملاً منه: "كان مساعد مخرج وقتها، محبش يكون جوز الست، مارضيتش أقعد وقلت له لو مش هاتوافق أشتغل نطلق، كنت حامل وقتها، اتطلقنا فعلاً وروحنا بعدها سينما مترو".

أما الخامسة فكانت  من الفنان أحمد سالم، أحبته جداً ولكنها طلبت الطلاق فوراً حين علمت أنه يحب الفنانة أسمهان، أما السادسة فكانت من طيار الملك فاروق الخاص حسين عاكف ولكنهما انفصلا بعد شهرين فقط.

الزوج السابع والأقرب لقلبها كان رشدي أباظة، تقول: "هو قال إن دي الزيجة الوحيدة اللي أسعدته والشخصية الوحيدة اللي حبها، وأنا كمان بقول الزيجة الوحيدة اللي شبه الأحلام، كنت أنا ورشدي، كفاية إنه كاتب محدش يزورني في قبري غير تحية، لكن آه هم تلات سنين ونص زواج، كنت في الجنة، وتم الطلاق رغم الحب المتبادل، لكن السبب مقدرش أقوله ولا هو كان يقدر يقول، أسباب جارحة"، الحقيقة أن السبب الحقيقي كان "الخيانة" حيث ضبطته فى أحد ملاهي شارع الحمراء المعروف في وضع حميم مع الفرنسية آنى بارينه ومن دون مقدمات أو مراعاة لأي قواعد أو أصول، جرت المرأة الفرنسية من شعرها وضربتها بقسوة وطلبت منه الطلاق فى الليلة نفسها.

تزوجت العديد من الزيجات لاحقاً، كان أطولها تلك الزيجة من الكاتب المسرحي، فايز حلاوة، والتي بقيت معه لـ 18 سنة، انتهت بطردها من شقتها، بالشبشب والجلباب، تقول :"لما بيسألوني اتجوزتي كام مرة، بقول مش عداهم، والله ما بعد، اتجوزت واتطلقت وخلاص في ستين داهية، أنا إش عرفني الفشل منين مابفكرش". 

أيامها الأخيرة 

لم يكن عملها بمجال الرقص يسعدها كثيراً، ربما لهذا وبمجرد وصولها سن الستين قررت ارتداء الحجاب والتفرغ للعبادة بصدق: "كان عندها رضا وزهد مالهمش حدود، رغم إنها خسرت هدومها ومجوهراتها ولما أقولها مش زعلانة على حاجتك تقول لا، لو فيهم قرش واحد حرام ربنا كرمنى وخلصني منه"، هكذا اعتبرت ما جرى لها مع فايز حلاوة "تخليص ذنوب" بعدما طردها وتزوج من أخرى وأنجب منها، ولهذا أيضاً تنازلت عن القضية المرفوعة ضده وزوجته "معاه زوجة وطفلة أنا أعرف أتصرف لكن هم يروحوا فين؟"، ما أثار إعجاب الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي والذي قال لها: "بدأت أغير منك يا تحية لأن ربنا بنى لك قصور في الجنة". 

قبل وفاتها بعامين جاءتها البشرى، حيث عثرت بباب شقتها على طفلة حديثة الولادة ما تزال دماء المخاض على جسدها الصغير، هكذا تكفلت بها وأعطتها اسمها اختاره الشيخ الشعراوي بنفسه "عطية الله" تحكي ابنة شقيقتها رجاء الجداوي: "قبل الوفاة بيوم، مسكت القلم وكتبت لي فيفي، وكتبت البنت، قلت لها انتي هتطلعي وانتي اللي هاتربي البنت، شاورتلي إن فيفي عبده اللي تربي البنت،  وفعلاً نفذت وصيتها".

أوصت قبل وفاتها بتوزيع البرفانات في منزلها على الممرضات في المستشفى الذي تعالج فيه: "قالت لي يا رجاء أنا مش راجعة، كانت شايفة إنها رايحة في حتة أحسن، ست بتقرأ قرآن وتعتمر وتحج، كانت بتبني بيتها في الجنة طول 26 سنة التزام تام، وتدين، كانت تنزل على النيل تأكل الغلابة لحد لما توفيت في عمر الـ 86 عاماً".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد