من المؤكد أنّ اسم اللاعب الدولي النرويجي إيرلينغ هالاند، هو الأكثر تداولاً في الصحافة العالمية المتخصصة عند الحديث عن سوق الانتقالات الصيفية القادمة، إذ لا يمر يوم واحد دون أن يتم ذكر نجم نادي بوروسيا دورتموند الألماني ضمن صفقة تم الاتفاق عليها بشكل "شبه رسمي" مع هذا الفريق أو ذاك، حتى إنّه في بعض الأحيان يُشار إلى قرب انضمامه لثلاثة أندية مختلفة في نفس اليوم وفي نفس الوسيلة الإعلامية.
ذكرت 3 فرق وليس أكثر لأنه العدد الذي يتداول بحدة في الآونة الأخيرة حول الأندية الراغبة في ضم المهاجم النرويجي الشاب، بداية من الميركاتو الصيفي القادم، وهي عملاقا إسبانيا، برشلونة وريال مدريد، وبطل إنجلترا، مانشستر سيتي.
قد يقول البعض منكم: "نعم لقد قرأنا أو سمعنا أن مانشستر سيتي قد اقترب من حسم صفقة هالاند، وأن الخبر ليس بجديد"، فأرد عليك عزيزي القارئ: "نعم الخبر ليس بجديد، ولكن الجديد هو أنّ بيب غوارديولا، المدير الفني للنادي الإنجليزي، قد انزعج يوم الجمعة 18 مارس/آذار 2022، من سؤال أحد المراسلين، خلال مؤتمر صحفي، حول هالاند، موضحاً أن هذا الأخير لا يزال لاعباً في بوروسيا دورتموند وأن أموراً عديدة قد تحدث خلال الميركاتو".
ما يعني، إذاً، أن غوارديولا قد نفى "شائعة" الحسم شبه الرسمي لصفقة هالاند من طرف نادي مانشستر سيتي، مُبقياً الأمل لجماهير الأندية الأخرى الراغبة في الاستفادة من خدماته وفاعليته الهجومية الكبيرة بداية من الصيف القادم.
برشلونة خارج السباق.. وبيريز لن يتسرع في حسم الصفقة
ما يعني أيضاً استمرار التحليلات والتوقعات حول الفريق الذي سيحمل هالاند قميصه في الموسم الرياضي القادم، والذي من المتوقع أن يتم التعرف على اسمه قبل نهاية يوم 30 أبريل/نيسان 2022 المقبل، تاريخ آخر أجَّل لتفعيل بند الشرط الجزائي الذي يتضمنه عقد اللاعب مع ناديه الحالي بوروسيا دورتموند، والمتمثل في دفع مبلغ 75 مليون يورو لتسريح النجم النرويجي.
صحيح أنّ المشروع الرياضي سيكون أحد المقاييس الرئيسية التي سيعتمد عليها هالاند عند اختياره لفريقه المستقبلي، وصحيح أيضاً أن الكلمة الأخيرة عند الاختيار تعود للاعب نفسه وليس لناديه أو وكيل أعماله أو أحد مقربيه، ولكن كل هؤلاء يؤثرون بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر في حسم القرار النهائي.
وبالنظر إلى قيمة الشرط الجزائي لعقد هالاند مع دورتموند، فإنّه يمكن القول إنّ نادي برشلونة منسحب تلقائياً من السباق، في ظل الوضعية المالية غير المريحة للنادي الكاتالوني، في الوقت الحالي، والتي لا تسمح له بعقد صفقات ضخمة في سوق الانتقالات الصيفية القادمة.
وقد أكد برشلونة صعوبة الظفر بخدمات هالاند، على لسان نائب رئيس النادي، رافائيل يوستي، الذي صرح لصحيفة "ماركا" الإسبانية، الجمعة 18 مارس/آذار 2022، على هامش مراسم قرعة الدور ربع النهائي لمسابقة الدوري الأوروبي لكرة القدم: "لا يمكننا أن نقوم بتلك الصفقة التي يمكن أن تعرضنا للخطر، ولذلك أرى أنّ تعاقدات من هذا الحجم صعبة للغاية حتى ولو أنّه لا يمكننا القول أبداً إنّها غير قابلة للتحقيق لأنّ عالم كرة القدم جد متغير".
يبقى، إذاً، ناديان اثنان مرشحين للتنافس على حسم صفقة هالاند، ولكن بحظوظٍ غير متساوية بسبب شخص اسمه "مينو رايولا"، وكيل أعمال اللاعب النرويجي، المعروف بصعوبة التفاوض معه حول شروط التعاقد مع موكليه خاصة فيما يتعلق بالعمولة التي يتحصل عليها هو شخصياً.
صعوبة التفاوض مع رايولا لن تخدم ريال مدريد، بحيث إن رئيس النادي الملكي، فلورنتينو بيريز معروف هو أيضاً بتمرسه في حسم الصفقات الكبيرة، ولذلك في حال استمرار التفاوض لفترة طويلة، فإن ذلك سيصب في مصلحة مانشستر سيتي الذي يكون قد أغرى بوروسيا دورتموند بمبلغ يفوق قيمة الشرط الجزائي، إضافة لاستعداده لتلبية الشروط المالية لهالاند ولوكيله ولوالده الذي يملك بدوره ضلعاً في حسم الصفقة.
وما يدفع للاعتقاد بأن مانشستر سيتي يكون قد تقدم بعرضٍ مغرٍ يفوق قيمة الشرط الجزائي، هو التصريح الذي نقلته صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، يوم 16 مارس/آذار 2022، عن ماتياس سامر، مستشار نادي بوروسيا دورتموند، الذي قال فيه مازحاً: "حين سمعت بعرض مانشستر سيتي لضم هالاند أغمي علي، وكان على زوجتي أن تنقلني إلى المستشفى.. لقد أصبت بجلطة منذ ذلك الحين".
وفي الحقيقة فإنّ مسؤولي نادي مانشستر سيتي ليسوا سُذجاً ليدفعوا قيمة مالية أكثر من تلك المحددة في الشرط الجزائي لعقد اللاعب هالاند، ولكنهم يكونون قد رفعوا من القيمة بطريقة غير مباشرة من خلال اقتراح منح مكافآت إضافية على شكل متغيرات.
أما بشأن الإغراء المالي المقدم للنجم النرويجي، فإنّه يتمثل، بحسب نفس الصحيفة البريطانية، في راتب أسبوعي ضخم يقدر بـ500 ألف جنيه إسترليني، ما سيجعله بمثابة اللاعب الأعلى أجراً في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
وعن العمولة التي من المرتقب أن يتحصل عليها مينو رايولا عند إنجازه للصفقة، فستبلغ 40 مليون يورو، بحسب صحيفة " بيلد" الألمانية في عددها ليوم 17 مارس/آذار 2022، كما سيدفع مانشستر سيتي 30 مليون يورو لوالد اللاعب، "ألف إينغ هالاند"، كعمولة أو مكافأة له على إقناع نجله بالانضمام للفريق الذي سبق له هو شخصياً اللعب في صفوفه من 2000 إلى 2003.
والد هالاند كان لاعباً بمانشستر سيتي
وبخلاف ابنه إيرلينغ، فإنّ "ألف إينغ هالاند"، كان ينشط في مركز مدافع، وقد بدأ مشواره في نادي "براين" النرويجي، قبل الاحتراف في إنجلترا، مع نادي نوتينغهام فوريست من 1993 إلى 1997، ثم ليدز يونايتد من 1997 إلى 2000، وأخيراً مانشستر سيتي من 2000 إلى 2003، كما كان لاعباً دولياً، حيث شارك مع منتخب بلاده النرويج في 34 مباراة رسمية من 1994 إلى 2002.
وفي حال انتقال هالاند إلى مانشستر سيتي في الصيف القادم، فإنّه لن يرحل إلى بلد غريب، بل إلى بلد يحمل جنسيته (البريطانية) وعاش فيه جزءاً من طفولته عندما كان والده لاعباً في الدوري الإنجليزي، حيث ولد النجم الحالي لبروسيا دورتموند يوم 21 يوليو/حزيران 2000، بمدينة ليدز الإنجليزية.
وقد بدأ هالاند ممارسة رياضة كرة القدم بمدرسة نادي "براين" النرويجي، ولعب مع فريق الرديف لنفس لنادي في عامي 2015 و2016 في دوري الدرجة الرابعة النرويجي، حيث تألق بشكلٍ كبيرٍ، بتسجيله 18 هدفاً في 14 مباراة.
وقد سمحت له هذه الأرقام المميزة بالارتقاء بسرعة إلى فئة الأكابر، حيث شارك في أول مباراة له مع الفريق الأول يوم 12 مايو/أيار 2016، أمام نادي "رانهيمي"، وهو في سن الـ15 فقط، وكان حينها نادي "براين" ينشط في دوري الدرجة الثانية.
وخاض هالاند في موسم 2016، مع نادي "براين"، 16 مباراة، معظمهم كلاعب احتياطي، ولم يسجل خلالها أي هدف. وأفتح هنا قوساً لأشير إلى أنّ الموسم الرياضي في النرويج، وبخلاف معظم البلدان الأوروبية، يُقام في سنة واحدة، بداية من شهر أبريل/نيسان إلى غاية شهر أكتوبر/تشرين الأول.
تتلمذ على يد سولشاير
وقام هالاند قبل نهاية موسم 2016 بتجارب فنية مع نادي "هوفنهايم" قصد الانضمام إليه في الموسم الموالي، لكنّ مسؤولي النادي الألماني رأوا أن المهاجم النرويجي الشاب لا يملك القدرات اللازمة للانضمام للفريق الأول، ما جعله يلتحق بصفوف نادي "مولده" النرويجي في فبراير/شباط 2017، الذي كان يشرف على تدريبه مواطنه "أولي غونار سولشاير"، اللاعب والمدير الفني السابق لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي.
وكان الموسم الأول مع "مولده" صعباً بالنسبة لهالاند، حيث كان لاعباً احتياطياً، واكتفى بالمشاركة في 20 مباراة، سجل خلالها 4 أهداف فقط، لكنه تألق في موسمه الثاني، حيث سجل 16 هدفاً في 30 مباراة رسمية.
ولم يمر تألق إيرلينغ هالاند في الدوري النرويجي رغم صغر سنه، دون أن يلفت انتباه كشافي الأندية الأوروبية الكبيرة، على غرار أرسنال الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي اللذين سعيا لضمه، في صيف 2018، لكن الموهبة النرويجية استمع للمقربين منه الذين نصحوه بعدم التسرع في تخطي المراحل، وأنه من الأفضل الانتقال لفريق يسمح له باللعب بانتظام، ما جعله يختار التعاقد مع نادي سالزبورغ النمساوي في شهر أغسطس/آب 2018، لمدة 5 سنوات، وذلك بداية من الفاتح يناير/كانون الثاني 2019.
سجل 9 أهداف في مباراة واحدة
وقد بلغت قيمة انتقال إيرلنغ هالاند إلى سالزبورغ مبلغ 5 ملايين يورو، وقد تضاعفت قيمته السوقية أكثر من ثلاث مرات في سنة واحدة فقط، إذ باعه النادي النمساوي لبروسيا دورتموند في يناير/كانون الثاني 2020 بـ20 مليون يورو، وذلك بعد التألق المميز الذي ظهر به المهاجم النرويجي في مختلف المسابقات المحلية والدولية، بتسجيله 29 هدفاً في 27 مباراة رسمية، منها 8 أهداف في 6 مباريات بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم في دور المجموعات لموسم 2019-2020، ثم سجل هدفين آخرين لدورتموند في لقاء الذهاب للدور ثمن النهائي للبطولة القارية، أمام نادي باريس سان جيرمان الفرنسي (2-1).
وإلى غاية كتابة هذه الأسطر، سجل "أخطر خطير، إيرلينغ هالاند 80 هدفاً في 81 مباراة رسمية مع بوروسيا دورتموند، منها 23 هدفاً في 23 مباراة في الموسم الجاري (2021- 2022)، مع العلم أنّ رقمه القياسي هو 41 هدفاً في 41 مباراة في الموسم الماضي (2020-2021).
قبل أن أختم المقال، أشير 'إلى أنّ مانشستر سيتي كان مهتماً بضم إيرلنيغ هالاند منذ سنة 2019، لما اكتشف العالم الرياضي موهبة اللاعب النرويجي ضمن نادي سالزبورغ ومن قبل خلال نهائيات مونديال الشباب لأقل من 20 عاماً، التي جرت ببولندا من 23 مايو/أيار إلى 15 يونيو/حزيران 2019، إذ وبعدما صام عن التهديف في المباراتين الأوليين لمنتخب بلاده أمام الأوروغواي (1-3) ونيوزيلاندا (0-2)، انفجر هالاند في اللقاء الثالث أمام الهندوراس حيث قاد النرويج لفوز كبير وتاريخي بنتيجة 12 هدفاً لصفر، سجل منها 9 أهداف كاملة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.