مأساة تتكرر كل عام خاصةً في المدارس.. لماذا لا أحب الاحتفال بعيد الأم؟

تم النشر: 2022/03/21 الساعة 12:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/21 الساعة 12:57 بتوقيت غرينتش

يحتفل العالم كل عام بيوم الأم، أو عيد الأم كما يحب أن يسميه البعض، ويختلف الاحتفال به من دولة إلى أُخرى، فليس لهذا اليوم تاريخ محدد مشترك بين الدول، فالكثير من دول العالم تحتفل به في يوم الأحد الثاني من شهر مايو/أيار، أما في معظم الدول العربية فيكون يوم 21 مارس/آذار هو يوم الأم، وقد اختير هذا التاريخ الذي يعتبر بداية لفصل الربيع لما يمثله من جو جميل تخضر فيه أغصان الأشجار وتتفتح فيه الأزهار ويفوح عطرها في كل بقاع المعمورة.

وعلى الرغم من أن يوم 21 مارس/آذار يعتبر يوماً جميلاً وممتعاً للكثيرين وخصوصاً الأطفال إلا أننا كمجتمع لم نلتفت لقضية هامة وخطيرة، قضية إنسانية بحتة تتعلق بمشاعر بعض الأطفال الذين فقدوا أعظم هبة من الله… الأم، فقدوا الأمن والأمان والعطف والحنان وفقدوا الحضن الدافئ، فهل من الحكمة العزف على جراح هؤلاء الأطفال وعدم الاهتمام بمشاعرهم وأحزانهم؟! هل أصبحنا مجتمعاً سيئاً لدرجة أننا لا نستطيع رؤية دموع هؤلاء الأطفال وحسرتهم؟!

والله الذي لا إله إلا هو لو سألت أحداً من هؤلاء الأطفال عن مشاعره في هذا اليوم لقال لك ما لم تستطِع أن تتحمله ولأبكاك مرات ومرات..     

إن هذه المأساة تتكرر كل سنة، وبالأخص في المدارس، فما إن تأتي تلك الذكرى حتى تتزين ساحات المدارس وتقام الاحتفالات وتنشد الأناشيد والأغاني وتقدم الدعوات للأمهات للاحتفال مع أطفالهن وقضاء يوم جميل، وكل طفل يستقبل أمه ببالغ السعادة والسرور ويقدم لها الورود والهدايا وهي تقدم له الابتسامة والقُبلة والحضن، ومن البديهي أن يكون الطفل الذي فقد أمه أكثر حساسية في مشاعره، فعندما يرى هذا المشهد أمام عينيه يتذكر أمه، يتذكر فقدانه لها، فينكسر قلبه الصغير، مما يحدث شرخاً عميقاً في نفسيتةُ يصعب تفادي سلبياته مدى الحياة.

إننا وبإصرارنا على الاحتفال بهذا اليوم وبنفس الأسلوب القائم نكسر نفوس هؤلاء الأطفال ونساهم في تعميق الشعور بالحسرة ونذكِّرهم بأنهم قد فقدوا شيئاً كبيراً في حياتهم، فإذا كنا نرى أن هذا اليوم هو يوم الوفاء للأمهات فأين وفاؤنا لهؤلاء الأطفال؟!!

قد يفهم البعض من كلامي هذا أنني أطالب بشطب هذا اليوم من أجندة المناسبات في مجتمعنا، أنا بالطبع لم أقصد هذا، ولكن أنا أطرح هذا الموضوع لكي نتكاتف سوياً لنجد حلولاً من شأنها الحفاظ على مضمون هذا الاحتفال وفي نفس الوقت مراعاة مشاعر هؤلاء الأطفال.

أقترح أن يكون الاحتفال بهذا اليوم احتفالاً ذا طابع أُسري محض، فلا يتعدى نطاق البيت والأسرة. أما بالنسبة للمدارس وهي المشكلة الكبرى من وجهة نظري، فنستطيع أن نقوم بتعديل بسيط، فبدلاً من أن يكون الاحتفال بيوم الأم عبارة عن حفلة عامة في المدارس تحضره الأمهات ويقوم الأطفال بالغناء والرقص نستطيع أن نجعله يوماً مدرسياً عادياً كباقي الأيام، ولكن يُخصص وقت حصة أو حصتين لتكريم بعض المعلمات الفضليات واللاتي يعتبرن أمهات لكل أطفالنا الصغار، وبهذا ندخل البهجة والسرور على قلوب الأطفال جميعاً بمن فيهم الذين فقدوا أمهاتهم، وهكذا لن يشعر هؤلاء الأطفال بالفرق بينهم وبين أقرانهم، بل على العكس سيشعرون بالارتياح والسرور وهم يكرِّمون معلماتهم ويقدمون لهم الهدايا مثلهم مثل باقي الأطفال.

أتمنى أن ننظر بعين المسؤولية والعطف إلى هؤلاء الزهور البريئة، ولا نقسو عليهم أكثر، ونحاول أن نكون بالنسبة لهم مصدراً للسعادة والسرور.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالفتاح الحنفي
كاتب ومدون
تحميل المزيد