مع اشتداد الغزو الروسي لأوكرانيا، تنامت الدعوات لمقاطعة النفط الروسي. ففي نداء صدر في الأيام الماضية، طلبت 465 منظمة في 50 دولة من حكوماتها التوقف عن استخدام الطاقة الروسية.
وتسبب قرار واشنطن بحظر واردات النفط الروسية رسمياً في ارتفاع أسعار النفط أكثر- لكن بعض المحللين يقولون إن هذا قد يتم مواجهته إذا كان كبار منتجي النفط مثل "أوبك" التي تقودها السعودية سيزيدون الإنتاج.
ولكن مسؤولي "أوبك" أعربوا عن شكوكهم في قدرتهم على تعويض غياب النفط الروسي في السوق العالمية. ومنذ أشهر، يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته إقناع البلدين الخليجيين، الإمارات والسعودية، بزيادة الإنتاج، لكن كلا البلدين رفض مبادرات واشنطن.
وتقول السعودية والإمارات إنهما ما زالتا ملتزمتين باتفاق" أوبك +"، ورفضتا تجاوز الخطة المتفق عليها العام الماضي إلى زيادات شهرية في الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً.
اتفاق "أوبك+" تم إنشاؤه في عام 2017 في محاولة لتحسين تنسيق إنتاج النفط وتحقيق استقرار الأسعار العالمية. وتوترت العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية منذ تولي بايدن منصبه، حيث يواجه الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انتقادات بشأن مقتل جمال خاشقجي.
وبالإضافة إلى ذلك، أعربت كل من الرياض وأبوظبي عن قلقهما إزاء محاولات واشنطن إحياء الاتفاق النووي الإيراني. ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد قد منحا بايدن "الكتف البارد"، ورفضا مؤخراً الرد على اتصالات الرئيس الأمريكي.
النقص الحالي في الإمدادات النفطية يقدر بحوالي خمسة ملايين برميل ينبغي ضخها لمنع تقلبات السوق والاستغناء عن إمدادات النفط الروسية.
وتسبب الحظر على النفط الروسي في ارتفاع سعر "برنت خام"، المعيار القياسي للنفط، إلى 130 دولاراً للبرميل، قبل أن ينخفض إلى حاجز 112 دولاراً للبرميل.
المملكة العربية السعودية لديها ما يكفي من الطاقة الاحتياطية، حجم الإنتاج الذي يمكن أن يتحقق في غضون شهر واحد وأن يستمر لمدة 90 يوماً على الأقل لتصدير مليوني برميل إضافي من النفط في اليوم.
وتقوم حالياً بتصدير حوالي 10 ملايين برميل يومياً. ومن المحتمل أن تزيد الإمارات إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل أخرى يومياً، على الرغم من أن صحيفة وول ستريت جورنال أشارت إلى أنها قد تجلب مليون برميل إضافياً يومياً إلى السوق.
وهي مطالبة حالياً بتصدير ثلاثة ملايين برميل يومياً، وفقاً لما ذكرته "أوبك".
وبعد اجتماعها الشهري الأسبوع الماضي ، والذي استمر 13 دقيقة فقط، قالت الدول الأعضاء في "أوبك+" إن ارتفاع الأسعار الأخير كان بسبب أسباب جيوسياسية، ولا يعكس العرض والطلب على النفط في جميع أنحاء العالم.
وفي غضون ذلك، يهدف قرار بايدن بحظر حوالي 3% من واردات الخام الأمريكية التي منشؤها روسيا، رغم أنها ليست ذات أهمية اقتصادية كبيرة، إلى زيادة عزلة موسكو. كما أعلنت المملكة المتحدة أنها ستتوقف تدريجياً عن واردات النفط الروسي بحلول نهاية العام، لكن واردات الغاز الروسي ستبقى.
وامتنع الاتحاد الأوروبي عن تقديم أي تعهدات مماثلة، حيث تعتمد القارة بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية. وإذا اتبعت أوروبا حذو الولايات المتحدة في معاقبة النفط الروسي، فلن تكون قادرة على تعويض نقص الطاقة.
في عام 2021، استوردت أوروبا حوالي 4.5 مليون برميل يومياً، جاء ثلثها تقريبًا من روسيا، وفقاً للسكرتير الصحفي للبيت الأبيض جون بساكي.
وقال جون إن المفوضية الأوروبية حددت مقترحات "لجعل أوروبا مستقلة عن الوقود الأحفوري الروسي قبل عام 2030".
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين في بيان: "يجب أن نصبح مستقلين عن النفط والفحم والغاز الروسي، لا يمكننا ببساطة الاعتماد على مورد يهددنا بشكل صريح".
وسيكون من الصعب على أوروبا التخلص من روسيا كمورد للنفط، حيث تستورد حالياً 26 % من نفطها الخام من موسكو، بينما تقدم السعودية أقل من ثمانية بالمئة.
ولكن جون، مثل غيره من المسؤولين الأمريكيين، يؤكد أن أوبك لا تزال قادرة على لعب دور في خطط المفوضية الأوروبية: "بشكل عام، السعوديين والإماراتيين، وربما الكويتيين ، يمكنهم زيادة الإنتاج بما يكفي لاستبدال جزء كبير مما يصدره الروس."
فهل يستبدل النفط العربي نظيره الروسي في المستقبل القريب أم يستمر تقويض محمد بن سلمان لمخططات الغرب في حربه الاقتصادية على روسيا؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.