تداعيات الحرب الدائرة في شرق أوروبا على العالم مستمرة مع توقعات بالمزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا والمتعاونين معها اقتصادياً. ومع التهديد بانقطاع الإمدادات الروسية من الغاز والنفط عن غرب أوروبا، يرتفع معدل الخوف في الكثير من القصور الرئاسية حول العالم.
ويدور في خلدي تساؤل قد يعتقده البعض مبكراً، لكن هل تعصف الأزمة العالمية في الأمن الغذائي بنظم حكم في بلدان عربية؟
في حال وقعت عقوبات على قطاع الطاقة الروسي فمن المتوقع زيادة سعر برميل النفط إلى 300 دولار أمريكي، وإذا ما توسعت الآلة العسكرية الروسية وتوّغلت في غرب أوكرانيا وأغلقت المضائق وتوقفت حركة الملاحة فإن حالة من الهستيريا الاقتصادية ستضرب العالم، وستكون أزمة الغذاء والتضخم واقعاً لا يمكن الفرار منه.
المؤسف أن هذه السيناريوهات تقابل باستخفاف مُر وحالة من الاستهتار وعدم الإدراك من قبل المواطنين والحكومات على حد سواء، وبالأخص مصر. العقوبات الاقتصادية على روسيا سيطال تأثيرها المواطن العادي وقد تقلب حياتها رأساً على عقب، أو ها هي قد بدأت تقلبها الآن بالفعل. فارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية حقيقة نعانيها ونعاينها كل يوم.
والسؤال الذي يدور في رأس كل مواطن بعد أن يتحسس جيبه هو هل نحن بالفعل في بداية سنوات عجاف، هل نحن على أعتاب "شدة مستنصرية" أو "انتفاضة خبز" جديدة على غرار تلك التي ضربت مصر في العصر الفاطمي؛ وهل يشهد الربع الأول للألفية الجديدة ثورات جياع؟
نحن جميعاً، في لحظة فارقة من حقبة تاريخية معقدة؛ هذه اللحظة قد تأكل الأخضر واليابس إذا طالت مدة الحرب وتعددت أطرافها!
انفجار أنبوب السخرية
يعاني العالم منذ ظهور وباء كورونا التراجع في معدلات النمو الاقتصادي وحركة التجارة العالمية، وكان مؤشر الأسواق العالمية قد بدأ لتوه التعافي من آثار وباء كورونا الاقتصادية المدمرة قبل أن تضرب الحرب الروسية على أوكرانيا كل الآمال في التعافي والنهوض من جديد.
وبدلاً من الحديث عن موعد تعافي العالم من تداعيات وباء كورونا الاقتصادية، أصبح حديث الساعة هو الجوع القادم والنقص المنتظر في سلة الغذاء، خاصة من محصول القمح الذي تنتج روسيا وأوكرانيا ربع احتياجات العالم منه تقريباً.
حالة من الارتباك والارتفاع في سعر السلع الغذائية تشهدها الأسواق المصرية حالياً، نتيجة احتكار التجار لبعض السلع الأساسية ومحاولة "تسقيعها"؛ أي تخزينها في المستودعات لرفع أسعارها، فيما تغيب الدولة بدورها الرقابي والمنظم للأسواق.
في نفس الوقت، انفجر أنبوب السخرية على شبكات التواصل الاجتماعي، وللأسف يتحدث الكثير على شبكات التواصل الاجتماعي بطريقة استفزازية بعيدة عن الواقع. منشورات تروّج بشدة دون أي اعتبار للسلم الاجتماعي، رغم أن الوقت لا يسمح للدعابة.
المركب سوف يغرق بنا جميعاً؛ وبدون البحث في جذور الأزمة وطرح حلول سريعة سنكون في خطر. نحن أمام كارثة، لا وقت للاستظراف والضحك، أو الهروب من المسؤولية والاختباء.
من أشعل الصراع؟
من أشعل الصراع ومن يريد الإيقاع بروسيا في مصيدة العقوبات الاقتصادية يحاول الحفاظ على دوره العالمي في الهيمنة السياسية والاقتصادية حتى ولو كان على حساب شعوب بعيدة عن الصراع.
فبعد صعود التنين الصيني والدب الروسي واشتعال الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة؛ وصعود دول إقليمية للعب أدوار في محيطها الجغرافي، بدأت أمريكا تنسج خيوط اللعبة، وأدركت أمريكا أن إشعال فتيل حرب أو السماح والتشجيع على إشعاله بأوكرانيا لتصبح الأخيرة الملعب المخصص لتصفية الحسابات.
فالمارد الروسي أصبح تهديداً لأوروبا التي لا ملجأ لها من القيصر إلا العم سام لحمايتها. كذلك الدول الصغيرة في مناطق مختلفة من العالم وخاصة الشرق الأوسط التي عقدت صفقات شراء سلاح ضخمة مع موسكو، تلوّح لها الولايات المتحدة بورقة الأمن الغذائي كورقة ضغط للرضوخ للهيمنة الأمريكية!
هل تلعب أمريكا بورقة ضغط بسلة الغذاء للأنظمة العربية حتى تنضوي تحت لوائها بالكامل؟الولايات المتحدة تعلم جيداً أن أي مساس بالسلع الأساسية في البلدان العربية، هشة الاقتصاد، يعني الدخول مباشرة في حالة من عدم الاستقرار في بلدان مثل مصر ولبنان والأردن، وغيرها من الدول الهشة اقتصادياً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.