من جنكيز خان إلى القادة الغربيين.. هكذا طبّعت الحضارة البشرية مع أنهار الدماء

عدد القراءات
1,020
عربي بوست
تم النشر: 2022/03/11 الساعة 13:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/11 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
صور صناعية لمباني مهدمة جراء القصف الروسي/رويترز

من جنكيز خان إلى نابليون ثم هتلر وموسوليني وقادة الولايات المتحدة وبريطانيا وسلسلة طويلة من تجار الحروب، وسلسلة أكثر من الحروب المدمرة للبشرية التي تندلع من أجل أسباب قيل لتسويق الحرب وبيعها إنها وطنية ودينية واجتماعية قاهرة.


إلا أن السبب الحقيقي لا يتعدى الهوس بالهيمنة والانفراد بالسلطة، وإن كان الطريق هو القتل والاستراتيجية هي تعمّد إزهاق الأرواح البشرية، وجعلها كلعبة يلعبها طرفان بعد رشفة غير مباركة من قهوتهما الصباحية، واستباحة الدماء بغير وجه حق يستحق ذلك الدمار في الأجيال الإنسانية والعمران اللذين أخذ وقت بنائهما عشرات القرون!

والرسول محمد صلى الله عليه وسلم حذّر من هذا المرض العابث بالدماء دون مراعاة، وأكّد على تحريم التلاعب بدماء بني البشر والمسلمين بشكل خاص فقال: "لهدم الكعبة أهون عند الله من قتل امرئ مسلم".

ولكن رغم التحذير الشديد، والوعيد بسوء العاقبة لكل طاغية يستحل الدماء، إلا أن هذا الزمن أخذ القتل مناحي التمتع به كمهنة تقام لها المراكز، ويتفنن به الفنانون بالرقصات على جثث القتلى كنوع من الهوس الممتع الذين يكافؤون على إتقانه.

في حين يظن العالم بأنه تعدّى قوانين روما الوحشية، ونفر من التلذذ بمشاهدة دماء ولحوم العبيد التي تأكلها الأسود انتقاماً من الآدمية المنعدمة؛ التي تشاهد الحيوان يهشم العظام بين مخالبه ثم تصفق متعة وتلذذاً بهذه المسرحية الحقيقية.
رغم تقدمنا والافتخار بوصولنا إلى الكواكب المجاورة؛ فإننا نفعل عدنا إلى "أيام روما" اليوم بطرق تختلف في الوسيلة وتتشابه في الغاية، فالقتل اليوم يقع أحياناً باسم الوطنية التي تجيز قتل بعض المواطنين على يد السلطة في وضح النهار لانقاذ البلاد من لهوٍ خفي. وأحياناً تحت شعار "محاربة الفساد" الذي يستحله القاتل لنفسه خاصة دون المقتولين الذين قد يشاركونه الجرم فيجد القتل وسيلة لتزكية الأموال بضحية بشرية. وأحياناً برفع راية "محاربة الإرهاب" الذي صنعه المشرفون على آلة القتل أنفسهم لينسى الشعب ويلات انعدام الخبز.

وفي نظري أنا كأحد الذين قتلتْهم القوانين أحياء تحت بند العيش في القارة السمراء، فالقتل هو القتل لا يبرره مبرر آدمي ولا يستحله قانون بشري سوى الذي يتفق عليه القاتل والمقتول، وهذا نادر ندرة الزئبق الأحمر.

لا يمكن أن نبرر هذه المجازر العالمية التي تقع أحياناً في أوكرانيا وأحياناً في أفغانستان وفي ليبيا أحياناً أخرى تحت أي اسم أو تحت أي شعار سوى شعار الهوس بالقتل، وذلك مرض يجب علاجه لا البحث عن مبررات لفعله.

فمهما تغاضت الحكومات عن هذه الحقيقة، إلا أن المقتول إنسان مثلنا له كل الخيارات والأحلام التي تجعله يتشبث بحياته لأبعد الحدود، وله أيضاً أن يقول صارخاً في وجه قاتليه: "لا ينبغي أن تزهق روحي دون إذن منّي". فقتله لن يكون علاج لهوس الأقطاب العالمي ولن يعالج أمراض الكوكب المستعصية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد أومله
كاتب ليبي ومدرب تنمية بشرية
تحميل المزيد