"أنتم جهلاء لا تفهمون شيئاً.. فاصمتوا واسمعوني أنا يا جهلاء لكي تفهموا".. دائماً ما أسمع تلك الجملة مستترة بين كلام الإعلامي إبراهيم عيسى، الذي اعتاد منذ أن عرفته على إثارة الجدل بآراء وأفكار يراها البعض متطرفة، بل مستفزة.
حالة الاستفزاز التي يُثيرها إبراهيم عيسى ليست بسبب آرائه فقط، فبعض الآراء التي أتحفنا بها على مدار سنوات قابلة للنقاش، وقد يقتنع بها مَن يسمعها إذا أعطى لنفسه مساحة من التفكير، وعن نفسي اقتنعت برأيٍ قاله قبل عدة سنوات عن وجوب التعامل بحذر مع أصوات الميكروفونات التي تبث صوت الأذان من المساجد، ذلك لأن البيوت المجاورة لتلك المساجد قد يكون بها مرضى، تُسبب لهم الأصوات المرتفعة (أياً كانت) إزعاجاً شديداً، قد يصل لدرجة التألم. كما أنه -وكما يعرف الكثيرون- "لا إكراه في الدين"، أي أنه لا يصح اللجوء للصوت المرتفع الحاد لإجبار الناس على الصلاة.
وعن الطريقة المناسبة لتذكير الناس بمواعيد الصلاة فيمكن التفكير في طريقة مناسبة لدعوة الناس للصلاة بطريقة لا يراها البعض منفرة، مثل اختيار مؤذن الصلاة بعناية، بدلاً من ترك الأمر بدون رقابة لكل من هبَّ ودب، ووضع الميكروفونات في أماكن مناسبة، بدلاً من وضعها ملاصقة لشرفات المنازل مثلما يحدث أحياناً.
أذكر أن الكثيرين هاجموا إبراهيم عيسى في وقتٍ سابق عندما تحدث في هذا الأمر، القابل للنقاش كما أوضحت، وأذكر أيضاً الطريقة التي طرح بها الإعلامي رأيه معتمداً على السخرية والتحدث بانفعالٍ شديد أراه مستفزاً.
ودائماً ما أسأل نفسي: لماذا ينفعل إبراهيم عيسى ويلجأ إلى الأسلوب الساخر وهو يتحدث في الأمور الدينية؟ هل يتعمَّد أن يضايق الناس لكي يتحدثوا عنه ويظل في دائرة الضوء؟ أم أنه يلجأ لهذا الأسلوب بسبب كراهيته لشعائر الدين؟ أم أنه يكره الدين ذاته؟
أسئلة كثيرة كنت أطرحها على نفسي، ولكني لم أنشغل كثيراً بالبحث عن إجاباتٍ لها، فقط اكتفيت برفضي لأسلوب إبراهيم عيسى المستفز، وعدم رفضي لمن يسخرون منه، واصفين إياه بـ"أبو حمالات"، ما دام هو من بدأ السخرية.
ولكن مع أزمات إبراهيم عيسى الأخيرة، وتشكيكه في رحلة الإسراء والمعراج، وحديثه عن ارتداء سيدات الصعيد في الخمسينيات والستينيات ملابس البحر (المايوهات)، وتأكيده على أن من يبحث في صور أمه أو جدته سيجد بالضرورة من بينها صورة لها وهي ترتدي المايوه، أو الملابس الـcut، مع تلك الأزمات عدت إلى طرح الأسئلة من جديد، وأضفت إليها أسئلة جديدة:
ماذا لو رضخ المجتمع المصري وطبّق آراء إبراهيم عيسى وسار على نهجه، هل سيتوقف الإعلامي عن طرح الآراء المستفزة وإثارة الجدل؟ هل سيتوقف عن التحدث من منطلق أنه يفهم، وأن الآخرين جهلاء لا يفهمون؟ هل سيتوقف عن الصياح؟
أعتقد أن إبراهيم عيسى لن يتوقف عن صياحه المعهود مهما حدث، فتلك الشخصية -في اعتقادي- تعيش على الصياح وإثارة الجدل، تلك الشخصية تستمتع بنظرة التعالي التي تنظر بها للآخرين، وأعتقد أن وصول جميع أفراد المجتمع المصري للحالة المثالية التي يراها إبراهيم عيسى قد يؤرقه ويزعجه أكثر من حالته الحالية التي لا ترضيه، فإذا لم يستطع إبراهيم عيسى توجيه نظرات التعالي للآخرين ووصفهم بالجهل والرجعية، فإن ذلك قد يفقده متعة الشعور بالعظمة والتميز.
كنت أود أن أنهي كلامي بأن أقول: اتركوا إبراهيم عيسى يصيح، ولا تنشغلوا بصياحه، ولكن -وللأسف الشديد- صوت صياح إبراهيم عيسى أصبح مزعجاً لدرجة لا يمكن تحملها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.