هستيريا بايدن ودعاية هوليوودية.. لماذا تريد أمريكا إيقاع روسيا في فخ أوكرانيا؟

عدد القراءات
665
عربي بوست
تم النشر: 2022/02/16 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/16 الساعة 14:44 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن - Getty Images

منذ مدة يصر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على أن روسيا  أصبحت في جهوزية تامة لغزو أوكرانيا، وبهذه المناسبة أثار هستيريا دولية بحملة بروباغاندا "هوليوودية" وبدأ يخطط لطريقة الرد الحاسم على تدخل "الدب الروسي" وراح يجدول العقوبات التي ستلحق بروسيا، وطلب من حلفائه الحذو حذوه  لمواكبته في ردع روسيا. وبدأ البحث عن الغاز لتعويض أوروبا عن توقف إمدادات الغاز الروسي "الوشيك"، حتى إن اليابان أبدت استعدادها  لتزويد أوروبا من الاحتياطي الذي تملكه.

ولم يمر يوم واحد دون وصول طائرات شحن إلى كييف لتزويد الجيش الأوكراني بأحدث الأسلحة والذخائر بمشاركة دول حلف "الناتو"، حتى إن الرئيس بايدن حدد ساعة الصفر للغزو القادم لا محالة.
والسؤال: ما هو مصدر معلوماته حتى يعلنها بثقة لا تحتمل الشك؟ هل هو أمين سر بوتين؟

تشير كل المعطيات الموضوعية والميدانية إلى أن ساعة الصفر بيد الرئيس بايدن، لأن الولايات المتحدة ومنذ زمن تمتلك كثيراً من مفاتيح السياسة الأوكرانية، وأي إيعاز أمريكي لقادة أوكرانيا لا يرد، ومن هنا يعتقد البعض أن الغزو الأكثر احتمالاً هو الغزو المعكوس، أي أن أوكرانيا هي التي ستبدأ الحرب بحجة تحرير "دونباس"، لكن بهدف  تحقيق الرغبة الأمريكية بإيقاع روسيا في الفخ الأوكراني.

وما يؤكد احتمال الحرب هو التناقض في تصريحات القيادات الأوكرانيين، حيث من المحتمل أن يكون هذا التناقض مقصوداً كخطة تعمية لتحميل الروس مسؤولية بدء الحرب.
فدعوة الرئيس الأوكراني للرئيس بايدن لزيارة كييف بأقرب وقت من أجل "التهدئة" مجرد خدعة مكشوفة، لأن من يصعد ويسعر الحرب حقيقة هو الجانب الأمريكي. إضافة إلى ذلك فالرئيس الأوكراني يتحدث عن أن الأوضاع ما زالت مقبولة وإطلاق هيستريا حول أوكرانيا ألحق أضراراً بالاقتصاد الأوكراني حتى إن أحد المسؤولين الأوكرانيين طلب من أمريكا تأكيداً للمعلومات حول الغزو الروسي المؤكد.
وفي إطار "التسخين" لبدء الحرب، تجري أوكرانيا تدريبات عسكرية مكثفة شملت حتى النساء المجندات وتجرب مناورات هجومية، تزامنت مع تصعيد حاد في اللهجة الأوكرانية الرسمية، حيث وجه رئيس الأركان الأوكراني رسالة إلى القوات الروسية المنتشرة على حدود بلاده، قال فيها: "أهلاً بكم إلى الجحيم".

ويتزامن  تاريخ بدء الغزو الروسي المزعوم  الذي أطلقه الرئيس بايدن مع تواريخ تدل آثارها على البصمات الأمريكية، فالموعد المضروب لهذه الحرب يتزامن مع الأولمبياد الشتوية المقامة في العاصمة الصينية، بكين، كما تزامن انقلاب أوكرانيا في العام 2014 مع دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي.
ومع دورة الألعاب الأولمبية الصيفية للعام 2008 في بكين شنت جورجيا حربها مع روسيا ضد مقاطعاتها المنشقة، بأمر من الولايات المتحدة حتى بات عرفاً أن أي حرب تبدأ في القطاع الروسي بالتزامن مع الأولمبياد تكون شرارتها الأولى أمريكية.

بالمقابل فإن الحشد العسكري الروسي بدأ بعد أن اشتدت حدة المعارك بين الجيش الأوكراني والميليشيات الانفصالية في إقليم "دونباس" في شهر تشرين من العام الماضي وحينها كان الطرف الأوكراني المبادر بالتصعيد. إضافة إلى ذلك فإن السياسة الروسية واضحة في رفض انضمام أوكرانيا إلى حلف "الناتو"، وأنه -أي الانضمام- سيؤدي إلى غزو روسي لأوكرانيا. الخط الاحمر الآخر هو تقدم  للجيش الأوكراني في الأقاليم الانفصالية، والذي سيجابه بردع روسي شبيه بما جرى في شبه جزيرة القرم سنة 2014. 

بوتين يتهم أمريكا بدق طبول الحرب في أوكرانيا

لماذا تريد أمريكا إيقاع روسيا في الفخ الأوكراني؟

وهنا يكمن السؤال الحقيقي: لماذا تريد أمريكا إيقاع روسيا في الفخ الأوكراني؟

كان من أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي غزو أفغانستان حيث تصدعت قوة الردع السوفييتية وتكبد السوفييت حينها خسائر بشرية واقتصادية ساهمت إلى حد كبير في تسريع عملية الانهيار. ولاحتواء النفوذ الروسي المتصاعد مؤخراً في إفريقيا والشرق الأوسط تحاول الولايات المتحدة تكرار السيناريو الأفغاني لكن هذه المرة الضحية ستكون أوكرانيا. وما يسعى إليه الرئيس بايدن أيضاً هو إعادة تعويم وضعه الداخلي بتصدير المشاكل للخارج، وارتداء بزة "سوبرمان" في مواجهة "الشرير" الروسي".
خصوصاً أن السنة الأولى من عهده لم تكن ناجحة، لذلك بات لا يعارض إرادة المجتمع العسكري الصناعي الذي ينتعش في الحروب خصوصاً بعد أن حمله البنتاغون مسؤولية ما بات يعرف بـ"الانسحاب المخزي من أفغانستان" .

هي إذن محاولة من الرئيس الأمريكي للهرب من السقوط في نتائج الانتخابات النصفية القادمة التي تدل المؤشرات على خسارة الحزب الديمقراطي للأكثرية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ناصر الحسيني
كاتب صحفي لبناني مقيم في إفريقيا
مواليد 1958 بلبنان، حائز على ماجستير في الهندسة المدنية من جامعة الصداقة في موسكو سنة 1983 ودبلوم دراسات عليا سنة 1990. مهندس استشاري لدى منظمة الأمم المتحدة للتنمية UNDP، عملت في جريدة الديار قبل عام 2000، وكذلك لي كتابات ومساهمات في جريدة النهار وجريدة البلد، مقيم في إفريقيا منذ 2010 بشكل شبه دائم في غينيا الاستوائية وغينيا بيساو.
تحميل المزيد