"بينما تتبادلون الورود والقلوب الحمراء تذكرونا نحن البؤساء السناجل في عيد الحب" كانت تلك تغريدتي على "تويتر" في عيد الحب، وفور نشرها تلقيت اتصالاً من "حبيبتي" كما وصفتها، وأنا أهاتفها استقبلت رسالة عبر تطبيق "الواتساب" من أخرى تذكرني بحديث حميمٍ جمعنا الليلة الماضية، مختتمة رسالتها بـ"وحشتني"، وحينما أنهيت اتصالي تلقيت "أحبك" عبر رسالة في الماسنجر من ثالثة، وحينما هممت بفتح "أنستجرام" وجدت رابعة تشير إليَّ في قصتها بصورة تجمعنا سوياً!
أخيراً عدت إلى صديقي "تويتر" الذي تملكه شركة أخرى، ولكنه علم- لا أدري كيف – بعلاقاتي تلك، ولكنه لم يوبّخني أو يلمني، إنه فقط رشح لي تغريدات ومغردين يتحدثون عن الحب، الصديق حقاً من يقف بجوار صديقه، لكنني سألته هل لديه أصدقاء مثلي، يغردون عن "السنجلة" مع العزاب، ويكتبون كلمات الحب مع العشاق، وأخبرني أنه لم يكن متفهماً هذا الأمر في بادئه، لأنه غربي الولادة والنشأة، ولكنه بدأ يفهم أكثر عن طبيعتنا نحن العرب، وعن تقلباتنا، وعن كوننا لسنا عزّاباً حقاً ولا عشاقاً بالمعنى المفهوم لدى الغرب ولا حتى العرب قديماً، مستطرداً أنه ربما هذا هو سبب قلة إنتاجكم حتى في الشعر الذي كنتم الأبرع فيه، وارتضيتم بما يتاح لكم من مساحات يصنعها من صنعوني.
عزيزي تويتر، لا تدخلني في قصص أكبر مني، واجعل نقاشنا واضح المعالم عن الحب والعزوبية، وكيف اكتشفت أني سنجل بأربع حبيبات؟!
أجابني تويتر "صديقي العربي العازب العاشق، لست عازباً بأربع حبيبات كما تدعي، إنهن كثر، ولست وحدك حبيبها بالنسبة إليهن، ولكنكم صديقي تفضلون النسيان أو الإيهام بكونكم لا تدرون، فيا عزيزي تفيض مشاعركم هنا في محرابي في أعياد الحب تلك التي جلبناها لكم من موطني الأصلي، أو تلك التي صنعتموها في بلادكم، فإنا نعلم كل شيء حتى الذي لا تقولونه، فهذا فلكنا وتدورون فيه"، ثم بدأ يحدثني عن كيف تقوم الشركات الرقمية العملاقة كتلك التي تملكها عن مراكمة بياناتنا نحن المستخدمين من كافة أرجاء المعمورة، واعتبارها رأس المال الجديد، وإتاحتها لمن يدفع أكثر أو من يسرق أفضل، فكل ما يجمعونه منا يتم تحليله وترجمته ومن ثم بناء نماذج تنبؤية، قائلاً "نظامنا يتخلل كافة جوانب وجودكم؛ لدرجة أنه لا يمكنكم التخلي عنا، ولا تصدق مارك زوكربرغ في قوله مجاني وسيظل مجاني فأنتم تدفعون له أكثر من المال، ويبخسكم الثمن، هو كاذب في تلك كما أوضحت الأيام أنه كذب حينما قال المستقبل للخصوصية، وجميعهم مارك كما تقول نساؤكم جميعهم مصطفى أبو حجر".
مرة أخرى تحدثني عن أشياء لا أفهمها، وصدقني لا أهتم بمن يتجسس عليّ ولا بتحليل بيانات مستهتر بالمشاعر والقيم الإنسانية، فأنا "هلّاس مش عالم فيزيا نووية" ولهذا لا أعتقد أني مفيد لمن يملكونك، وساخراً قال لي "يبدو أنك لم تفهم بعد الأمر ليس فقط لتوجيهك لشراء أشياء معينة، إن الأمر أعمق من هذا بكثير، وانظر كيف تغيرت من ملك تحكم الدنيا وتسودها، لصلصال أشكل وعيه وأقلّب قلبه".
صديقي تويتر لم أتغير من الأساس، ولا تدخلني في أشياء أعمق مني، فقبل أن تأتي إلى دنيانا بصحبة زملائك مواقع التواصل الاجتماعي، كانت لدينا أغنية "فاطمة وماريكا وراشيل" لمحمد فوزي، وهكذا ولد معها حبنا لكافة الجميلات لا فرق بين لونها ولا حتى تقاسيم جسمها، ولا حتى طبعها، أو علمها، كل تلك الأشياء هامشية فنحن نحب الجمال، وهكذا تطور هذا الحب مع فؤاد المهندس وقلبه "اللي غاوي سبع قارات" وسطر أحمد زكي مبدأنا بأن "امرأة واحدة لا تكفي"، أرأيت، لم أتغير؟.
ساخراً أجابني تويتر "امرأة واحدة لا تكفي، صحيح لم تتغير، أتدري أنكم تبحثون عن شخص لم يفعل ما فعلتم، ولا أدري حقاً كيف يصبح هذا ممكناً بينما تتنقلون من واحدة لأخرى كما تتنقل النحلة عبر الزهور، ثم اتكأ وقال "أتدري أنكم في مصر تحصون عدد العزاب بـ 760.9 ألف عازب فوق الأربعين- حسب بيان التعبئة والإحصاء في 2019- ولكن يخيل لي أنهم جميعهم مثلك عزاب بأربع حبيبات، دون النظر للأحباب المشتركين، فهابي فلانتين داي صلصالي العزيز وألتقيك في اليوم العالمي للسناجل".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.