عزيزتي المقبلة على الطلاق.. لماذا عليك ألا تصدقي “البحث عن علا”؟

عدد القراءات
9,004
تم النشر: 2022/02/14 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/14 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
مسلسل "البحث عن علا" الشبكات الاجتماعية


لا تصدقي "البحث عن علا"، فعندما يفجعك زوجك بقرار الطلاق، سيكون حزنك وصدمتك النفسية أكبر من مجرد يومين تمضينهما في الفراش، مثل علا، ثم تتابعين حياتك بمنتهى الاتزان.

وعندما يطلقك زوجك من المرجح أنه لن يتركك في شقة فاخرة ولن يعطيك مصروف الأطفال بدون مشاكل أو محاكم، مثل علا، ولن يعرض عليك مصروفاً شهرياً سخياً، وبعد الطلاق لن تلتقي بالصدفة بمدرب أعمال أسمر ووسيم ومشهور على مستوى الشرق الأوسط، لينعتك بالعنقاء، وليتبرع بتدريبك بالمجان لبدء مشروعك الخاص، مثل علا، ثم ينسحب من حياتك بدون تحرشات أو إزعاجات.

وبعد الطلاق لن تقرر صديقتك الثرية أن تستثمر كل ثروتها في مشروعك الجديد، لتفتتحي متجرك الخاص ذا الديكورات الفخمة في منطقة فاخرة من المدينة، ولن تتحول صورة واحدة لمنتجاتك بالصدفة إلى تريند وتنتشر على أوسع نطاق، مثل علا، ليصبح مشروعك براند ناجحاً وبراقاً.

وبعد الطلاق لن يقع في حبك شاب يصغرك بثماني سنوات، ويأخذ على عاتقه تحقيق كل أمنياتك المؤجلة، مثل علا، كالتخييم في الصحراء، وتعلم ركوب العجلة، والحصول على تاتو!

وبعد الطلاق لن يدخل حياتك العاطفية عريس لقطة، كجارك جراح القلب الأرمل الوسيم ذي العينين الخضراوين، مثل علا، لتخوضا معاًً أحاديث رومانسية تحت ضوء القمر.

عزيزتي المقبلة على الطلاق، علا عبد الصبور تكذب عليك، أو أن من يروي قصتها يكذب، فالحياة بعد الطلاق صعبة للغاية على المرأة، ولا توجد فيها كل هذه التسهيلات، ولا تتحقق فيها كل الأحلام المؤجلة.

إن المرأة المطلقة تضطر لخوض معارك كبيرة من أجل الحصول على حقوقها المالية من طليقها، وتغلق الأبواب في وجهها عندما تحاول البحث عن عمل لائق بعد سنوات من المكوث في المنزل، وقلما يقدم لها الرجال الخدمات دون محاولة للتحرش بها، وتصبح فرص زواجها برجل يناسبها قليلة، ولا تستطيع التحرك في المجتمع بحرية دون أن تتهم ويُساء الظن بها.

إن علا عبد الصبور تكذب، أو أن من يروون قصتها على لسانها يكذبون، إن الشيء الوحيد الصادق الذي قالوه هو عنوان المسلسل: البحث عن علا!

والحقيقة أنني بحثت عنها فلم أجدها، فهي لا تشبه علا عبد الصبور في الموسم الأول من المسلسل "عايزة أتجوز"، بل تبدو مختلفة كلياً بشكل لا يمكن تبريره حتى بحجة "نضج الشخصية".

إنها "علا" جديدة باهتة ومتناقضة ومهزوزة وثقيلة الظل، بل إن كل عالمها مختلف عن العالم الأصلي للمسلسل، فالبيئة المصرية الأصيلة في "عايزة أتجوز" تحولت إلى بيئة أمريكية أو لنقل "مؤمركة": الحي والمنزل والأثاث، بل حتى الأشخاص والحوارات والعلاقات تبدو مؤمركة بشكل فج، حوارات الأبوين مع الأولاد، علاقة علا بحبيبة زوجها، علاقتها بطليقها، الرجال في حياتها، مغامراتها الرومانسية، شرب الكحول والديسكو والملابس القصيرة.

لم يبقَ من علا القديمة شيء يُذكر، ولم يبق من عالمها القديم إلا شخصية حماتها، والعريس البدين، وجانب شخصية من أمها!

إن كل الشخصيات الرئيسية في المسلسل تبدو مرقعة، غير مبنية باحتراف، وكأنها مزيج غير متجانس من عدة خلفيات ثقافية، فالزوج الذي منعها من لقاء صديقتها المقربة طوال سنوات زواجهما مثلاً، هو نفسه الزوج الذي طلقها بتحضر، وهو نفسه الذي تقبل على مضض أن يكون لديها Date مع رجل آخر! 

وأمها المحجبة التي تصلي جالسة، هي ذاتها التي قبلت بنشر صورتها بشعرها الرمادي للترويج للمنتج من أجل قسم من الأرباح.

إن علا عبد الصبور تكذب، أو أن من يروون قصتها على لسانها يكذبون، فقد كانت رسالتها في الحلقة الأخيرة من مسلسلها الأول، أن من حق كل فتاة أن تقول بملء فمها إنها "عايزة تتجوز"، أما علا الجديدة فإنها تقودكِ إلى خاتمة مفادها أن الزواج مؤسسة فاشلة، إياك أن تتزوجي.

 إن هذه الفكرة تكررت على لسان عدة شخصيات في المسلسل بتنويعات مختلفة، هذا المسلسل يصح أن يكون عنوانه "مش عايزة أتجوز"، والبديل هو علاقات بلا زواج، في أمركة فجة للمجتمع العربي!

بالمختصر، إن صناع مسلسل البحث عن علا استعاروا شخصية علا عبد الصبور في "عايزة أتجوز" من أجل محاولة إنجاح عملهم الجديد، لكنهم لم يكونوا أوفياء لها، وحشروها في قصة مملة وغير محبوكة، ذات أحداث مسلوقة، وحوارات مبتذلة، وبيئة مستعارة، وشخصيات مرقعة، ونهاية سخيفة!

إن محنة المرأة المطلقة في العالم العربي هي أعمق وأصعب وأكثر مأساوية من أن يمثلها مسلسل البحث عن علا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ديما مصطفى سكران
كاتبة ومدونة مهتمة بشؤون المرأة والأسرة واللغة العربية
كاتبة ومدونة مهتمة بشؤون المرأة والأسرة واللغة العربية
تحميل المزيد