العراق الثاني عربياً في إهدار الطعام ويعاني من أزمة نفايات.. تقصير حكومي أم قلة وعي شعبي؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/09 الساعة 14:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/09 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش

في بلد تمتلك أرضه الخصبة ثاني أكبر احتياطي نفطي على مستوى الوطن العربي والخامس عالمياً، مع إمكانية أن يصبح ثالث أكثر بلد مصدر للنفط عالمياً بحلول عام 2030 حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية. ناهيك عن امتلاك العراق حضارة عريقة بدأت قبل الميلاد بأكثر من 4 آلاف سنة، من سومر وآشور والحضارة الآكدية والبابلية وغيرها من الحضارات العريقة، لكن هذا كله لم يعفِ البلاد من المعاناة بأوجهها المختلفة، فها هي مشكلة تراكم النفايات في الشوارع من دون وضع خطة مدروسة للتخلص منها تسكب المعاناة فوق أواني أهالي وسكان الأحياء الشعبية والفقيرة بالعراق.

محاولات حكومية باءت بالفشل!

حاولت الحكومات المركزية المتعاقبة بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 حل المشكلة، ولكنها فشلت، كما هي حال الحكومات المحلية. اللهم إلا محافظات إقليم كردستان، التي تتميز بتقديم الخدمات، بغضّ النظر عن شبهات الفساد التي تصرح بها الأحزاب الكردية المتنافسة فيما بينها، لأننا نتكلم عن تقديم الخدمات ومحور موضوعنا النفايات.
عقد كثير من الحكومات المحلية في الوسط والجنوب عقوداً مع شركات أجنبية مختصة في جمع النفايات، ولنأخذ محافظة النجف الأشرف مثالاً على ذلك، ففي عام 2012 تعاقدت الحكومة المحلية في المحافظة مع شركة أجنبية، من أجل جمع النفايات وتنظيف الشوارع والأحياء السكنية، ولكن ما إن استمرت أشهر إلا وتراجعت تلك الشركة، وانتهى العقد بشبهة فساد، دارت حول هذا الملف الذي أنتج خسائر بملايين الدولارات، ووقع الشعب ضحية الفساد المستشري.

العراق الثاني عربياً في إهدار الطعام

‏في الوقت الذي ترتفع نسبة الفقر في العراق إلى أكثر من 35% في عام 2021، حسب تقرير الأمم المتحدة ووزارة التخطيط العراقي، يأتي العراق في المركز الثاني بعد البحرين في الوطن العربي من الدول المهدرة للطعام (الطعام الملقى في النفايات) بنسبة 120 كغم للفرد الواحد سنوياً، بمجموع 5 ملايين طن سنوياً!

وما هذا إلا نتيجة قلة الوعي المجتمعي وتدني الثقافة العامة لدى الشعب، لعدم وجود دور واقعي لمنظمات المجتمع المدني ولا المؤسسات الحكومية التي ترعى الجانب الثقافي، وهذا الإهمال أنتج ثقافة رمي النفايات في الشوارع، مع انعدام الأماكن المخصصة التي يجب أن توفرها الدولة، مع وضع آليات قانونية تعاقب المخالفين بفرض ضرائب وغيرها من الأساليب الرادعة، التي من شأنها أن تقلل بنسبة معينة من المخالفة.

الحكومة أم الشعب.. مَن المسؤول؟ 

عندما نتكلم حول التقصير الحكومي في حل مشكلة النفايات، وما يشوب الأداء الحكومي من ملفات فساد وتقصير وتكاسل عن خدمة الوطن من قبل المتصدين للعمل الحكومي، لا يمكن حصر الأمر بيد الحكومة فقط، الشعب المتمثل بالمجتمع له دور كبير في الحد من هذه الأزمة، حيث يمتلك مقومات التكافل بين أفراده، والمساهمة بنسبة معينة في القضاء على هذه الأزمة من خلال تفعيل روح العمل الواحد وحب الوطن والشعور بالمسؤولية تجاه البلد، وعدم رمي النفايات في الشوارع وتخصيص أماكن معينة لإلقاء القمامة وجمعها، كل حسب منطقته.
وكذا المساهمة المالية البسيطة في شراء حاويات كبيرة تكون مخصصة لرمي النفايات فيها، وعدم رميها على الأرض، وهناك كثير من الحلول والمقترحات لهذه المشكلة.

باختصار، المجتمع يستطيع المساهمة في حل أزمة النفايات، ولكن التقصير الحكومي ينعكس سلباً على المجتمع، فالفساد المستشري في البلاد أنتج حالة لا مبالاة عامة من قبل المجتمع. ولو أصرت الحكومة على معالجة الأزمة ووضعت الحلول وساهمت في القضاء على هذه النفايات من خلال إنشاء معامل لتدوير النفايات أو بيعها كما هو الحال في الدول الأوربية وغيرها لحلت المشكلة قبل أن تتحول لأزمة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حسين التميمي
كاتب وصحفي عراقي
تحميل المزيد