أمة واحدة بحق لكن بعضها عبيد للإعجابات.. 3 دروس من قصة ريان

عدد القراءات
1,000
عربي بوست
تم النشر: 2022/02/06 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/06 الساعة 09:27 بتوقيت غرينتش
تجمع الجماهير أثناء عمل المنقذين للوصول إلى الطفل ريان / رويترز

فزعت عندما دخلت بيتنا ووجدت أمي وأختي تبكيان بحرقة، وعندما سألتهما عن السبب قالت أمي وهي تبكي إن الطفل ريان قد خرج من البئر ميتاً، وهو ما جعل قلبي ينقبض بشدة خاصة وأنا أتخيل مشاعر والديه طوال هذه الفترة وهما بين الخوف والرجاء.

وأكثر ما آلم نفسي في هذا الأمر بعد تخيلي مقدار الألم والخوف الذي تعرض لهما الطفل ريان، هو المشاعر الصدمة التي أعقبت الأمل الذي كان كبيراً بنجاته، فالأمل يا صديقي له وجه شديد الظلام إذا لم يتحقق، وبعض الأشياء يكون اليأس منها أول طريق العلاج من أملها، وطوال هذه الأيام تعرض الوالدان وأهل ريان لموجات من الأمل واليأس تفتت أعتى القلوب، أسأل الله أن يربط على قلوب والديه.

لكن هذه المأساة التي انتهت على نحو مفجع بيّنت لنا بعض الأمور أحببت ألا تمر علينا مرور الكرام، سألخصها في ثلاث نقاط:

أولاً: قابلية هذه الأمة للوحدة إذا عرفنا الهدف

لم أشهد طوال حياتي اتحاداً للأمة الإسلامية والعربية على شيء مثلما اجتمع الجميع على لهفتهم وخوفهم على الطفل الفقيد ريان، جميع الفئات العمرية، أياً كانت ميولهم السياسية، كل الجنسيات العربية حتى الدول التي تحاول أنظمتها افتعال معارك بينهم لتعيش هي على لهيب هذه المعارك.

تداول الكثير من الناس صورة أمنا الجزائرية التي رابطت أمام الشاشة لتعرف مصير الفقيد ريان، والمشاهد لصورتها يشعر بأنها تود الدخول إلى الشاشة لتسهم مع القوات في مجهودات إنقاذ الطفل الفقيد، المشاهد لهذه الصور لا يستطيع أن يصدق أو يقتنع أن هناك أي عداء أو كراهية بين الشعب المغربي والجزائري.

 نحن وبحق وطن واحد وأمة واحدة جرى تقطيع أواصرها، وتبحث عن أي منفذ لوصل ما قطعة الاحتلال وأذنابه، أحياناً ترخص الكلمات الغالية والشعارات الحقيقية المعبرة عندما ينطق بها الخونة ووكلاء الاحتلال، فتتحول بسببهم إلى أكليشيهات وصيغ مبتذلة تمجّها الأذان وتنفر منها القلوب، وكلمة وطن واحد وأمة واحدة من تلك الشعارات، لكن مثل هذه الحادثة وإن انتهت بشكل شديد المأساوية، إلا أنها أحيت هذه الكلمات، وجعلتنا نشاهد إمكانية تحقق هذا الحلم إن اتحدنا على هدف نبيل يجمعنا، وفهمنا سبب اتحادنا تحت راية واحدة.

ثانياً: البعض يموت إن لم يزايد

فوجئنا بأن حالة التعاطف مع الفقيد ريان لم تعجب البعض فخرجت بعض الأصوات النشاز التي تقول: وهل ريان وحده من يعاني؟ أطفالنا في سوريا وفلسطين يعانون أيضاً! يا أخي هذا تنطّع وتفلسف في غير محله، لماذا لا تنظر إلى الأمر من وجهة أن هذا أول الغيث، وأنها بادرة خير لها ما بعدها، وأن من جمع الأمة على مثل هذه الحادثة يستطيع أن يجمعها على غيرها، وماذا تطلب منا هنا بالضبط؟ لماذا تثبط الناس وتبرد حماستهم في متابعة قضية يهتز لها أي إنسان سويّ، يتخيل ابنه مكان الفقيد ريان، ويتصور مدى المعاناة والخوف الذي شعر بهما هذا الطفل الصغير، أي قلب هذا الذي يضرب صفحاً عن كل هذا ويدعي التعمق والتفلسف، وهو والله تعمّق بالفعل لكنه في البحث عن أسفل ما في النفس من مشاعر، وأحطّ ما في العقل من أفكار.

ثالثاً: البعض يستطيع أن يتاجر بأي شيء حتى الآلام

أثناء بحثنا عن أخبار الفقيد ريان كنت أجد بعض العناوين التي تبشر بنجاة الطفل الفقيد، فإذا دخلت على الفيديو تجد شيئاً آخر تماماً! كل هذا من أجل تجميع بعض المشاهدات، هذا الموقف جعلني أدرك أن البعض منا أصبح مات قلبه بالكامل وأصبح عبداً للإعجابات والمشاهدات والتي لا تتوقف أمام دين أو خلق أو شعور وعلى استعداد للتضحية بأي شيء في مقابل الربح.

أخيراً أسأل الله أن يرحم الطفل الفقيد ريان وأن يجعله شفيعاً لوالديه، وأن يربط على قلوبهم ويرزقهم الصبر والسكينة، ويوحد أمتنا على الخير وجليل الأهداف.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي خيري
كاتب ومحامٍ مصري
كاتب ومحامٍ مصري
تحميل المزيد