تنتشر العلاقات الجنسية في مرحلة ما قبل الزواج في المجتمع الغربي، باتت تلك العلاقات تحت بند "الحرية الشخصية" التي لا تستدعي تدخلاً من الدولة أو المجتمع. بينما جموع الرافضين لتلك العلاقات يضعون مبررات كونها محرمة دينيا والبعض الآخر يرفضون الإعلان عن الرغبة الجنسية أمام العامة.
في عالمنا العربي، إشهار العلاقة بين الذكر والأنثى بالزواج، وفق الشروط الدينية، هو الشرط الرئيسي لممارسة الجنس. لكن في الآونة الأخيرة تأزمت ظروف الحياة، وصار من الصعب الزواج قبل تكوين ثروة مالية معتبرة، مما أدى إلى تأخّر سن الزواج، ومما أدى إلى مشكلة أعمق تتعلق بكيفية التعامل مع الرغبة الجنسية عند الرجال والنساء.
في المجتمعات الغربية وكثير من دول العالم تم حل الإشكال من خلال القبول أو غض النظر عن إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، كما سمح لمن تجاوز سن الرشد بأن يمر بعلاقات عاطفية وجنسية متعددة، حتى أن يلاقي الشريك الذي يشعر بأنه سيستمر معه في باقي حياته ويتم الزواج.
لكن في المجتمعات العربية ترفض هذه الحلول وتعتبر انحلالاً لأنها تخالف الدين، لكنها -أي المجتمعات- لن تتمكن من منع العلاقات السرية بين الجنسين والتي ينتج عنها الكثير من الكوارث.
على سبيل المثال، ينتشر الزواج العرفي والمسيار وزواج المتعة كحلول بديلة للزواج الشرعي المتفق عليه، وتلك الأشكال من الزواج لا يتوفر فيها الإشهار، الشرط الرئيسي لاعتبار تلك العلاقة زواجاً، كما تشترط هذه العقود بشكل مسبق تنازل المرأة عن حقوقها بالنفقة والميراث والسكن المشترك، بحيث تكون هذه العلاقات مجرد رخصة "دينية" لممارسة الجنس.
ومن مخاطر عدم إشباع الرغبة الجنسية تعرض بعض النساء للتحرش اللفظي والبدني في الشوارع ووسائل النقل والأسواق والمنتزهات والمناطق الخالية، كذلك انتشار حوادث الاغتصاب والتي أصبحت كابوساً يهدد حياة المرأة في مجتمعات تموج بالشباب المكبوت جنسياً واقتصادياً.
ورغم الحقيقة التي تخبرنا بمشاهدة الشباب العربي للمحتوى الجنسي، يلاحظ أن الكثير من المكبوتين جنسياً يكذبون عند سؤالهم عن أمورهم الجنسية وينكرون مشاهدتهم لمحتوى جنسي، لأنه يعدم قيمهم الأساسية وهذا النفاق للأسف سببه أزمة عدم إيجاد الحلول المناسبة للتغلب على مشكلة عدم إتمام العلاقات الجنسية.
تدريس الثقافة الجنسية
يرى البعض أن الثقافة الجنسية لا تحتاج إلى تدريس أو تعليم بل تحتاج إلى آداب تتفق مع الدين، لأن الجنس ليس غريزة حيوانية بل أرقى الغرائز الإنسانية وتدريسه ليس مسؤولية المُعلم فقط بل المدرسين كافة.
صحيح أن العلاقة الجنسية المشروعة أتت لأغراض سامية تتمثل بتحقيق العفة والتحصين بين الأزواج وكذا الرغبة في الإنجاب، لكن المتعة واللذة ليستا بالمحرمات.
ما زالت المواد الدراسية تهتم بشرح الأجهزة التناسلية، وعندما يقوم المعلم بالشرح يشعر الطلبة والطالبات بالخجل، هذا يدل على أن ثقافة الحديث عن الجنس في مجتمعاتنا العربية منعدمة. هذا الوضع يجب أن يتغير، ويجب أن تضاف حصص تدريسية حول موضوع الجنس وكيفية تحسين العلاقة الجنسية بين الزوجين والمحافظة على الصحة الجنسية من الممارسات الشاذة والخاطئة، على حسب أعمارهم الدراسية.
أي أن تكون المدارس ملزمة بتدريس مناهج تحذر من مخاطر المواقع الإباحية والمحادثات الجنسية والتحرش. كما يجب على مجتمعاتنا العربية تدريس الثقافة الجنسية، واضعين بالاعتبار أننا في وسط محيط الإنترنت والعولمة.
لعلاج هذه المشكلة ولكي نصل بأبنائنا وشبابنا إلى بر الأمان، يجب على الأسرة تثقيف أبنائها جنسيًّا لأنه يقع عليها عبء المسؤولية الأكبر.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.